* المؤرخ المصري عاصم الدسوقي: * بريطانيا رفضت دعم مصر بالسلاح في العهد الملكي وأمريكا تتضامن معها * عبد الناصر يُصعّد ويلوح بالسلاح الشرقي * أمريكا تتراجع بشروط وعبد الناصر يتجاهل ويتمم "صفقة الأسلحة" بإندونيسيا * السادات يحكم مصر ويتواصل مع المخابرات الدولية لبحث الخطر الاسرائيلي * أمريكا تشترط طرد الخبراء السوفييت من مصر لتتدخل في تسوية الصراع العربي الإسرائيلي * نحتاج لرجل بقوة عبد الناصر لتنقلب صفحة التاريخ وتعود صفحة المعونة الروسية باختصار .. عقب توصية الإخوان بقطعها وتلويح أوباما بالاستجابة.. يأتي دور التاريخ ليشرح حال الجيش المصري قبل المعونة الأمريكية.. ليؤكد لنا أن إعادة الصفحات الماضية المشرفة منه تحتاج لمن يقول للأمريكان "اشربوا من البحر" ففي تطور جديد للمشهد السياسي المصري عقب عزل نظام الإخوان المسلمين الذي كان يحكم عبر الدكتور محمد مرسي، أوصى التنظيم الدولي للإخوان في آخر اجتماعاته في تركيا على ضرورة الضغط على الجانب الأمريكي ليقطع معونته العسكرية عن مصر. وهو الإجراء الذي تزامن مع أحدث أشكال الشد والجذب الذي تمارسه الولاياتالمتحدةالأمريكية عقب سقوط الإخوان في مصر، حيث أصدر باراك أوباما أوامره لوزارة الدفاع الدفاع الأمريكية "البنتاجون" لمراجعة موقف المعونة العسكرية التي تصرف لجمهورية مصر منذ عهد الرئيس السابق محمد أنور السادات، ذلك بعد أن شهدت الدولة المصرية تغييراً جذرياً في ملامحها، التغيير الذي شمل إنهاء حكم نظام الإخوان المسلمين وعزل رئيسهم الدكتور محمد مرسي، عقب ثورة شعبية خرجت في 30 يونيه 2013 مادياً بإنهاء هذا الحكم. و هنا يأتي دور التاريخ ليشرح لنا كيف كان الجيش المصري قبل أن تخصص له الولاياتالمتحدةالأمريكية مليارا و ثلاثمائة مليون دولار أمريكي كمعونة سلاح. جمال عبد الناصر وبداية المعونة وهنا يروي لنا المؤرخ المصري المتخصص في التاريخ الحديث الدكتور عاصم الدسوقي و يقول :إن قصة المعونة العسكرية بشكل عام بدأت في زمن الزعيم الثوري و رئيس مصر الراحل جمال عبد الناصر، واعتمدت مصر بشكل أساسي على المعونة العسكرية القادمة من الكتلة الشرقية و من الاتحاد السوفيتي سابقاً على وجه التحديد، ذلك بعد أن وقعت صفقة الأسلحة الشرقية في نوفمبر عام 1955 بإندونيسيا، في إطار مؤتمر "بلدونج" بإندونيسيا والذي كان حاضراً فيه جمال عبد الناصر في أول خروج له خارج مصر، والتقى هناك برئيس وزراء الصين الشعبية آنذاك والذي لم يكن عضواً بالأمم المتحدة. وتم التنسيق في هذا اللقاء للصفقة المذكورة والتي أصبحت على إثرها مصر تتلقى المعونة العسكرية من الاتحاد السوفيتي، وكان الاتحاد السوفيتي آنذاك يجيد فنون الحرب الباردة فأصبح السلاح يتدفق على مصر ، الأمر الذي أغضب الولاياتالمتحدةالأمريكية التي لم تتوقع أن ينفذ عبد الناصر تهديداته المتوالية عبر الخطابات التي كان يلقيها باللجوء إلى الكتلة الشرقية بعد رفض الغرب إمداد مصر بالسلاح. وفي هذا الجانب أوضح الدسوقي، أن مصر كانت قد طلبت من بريطانيا في عهد الملكية وزمن الاحتلال البريطاني لمصر أن تمد مصر بباقي الأسلحة المتفق عليها في معاهدة 36، فرفضت بريطانيا الطلب كنوع من لي الذراع للجانب المصري الذي يسعى للجلاء و محاربة الاحتلال، الأمر الذي جعل جمال عبد الناصر يتوجه بطلبه للولايات المتحدةالأمريكية لتمد مصر بمعونة عسكرية، فما كان منها إلا أن رفضت بالتنسيق مع دولة بريطانيا التي ترعيان نفس المصالح، وأخذ عبد الناصر بعد ذلك يلوح في خطاباته بأنه سيستعين بالكتلة الشرقية. و عندما لاحظت الولاياتالمتحدة ذلك وافقت على منح مصر الأسلحة ولكن بشرط أن تكون هناك بعثة أمريكية عسكرية ترافق الأسلحة لتراقب استخدام مصر لها، الأمر الذي رفضه جمال عبد الناصر كليةً ونفذ تهديده الذي تبلور بصفقة الأسلحة الشرقية التي بات الاتحاد السوفيتي يمنحها لمصر كأحد أهم القوى العظمى في العالم آنذاك. السادات ينهي المعونة الروسية بأمر أمريكي انتهى أمر المعونة الشرقية بدخول عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذي طرد الخبراء "الروس- السوفييت-"من مصر تنفيذاً لرغبة الإدارة الأمريكية وكان ذلك في مايو عام 1972. وفي شرح هذا الجانب قال الدسوقي: عندما انفرد السادات بالحكم في سنة 1971 ، بدأت اتصالات مخابراتية بينه و بين أمريكا من خلال رومانيا و إيران و السعودية حول أهمية الدور الأمريكي في الصراع مع الكيان الإسرائيلي و أنها تستطيع تسوية هذا الصراع بسهولة، و من بعد ذلك بدأ السادات يصرح تصريحه الشهير بأن 99% من أوراق الصراع في الشرق الأوسط بيد الولاياتالمتحدةالأمريكية ، حتى جاءته الرسالة الأمريكية عبر مخابرات المملكة العربية السعودية والتي تفيد ب"إذا أردت أن تتدخل أمريكا لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي فالمطلوب أن تتخلص من خبراء السوفييت الموجودين بين صفوف الجيش المصري من ناحية و الإفراج عن الإخوان المسلمين المعتقلين منذ عام 66 وبينهم سيد قطب من جانب آخر". وعلى الفور تم الاستغناء عن كل الخبراء الروس بدعوى أنهم "شيوعيون" وغيرها من التهم، وتم توقيع اتفاقية السلام في 1979 التي تحتوي على بروتوكولات تشترط على مصر عدم تنويع مصادر السلاح وألا تأخذ سلاحها إلا من الولاياتالمتحدةالأمريكية. إعادة التاريخ وعن إمكانية تكرار صفحة الاتحاد السوفيتي في دعم مصر عسكرياً و أن تعود مصر مجددًا لتأخذ سلاحها من الكتلة الشرقية بعد توالي التهديدات الأمريكية بقطع المعونة العسكرية إثر سقوط نظام الإخوان المسلمين، قال الدسوقي: يمكن أن يتحقق ذلك فعلاً إذا أتى الحاكم المصري الجديد قوياً و حراً و تكراراً لجمال عبد الناصر الذي أطلق مقولته الشهيرة ضد الأمريكان "يشربوا م البحر الأبيض، و لو مش عاجبهم يشربوا م البحر الأحمر".