شهدت الأيام القليلة الماضية، جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، إثر إعلان مجمع اللغة العربية بالقاهرة، إجازة استخدام كلمة "استعبط" في اللغة العربية، وقال عن سبب هذه الإجازة، إن من إجازات لجنة الألفاظ والأساليب بالمجمع: استعبط فلانٌ فلانًا: تصوّره أو ظنَّه عبيطًا. وسخر بعض نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي من إجازة استخدام اللفظ، متهكمين على ذلك باستخدامها في الخطابات الرسمية.
متابعة جدل لفظ استعبط على مواقع التواصل وتابعت إدارة صفحة مجمع اللغة العربية على فيس بوك التغطية الإعلامية واسعة النطاق محليًّا وعربيًّا لقرار لجنة الألفاظ والأساليب بالمجمع لإجازة الفعل "استعبط"، وتصدّره محركات البحث "التِّرِيند"؛ وإدارة الصفحة إذ تثمِّن دور الإعلام الذى يقدر الدور الريادى والحضارى لمجمع اللغة العربية فى الحفاظ على اللغة العربية وتنميتها بما يواكب التطور الحضارى والتقنى فى كل مناحى الحياة، فإنها تود توضيح بعض الأمور المهمة:
1) بدأت صفحة المجمع فى نشر قرارات لجنة الألفاظ والأساليب منذ فترة ليست بالقصيرة، وكان أول ما نشرت تركيب "آخِر العنقود"، وانتهت بنشر أسلوب "استنبت البكتريا"؛ حيث إن هذه القرارات مرتبة ألفبائيًّا، وتُنشر وفق هذا الترتيب الألفبائي. 2) لا يعنى نشر أى قرار من قرارات لجنة الألفاظ والأساليب أنه حديث الصدور فى هذه الآونة؛ فهذه القرارات نتاج عمل لجنة الألفاظ والأساليب بالمجمع منذ عام 1932م وحتى الآن. 3) قرار اللجنة فى إجازة الفعل "استعبط" صدر منذ أكثر من (32) سنة، فى الدورة المجمعية (57) سنة 1990م، وهذا القرار منشور فى الجزء الثالث من "كتاب الألفاظ والأساليب" صفحة رقم 112؛ بناء على مذكرة تقدَّم بها اللغوى الكبير أ.د. كمال بشر (رحمه الله) (عضو المجمع، ونائبه الأسبق). 4) جهود اللجنة فى تقليل الفجوة بين العامية والفصحى جهود قديمة حديثة؛ وقد سبق للجنة أن أجازت ألفاظًا يُتوهَّم عاميتها، وهى فى الواقع غير ذلك. 5) لا يقتصر دور لجنة الألفاظ والأساليب بالمجمع على محاولة تقليل الفجوة بين العامية والفصحى فقط؛ فاللجنة تعمل على مواكبة التطور اللغوى فى كل مناحى حياتنا المعاصرة، ومن أمثلة ما أجازته مؤخرًا ما يلي: دعامة طبية، الشركة القابضة، الوحدة الوطنية، مستوصف، استشارة، كراسة الأسئلة والأجوبة بدلًا من البوكلت، وسمة، وتوسيم بدلًا من هاشتاج، المحور التنموي/ الثقافي، رقم الجلوس، الأجندة، الإجهاد المائي، الكِمامة، التِّرِند، الرابط (فى لغة البرمجيات)، الجيش الأبيض، شهيد الشهامة، المَسْحَة (فى الطب)، تبطين الترع، التباعد الاجتماعي، التجارب السريرية، تجريف الأرض، المجتمع المدني، ترشيد الاستهلاك، الحساب (على مواقع التواصل الاجتماعي)، الذباب الإلكتروني، سعر الفائدة/الصرف/السوق، التسنيد/التصكيك، الدول المتشاطئة، الشمول المالي، تصحُّر الأرض الزراعية، الطاقة النظيفة، طلب إحاطة، العزل العمودي/الرأسي، لوجستي/ لوجستية... وغيرها كثير. 6) قرارات لجنة الألفاظ والأساليب تمر عبر ثلاث مراحل: الأولى: فى اللجنة نفسها؛ حيث يقدم عضو اللجنة أو خبيرها مذكرة للعرض على اللجنة، وبعد نقاش مستفيض، يتم إقرار اللفظ أو الأسلوب فى اللجنة (أو رفضه)، ثم بعد ذلك تُعرض أعمال لجنة الألفاظ والأساليب على مجلس المجمع (من المصريين فقط)، ليأخذ أيضًا دورته من النقاش والتعديل والقبول (أو الرفض)، ولو أقره المجلس يُعرَض على المؤتمر السنوى العالمى للمجمع الذى يضم أعضاء المجمع من جميع دول العالم من العرب والمستعربين؛ فإذا أقره المؤتمر يكون اللفظ أو الأسلوب قد اكتسب بذلك المشروعية اللغوية التى تمكِّنه من الإدراج فى معاجم المجمع.. والله ولى التوفيق.
بداية الموافقة على إجازة لفط استعبط في اللغة العربية وكان قد أعلن مجمع اللغة العربية بالقاهرة، الأحد الماضي، إجازة استخدام كلمة "استعبط" في اللغة العربية، وقالت عن سبب هذه الإجازة، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" أن من إجازات لجنة الألفاظ والأساليب بالمجمع: استعبط فلانٌ فلانًا: تصوّره أو ظنَّه عبيطًا.
وجه الاعتراض: هذا الفعل لم يرد في مبناه ومعناه في المعجمات، وجه الإجازة: جاء في الوسيط: رجل عبيط: أي أبله غير ناضج، مشيرًا إلى أن "عبيط" محدثة، فكأن الفعل "استعبط" بمعناه المذكور قد أُخذ من الصفة عبيط. وهو أخذ مشروع بحسب قرارات مجمع اللغة المصري، وجاء الفعل "استعبط" على وزن "استفعل" للدلالة على الظن أو الجعل إذا كان متعديًا، وجواز ماضيه يجيز مضارعه "يستعبط" ومصدره "استعباط" تكملة للمادة.
وتمر الكلمات المضافة حديثا إلى معجم اللغة العربية بعدة مراحل قبل إقرارها، وذلك منذ تأسيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة عام 1932، ثم توسعه لاحقا إلى 8 بلاد، وعن ضم كلمة "استعبط" استعانوا بذكر "رجل عبيط" في المعجم الوسيط ومعناها أبله غير ناضج، وبالتالي فعل استعبط هو أخذ من الصفة وهو أمر مشروع بحسب قرارات مجمع اللغة المصري.
وعن كلمة استعبط، أي ظنه عبيطا، فالمضارع منها يستعبط ومصدره استعباط، هذه ليست المرة الأولى التي يجيز فيها مجمع اللغة العربية كلمات ليس لها وجود في اللغة العربية، سبق وأجاز كلمات مثل "وسم" أي هاشتاج، وموبايل، وديموقراطية وغيرها من الكلمات.
