نسبت الرباعيات إلى الشاعر عمر الخيام الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده، وعرفت فيما بعد برباعيات الخيام، وكان قد كتبها في أوائل القرن الثاني عشر الميلادي. والرباعية مقطوعة شعرية من أربعة أبيات تدور حول موضوع معين، وتكوّن فكرة تامة، وفيها إما أن تتفق قافية البيتين الأول والثاني مع الرابع، أو تتفق جميع الأبيات الأربعة في القافية، وتتألف رباعيات عمر الخيام من رباعيات يُفْتَرض أنه ناظمُها، وبمرور السنين، نُسبت إليه أكثر من 2,000 رباعية. وتوجد ترجمات عربية لبعض رباعيات عمر الخيام، أشهرها ما قام به الشاعران أحمد الصافي النجفي، وأحمد رامي، وأشهر ترجمة للرباعيات إلى اللغات الأجنبية هي الترجمة الإنجليزية التي قام بها الكاتب البريطاني إدوارد فيتسجيرالد، وقد نُشرت ترجمة فيتسجيرالد في أربع طبعات أعوام 1859، 1868، 1872، 1879، والطبعتان الأخريان تشكل كل منهما قصيدة من 101 رباعية، وتصف القصيدة يومًا بطوله من الفجر حتى المساء، مليئًا بالمتعة والبهجة، وبكثير من الحالات النفسية. وتشكو بعض المقطوعات من قصر العمر ومن ظُلم الدنيا، بينما تتغنى مقطوعات أخرى بالزهور أو العشق، أو الربيع، أو الخمر. وبمناسبة ذكرى ميلاد عمر الخيام، ننشر جزءا من رباعياته: أحسُّ في نفسي دبيب الفناء ولم أصَب في العيشِ إلاّ الشقاء يا حسرتا إن حانَ حيني ولم يُتحْ لفكري حلّ لُغز القضاء ***** أفق وهات الكأس أنعمُ بها واكشف خفايا النفس مِن حُجبها وروّ أوصالي بها قَبلَما يُصاغ دنّ الخمَر مِن تُربها **** تروحُ أيامي ولا تغتدي كما تهبُّ الريح في الفدفدِ وما طويتَ النفس همًا عَلى يومين : أمسْ المنقضى والغدِ **** غدٌ بِظَهْرِ الغيب واليوم لي وكم يخيبُ الظنُّ في المقبلِ ولَستُ بالغافلِ حتى أرى جمالَ دنيايَ ولا أجتلي **** سمعتُ في حلمي صوتًا أهابَ ما فتَّق النّوم كمام الشبابَ أفق فإنَّ النّوم صنو الردى واشرب فمثواكَ فراش الترابَ **** قَد مزَّق البدرُ سنَار الظلام فأغنم صفَا الوقت وهات المدام واطرب فإنَّ البدر مِن بعدنا يسري علينا في طباقِ الرغام **** سأنتحي الموتَ حثيث الورود ويَنمحي اسمي مِن سجِل الوجود هات أسقنيها يا مُنى خاطري فغايةُ الأيام طولْ الهجود **** لَبستُ ثوبَ العيش لم أُستشَر وحرتُ فيه بين شتّى الفِكَر وسوفَ أنضو الثوب عنّي ولم أُدرك لماذا جئتُ ، أينَ المقر **** نمضي وتبقى العيشةُ الراضية وتنمحي آثارُنا الماضية فقَبل أن نَحيا ومِن بعدِنا وهذه الدُنيا علَى ما هيه *** طَوت يدُ الأقدار سفرَ الشباب وصوَّحت تلكَ الغصون الرطاب وقَد شدا طيرُ الصبى واختفى متى أتى . يا لهفا . أينَ غاب *** الدهرُ لا يعطي الَّذي نأمل وفي سبيلِ اليأس ما نَعمَل ونحنُ في الدُنيا علَى همّها يسُوقنا حادي الردى المُعجّل *** أفق خفيفَ الظَّل هذا السّحَر وهاتها صرفًا ونَاغِ الوتر فما أطاَل النّوم عمرًا ولا قصَّر في الأعمارِ طول السهَر *** اشرب فمثواكَ التراب المهيلِ بلا حبيب مؤنسٍ أو خليل وانشق عبير العيش في فجرهِ فليسَ يزهو الورد بعدَ الذبولِ *** كم آلم الدهر فؤادًا طعين وأسلم الروح ظعين حزين وليسَ ممَن فاتَنا عائدٌ أسألهُ عن حالةِ الراحلين يا دهرُ أكثرت البلى والخراب وَسُمْتَ كُلّ الناس سوء العذاب ويا ثرى كم فيكَ مِن جوهرٍ يبينْ لو يُنبَش هذا التراب *** وكم توالى الليل بعدَ النهار وطالَ بالأنجمِ هذا المدار فامشِ الهوينا إنَّ هذا الثرى مِن أعينٌ ساحرةِ الأحورار *** أينَ النديم السمح أينَ الصبوح فقد أمضَّ الهمّ قلبي الجريح ثلاثةٌ هنّ أحبُّ المُنى كأسٌ وأنغامٌ ووجهٌ صبيح *** نفُوسنا ترضى احتِكام الشراب أرواحنا تفدى الثنايا العِذاب وروح هذا الدنَّ نستّلهُ ونستقيهِ سائِغًا مُستطَاب *** يا نفسَ ماهذا الأسى والكدر قَد وقعَ الإثم وضاع الحذر هَل ذاقَ حلو العفوَ إلاّ الَّذي أذنبَ والله عفَا واغتفر *** نلبسُ بينَ الناس ثوب الرياء ونحنُ في قبضةِ كفّ القضاء وكم سعينا نرتجي مهربًا فكانَ مسعَانَا جميعًا هباء *** لم تَفتَحَ الأنفسَ باب الغيوب حتى تَرى كيفَ تسأم القلوب ما أتعس القلبَ الَّذي لم يَكد يلتئم حتى أنكأتهُ الخطوب