بعد نجاح سلاحي التظاهر والاعتصام في ثورة 25 يناير، والتي أسقطت الرئيس السابق محمد حسني مبارك، وخلعه من منصبه بعد 30 عامًا من حكم مصر، بات كل من له مطلب يخرج في اعتصام أو تظاهرة ليطالب بمطالبه الشخصية من رفع الأجور وزيادة الحوافز والمكافآت أو طلب تثبيت للعمالة المؤقتة، وكانت الأداة المشتركة في كل مشاهد الاعتصام هى قطع الطرق كوسيلة ضغط على الحكومة لتنفيذ المطالب بأسرع وقت ممكن، لتأتي فتوى مفتى الديار المصرية فضيلة الشيخ علي جمعة لتحرم، بل وتجرم قطع الطرق. وعلى الرغم من وجود العديد من الاختلافات بين القوى والتيارات الإسلامية المتعددة إلا أن هذه الفتوى لاقت استحسان الجميع. فقد أصدر الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية فتوى شرعية مفادها، أن قطع الطريق حرام شرعًا، وكبيرة من الكبائر، معتبرًا أن الاعتداء على الطرق وقطعها من اللعنات الثلاث التي ذكرها التشريع الإسلامي. فيما وصف الدكتور محمد القوصي وزير الأوقاف قاطعي المرافق الحيوية والطريق كمثل "الذي يقتل نفسًا" . وعقب الدكتور عبد المعطي بيومي – عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف – على فتوى تحريم قطع الطريق بأن قاطع الطريق هو محارب لله ورسوله ويطبق عليه حد الحرابة. وأكد بيومي أن النص القرآني ترك للقاضي حق الاختيار، ما بين القتل أو الصلب أو قطع الأيدي والأرجل من خلاف أو النفي من الأرض، لافتًا إلى أنه على القاضي الاختيار من بين العقوبات التي نص عليها القرآن بما يتوافق مع الحجم الذي وصلت إليه الجريمة. واتفق التيار الإسلامي السياسي متمثلاً في جماعة "الإخوان المسلمون" والتيار السلفي مع ما أقرت به دار الإفتاء بشأن هذا الموضوع وذلك إيذانًا على وجود بوادر أمل تشير إلى اتفاق بين جميع المؤسسات الإسلامية، الرسمية والسياسية. فيما أكد الدكتور محمود غزلان، المتحدث الإعلامي لجماعة "الإخوان المسلمون"، أن دار الإفتاء المصرية تعد مرجعية لكل المسلمين المصريين، موافقًا على الفتوى التي أقرّت بأن قاطع الطريق كأنه قتل نفسًا. وصرح غزلان بأن جماعة "الإخوان المسلمون" توافق على كل ما يصدر عن أهل الاختصاص بالضرورة ويقرون بصحته. وعلى الجانب الآخر فقد أعلن اللواء عادل عفيفي – رئيس حزب الأصالة السلفي – موافقته لرأي دار الإفتاء في قاطع الطريق وتشبيهه بقاتل النفس، مؤكدًا أن من يعترض الطريق للحصول على مطالب فإن تصرفه خالٍ من كل أشكال السلمية ولا يجب التعاطف معه لأنه لا يعدو كونه قاطع طريق. في حين أوضح الدكتور عبد المنعم الشحات – نائب رئيس الجبهة السلفية – أنه يجب التفريق بين الفتاوى وبين الوعظ العام الذي يراد به درء المخاطر وهو ما ينطبق على حكم الإفتاء على قاطع الطريق. وأكد أن ما أطلقته الإفتاء كان من باب التنفير من فعل "قطع الطريق" الذي قد يؤدي إلى تأخر طبيب عن المريض حتى يموت، أو تأخر الشرطة مثلاً عن نجدة شخص ما، و بالتالي يصبح حكمه كقاتل النفس عمدًا.