تحاول الدولة المصرية جاهدة السيطرة على حالات الطلاق المتزايدة في الفترة الحالية، والتي تعتبر أزمة كبيرة بين الأزواج، وتشكل عائقا كبيرا في المجتمع، وتزامنا مع هذه الأزمة تتم مناقشة مشروع قانون الأحوال الشخصية بين مؤسسات الدولة المختلفة للوقوف على المسودة النهائية للخروج بمشروع القانون. ومع هذه المناقشات، يأتي الحديث عن الطلاق الشفوي ومسألة توثيقه، والتي دار فيها جدال ساخن خلال الفترة الماضية بين مؤيدين لوقوعه، ورافضين له. بدوره، كشف مصدر بمجمع البحوث الإسلامية، عن موقف الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، من إلغاء الطلاق الشفوي ضمن مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد. وقال المصدر، إن الأزهر ودار الإفتاء المصرية، أكدا أن الطلاق الشفوي واقع بالإجماع، وأن الزوج عليه مسئولية توثيق الطلاق طالما صدر منه اللفظ الصريح، وبعد أخذ رأي الشرع في أن طلاقه قد وقع بالفعل. وأكد المصدر أن الرأي الشرعي للطلاق الشفوي، صدر عن المؤسسات المنوطة بالإفتاء في الدولة وهما الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، أما الدولة المصرية فهي التي تنظم آلية توثيق الطلاق وإلزام الزوج بهذا الأمر جال وقوعه، ولها كذلك أن تشرع من القوانين ما يجرم عدم توثيق الطلاق أو تهرب الزوج منه. رأي هيئة كبار العلماء وكانت هيئة كبار العلماء، برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أقرت وقوع الطلاق الشفهى دون اشتراط توثيق أو إشهاد، وعقدت هيئة كبار العلماء بالأزهر، عدَّة اجتماعاتٍ في عام 2017م، لبحثِ عدد من القضايا الاجتماعية المعاصرة؛ ومنها حكم الطلاق الشفويِّ، وأثره الشرعي، وقد أعدَّت اللجان المختصَّة تقاريرها العلمية المختلفة، وقدَّمتها إلى مجلس هيئة كبار العلماء الذي انعقد يوم الأحد 8 من جمادى الأولى 1438ه الموافق 5 من فبراير 2017م. وانتهى الرأي في هذا المجلس بإجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم وتخصُّصاتهم، إلى القرارات الشرعية التالية: أولًا: وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانَه وشروطَه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، وهو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحتى يوم الناس هذا، دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق. وأضافت: "ثانيًا: على المطلِّق أن يُبادر في توثيق هذا الطلاق فَوْرَ وقوعِه؛ حِفاظًا على حُقوقِ المطلَّقة وأبنائها، ومن حقِّ وليِّ الأمر شرعًا أن يَتَّخِذَ ما يلزمُ من إجراءاتٍ لسَنِّ تشريعٍ يَكفُل توقيع عقوبةً تعزيريَّةً رادعةً على مَن امتنع عن التوثيق أو ماطَل فيه؛ لأنَّ في ذلك إضرارًا بالمرأة وبحقوقها الشرعيَّة". وترى هيئة كبار العلماء أنَّ ظاهرةَ شيوع الطلاق لا يقضي عليها اشتراط الإشهاد أو التوثيق، لأن الزوجَ المستخفَّ بأمر الطلاق لا يُعيِيه أن يذهب للمأذون أو القاضي لتوثيق طلاقه، علمًا بأنَّ جميع إحصاءات الطلاق المعلَن عنها هي حالاتٍ مُثبَتة ومُوثَّقة سَلَفًا إمَّا لدى المأذون أو أمام القاضي، وأنَّ العلاج الصحيح لهذه الظاهرة يكون في رعاية الشباب وحمايتهم من المخدرات بكلِّ أنواعها، وتثقيفهم عن طريق أجهزة الإعلام المختلفة، والفن الهادف، والثقافة الرشيدة، والتعليم الجادّ، والدعوة الدينية الجادَّة المبنيَّة على تدريب الدُّعاة وتوعيتهم بفقه الأسرة وعِظَمِ شأنها في الإسلام؛ وذلك لتوجيه الناس نحوَ احترامِ ميثاق الزوجية الغليظ ورعاية الأبناء، وتثقيف المُقبِلين على الزواج. وحذِّرُت هيئة كبار العلماء بالأزهر، المسلمين كافَّةً من الاستهانة بأمرِ الطلاق، ومن التسرُّع في هدم الأسرة، وتشريد الأولاد، وتعريضهم للضَّياع وللأمراض الجسديَّة والنفسيَّة والخُلُقيَّة، وأن يَتذكَّر الزوجُ توجيهَ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ الطلاق أبغَضُ الحلال عند الله، فإذا ما قرَّر الزوجان الطلاقَ، واستُنفِدت كلُّ طرق الإصلاح، وتحتَّم الفراق، فعلى الزوج أن يلتزم بعد طلاقه بالتوثيق أمام المأذون دُون تَراخٍ؛ حِفظًا للحقوق، ومَنعًا للظُّلم الذي قد يقعُ على المطلَّقة في مثلِ هذه الأحوال. واقترحت الهيئة أن يُعادَ النظرُ في تقدير النفقات التي تترتَّب على الطلاق بما يُعين المطلَّقة على حُسن تربيةِ الأولاد، وبما يتناسبُ مع مقاصدِ الشريعة.