شغف الإنسان قد يدفعه للتخلي عن أي شيء، وحتى عن مناصب مرموقة وصل إليها يومًا، ولعل أقوى مثال على ذلك أسماء حمودة بنت محافظة بورسعيد، دفعها حبها لآلة السمسمية، للتخلي عن منصبها بجامعة عين شمس، فمن أستاذة جامعية بقسم التشريح والهياكل، لأول سيدة على مستوى العالم تصنع آلة السمسمية. وفي البداية ذكرت أسماء حمودة، لعدسة "صدى البلد"، أن حبها لآلة السمسمية بدأ من عمر 9 سنوات، عندما كانت بالفنون الشعبية في قصر ثقافة بورسعيد، وكان أول تصميم ابتكرته لها من جلد الأرنب وأقفاص الخضار، ونال إعجاب الكثير واحتفظ به كعمل فني داخل المقر. وتابعت أن هذا المجال كان شغفها دومًا، فطوال 30 عاما كانت تصنع الأطباق الصاج وتشد عليها الجلد، دون تركيب الخشب عليها، وتبيعها لقصر الثقافة والتجار والمغرمون بالسمسمية، وكانت تصممها خلال سنوات دراستها، إلى أن وصلت للدكتوراه وقررت أن تسوي معاشها عام 2015 لتتفرغ للشيء الذي تحبه، وأضافت أن لديها أصدقاء تركوا الهندسة المعمارية من أجل العود وغيرهم من هواة الصناعات الفنية اليدوية. وعن مراحل التصنيع، أوضحت أسماء حمودة أنها تمارس الآن كل المراحل من الألف إلى الياء، تبدأ بشد الجلد على الاطباق الصاج، ثم تبدأ بتركيب الذراعين الخشب، وتثبت المفاتيح، وتركب الأوتار، وتختتم العملية بالدهان والتلوين، وتستخدم الأدوات اللازمة للتعامل مع الخشب مثل: الشنيور والصاروخ والفارة والأركت. وأشارت أسماء أنها مؤخرًا تبتكر أشكال جديدة عن المألوف لآلة السمسمية، فمن صدف البحر تصنع الهيكل، وتستخدم العصيان الخشبية الرفيعة كذراعات لها، وكان ذلك من إلهام أحدى زبائنها الفرنسيين، والتي طلبت منها كمية كبيرة من السمسمية المصنوعة بصدف البحر. وعلى الرغم من تراجع إقبال الكثير على الفنون التراثية بشكل عام، وآلة السمسمية بشكل خاص، إلا أن هناك عدد لا بأس به يهوى العزف عليها وخاصة من أهال بورسعيد، منشأها الأول، وأشارت أسماء حمودة أنها تصمم السمسمية لدول عربية كثيرة مثل: السعودية والأردن والكويت، وللغرب، مثل: اليونان وفرنسا. وعبرت عن سعادتها بكونها المرأة الوحيدة بهذا المجال، فرغم نظرات البعض لها بالتعجب والدهشة من شغلها بالورشة وسط الرجال، إلا إنها ترى أن الأفضل لكل شخص أن يمارس ما يحبه ويجد فيه ذاته، واختتمت حديثها، قائلة: "أنا نفسي السمسمية تنتشر في العالم كله، ونرجع أمجاد التراث".