التغيير الحقيقى هو تغيير الذات، تغيير الخطأ الإنسانى الموجود فى كل واحداً فينا وليس الفرد إلا أحد عناصر المجتمع ولو تغير بحق سيتغير المجتمع بالكامل، فمن بعد ثورة يناير 2011 أصيب أغلبية الشعب المصرى بالإحباط لأنهم وجدوا أن أمالهم وتطلعاتهم بشأن البلاد قد ذهبت مع الريح ولم يبقى لهم إلا وضع إقتصادى متدهور وحالة نفسية سيئه وشماتة من بلدان لا تذكر على الخريطة ولكن ومع تنحية العامل المهم فى هذه المآلات المرتبط بالتخبط السياسى وضعف النظام الجديد واقترافه الكثير من الأخطاء الفادحة إلا أن هناك عاملاً آخر أهم فى نظرى مرتبط بالشعب ذاته وبالمواطن المصرى نفسه الذى يريد التغيير والتقدم والحرية وينشد دولة الرفاهة، أساله وبكل صدق أنت تريد أن تنجح الثورة فى تحقيق أهدافها، ولكن كيف ستنجح الثورة ويتغير المجتمع فى ظل إستمرار أفراده فى ممارسة نفس السلوكيات وإعتقاد نفس القيم التى قامت الثورة عليها فى الأصل؟ كيف ستنجح ثورة فى مجتمع لازال أفراده يعملون فى اليوم فقط 27 دقيقة ويتقاضون عليها المقابل الذى هو قليل فى نظرهم ولكن هل يعلموا أن عائد إنتاجهم للدوله أقل، الموظف الحكومى فى زماننا أصبح كل ما يعنيه هو الدفاتر الحكومية، اهتم بإثبات إسمه ونفسه وعمله على الورق ولم يهتم بأن يكون هذا الإثبات فى الحقيقة وعلى أرض الواقع، لو تأملت المشهد المصرى كل صباح لترى الزحام الشديد على وسائل النقل العامة وربما سترى من ينجر للإشتباك مع غيره من أجل أن يضمن له مكان فى وسيلة نقل وعلته فى ذلك عدم رغبته فى التأخر عن عمله فإذا كنت من خارج هذا البلد وبسماعك هذا الحوار ورؤيتك هذا المشهد ستقول فى قراراة نفسك إنه شعب مهتم بعمله ويرغب فى الإنتاج ولكن لو تتبعت ذلك الموظف لوجدته يسارع فى الوصول إلى عمله من أجل أن يمسك بقلمه ويخط إسمه الظريف فى دفتر صغير ملقى على منضدة داخل مصلحه حكومية من المفترض أن لها وظيفة رئيسيه وستجده بعد ذلك يذهب لمكتبه ليطالع جرائد الصباح ويتحدث عن أحوال البلاد والعباد ويعطى رأيه السياسى وتحليله العبقرى فيما يحدث فى الشارع ورؤيته الفذه لإنقاذ الموقف ولن يخلو ذلك من بعض السباب والألفاظ غير اللائقه التى تقال فقط عن المعارضين لتجده بعدها قد ينصرف من عمله لشراء أمر يهمه وربما يعود للعمل مع صلاة الظهر التى يذهب للوضوء إستعداداً لها بكل خشوع وإيمان لتجده أمامك إنسان مختلف غير الذى كان يعطى رأيه السياسى الممزوج بالسباب والألفاظ الخارجه وغير ذلك الذى ترك عمله لمصلحه شخصيه تخصه لتجده الزاهد العابد الناصح الأمين الذى فور فروغه من صلاته يعود ليلملم متعلقاته إنتظاراً لخروج ذلك الدفتر السحرى من أدراجه ليوضع على ذات المنضده ليقوم هو بخط إسمه لكن هذه المره برسم مختلف وحاله مزاجيه هادئه لأنه أنهى عمله (كما يتصور) ويعود إلى منزله ليخبر افراد أسرته عن مدى إنهاكه فى العمل اليوم، ربما هو محق فقد أنهك فى أن يصل إلى ذلك الدفتر وأن يكتب إسمه فيه وهو عمل رائع يستحق أن يتقاضى عليه الأجر فى ظل دوله غبيه وسيلة تقييمها الوحيد مجموعة من الأوراق التى غير ذى قيمه وبعد كل ذلك نسأل لماذا لم تنجح الثورة؟ وكيف ستنجح الثورة إذاً؟! وبعد كل هذا الوضع نضع اللوم بالكامل على النظام وعلى عدم إكتمال التغيير ونصرخ بالصوت العالى أننا مكتئبون وأننا محبطون هنا وفقط أتذكر قول الله عز وجل " لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" والحقيقة أننا علينا أن ندرك أن التغيير المنشود لا يتحقق إلا بتغيير وحدات المجتمع لسلوكها والعوده لقيم العمل والإلتزام والإنجاز وتفعيل ذلك الجهاز المعنوى الموجود فى كل واحداً فينا "الضمير" بعدها سنتحدث عن مدى نجاح الثورة ووقتها سنضع اللوم بالكامل على النظام.