أثار حادث اقتحام مبنى الكونجرس الأمريكي ضجيجًا حول العالم، ولقي اهتمامًا بالغًا في جميع الصحف العالمية، وليست الصحف الأمريكية فقط، فإن سألت أي شخص عن إمكانية اقتحام هذا المبنى - الذي يعتبره كثيرون معبدًا للديمقراطية حول العالم - قبل وقوع الحادث لكان اعتبر سؤالك مثيرًا للسخرية، أو أجابك بأن ذلك مستحيل. ولكن لمعرفة ما إذا كانت المؤسسات الأمنية في واشنطن عجزت بالفعل عن حماية مبنى الكونجرس أم لا، علينا الرجوع إلى ما حدث قبل وقوع الحادث نفسه، ففي يوم الثالث من يناير أي قبل 3 أيام من اقتحام مبنى الكونجرس على يد الآلاف من أنصار الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، حذر تقرير استخباراتي داخل شرطة الكابيتول، من أن سيناريو عنف محتمل قد يستهدف مبنى الكونجرس، على يد أنصار ترامب، مما وضع تحذيرًا صارخًا يعمق الأسئلة حول الإخفاقات الأمنية خلال هذا اليوم. وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فإن التقرير المكون من 12 صفحة الصادر من وحدة المخابرات التابعة لشرطة الكابيتول في 3 يناير الجاري، وصف كيف يمكن أن يندفع الآلاف المضطربون المحرَضون من ترامب ويحيط بهم المتطرفون إلى واشنطن للانخراط في معركة مسلحة. وأشار التقرير إلى أن أنصار ترامب سيركزون هذه المرة على أعضاء الكونجرس، مضيفًا: "أنصار الرئيس الحالي يرون أن يوم 6 يناير 2021 هو فرصتهم الأخيرة لقلب نتائج الانتخابات". وتابع التقرير: "هذا الشعور باليأس وخيبة الأمل قد يزيد الحافز إلى أن يتحول الأمر إلى عنف، فعلى عكس الاحتجاجات السابقة التي أعقبت الانتخابات، لن تصبح الاحتجاجات المناوئة هي هدفهم، بل أصبح الكونجرس نفسه هو هدفهم في 6 يناير". وأثار التقرير الاستخباراتي الداخلي، الذي لم يتم مشاركته على نطاق واسع مع وكالات إنفاذ القانون الأخرى، بما فيها مكتب التحقيقات الفيدرالي، شكوك خبراء الأمن، حول استجابة الأجهزة الأمنية لعملية الاقتحام. وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إن مكتب التحقيقات الفيدرالي حذر قبل يوم من الهجوم على الكونجرس، من أن بعض المتطرفين كانوا يستعدون للسفر إلى واشنطن وهددوا بارتكاب عنف و"حرب". وفي يوم الجمعة، أعلن محققون من 4 وكالات فيدرالية، أنهم سيحققون في كيفية استعداد مسؤولي الأمن للاستجابة إلى الحشود المؤيدة لترامب التي اقتحمت الكونجرس. وقال مصدران مطلعان على المذكرة الصادرة عن شرطة الكابيتول، إن التقرير تم نقله إلى جميع موظفي قيادة شرطة الكابيتول، فيما قال مسؤول بإحدى وكالات إنفاذ القانون، إن التقرير دفع شرطة الكابيتول إلى السعي لطلب قوات الحرس الوطني بشكل طارئ، بينما رفضت المتحدثة باسم شرطة الكابيتول، إيفا ماليكي، التعليق على محتويات تقرير المخابرات أو كيف تم استخدامه للتخطيط الأمني لمواجهة الاحتجاجات في هذا اليوم. وكان القائد السابق لشرطة الكابيتول، ستيفن سوند، الذي استقال بعد اقتحام الكونجرس قال في أحد اللقاءات، إنه سيكون من غير المناسب مناقشة التقرير الاستخباراتي بشكل علني، نظرًا لطبيعته الحساسة وخطر الكشف عن المصادر وأساليب الحصول على المعلومات، لكنه صرح بأنه كان مطلعًا على تقارير قسم المخابرات، التي أشارت إلى أن المظاهرات التي ستستهدف الكونجرس ستكون مسلحة، وطلب إعلان حالة الطوارئ واستدعاء الحرس الوطني، لكن كبار مسؤولي الأمن في الكونجرس رفضوا ذلك.