شهدت بريطانيا خلال العام المنصرم 2011، عددا من الأحداث الداخلية المهمة بالإضافة إلى الأحداث الخارجية التي أثرت على علاقات بريطانيا مع دول العالم وعلى رأسها دول الربيع العربي. ففي يناير من العام الماضي، زار رئيس الوزراء الصيني لي كيكيانج بريطانيا لتوقيع عدد من الاتفاقات للتعاون بين البلدين شملت التعاون الثنائي والعلاقات بين البلدين منها إتفاقيات بين المملكة المتحدة وبنك التنمية الصيني وإتفاق بين شركة بريتيش بتروليم والهئية الوطنية الصينية لزيت البترول للتعاون بين الجانبين في المجالات الإقتصادية، ووصلت قيمة الإتفاقات التي وقعها الجانبين الى 6. 2 مليار استرليني. والتقى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون نظيره الصيني خلال الزيارة التي اشتملت أيضا إتفاقا على إستعارة دبي باندا في حديقة حيوان ادنبره في اسكتلندا. وفي إطار الربيع العربي الذي بدأ في تونس وامتد لمصر وليبيا وسوريا واليمن أعلنت الحكومة البريطانية في 8 فبراير الماضي رفضها وقف صادرات الأسلحة إلى مصر التي وصلت الصادرات من الأسلحة إليها في 2009 إلى 4ر16 مليار استرليني، مشيرة إلإلى أن الصادرات تتم وفقا لاتفاقيات موقعة بين الجانبين. وفي 9 فبراير الماضي التقى الوزير بوزارة الخارجية لشئون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، اليستر برت، السفير المصري في لندن لمناقشة التطورات في القاهرة، معبرا عن رغبة بريطانيا في انتقال سلمي للسلطة. وفي 11 فبراير، عبر رئيس الوزراء البريطاني عن تهانيه للشعب المصري بتنحي الرئيس السابق حسني مبارك، مؤكدا أن مصر تمر بمرحلة مهمة نحو الحكم المدني والديمقراطية.. وكان كاميرون هو أول مسؤل أجنبي يزور مصر بعد ثورة 25 يناير. وإستكمالا للعلاقات بين بريطانيا والمنطقة العربية في أحداث الربيع العربي، أعلنت كلية لندن للإقتصاد في مارس عن إجراء تحقيقات في كيفية حصول نجل الزعيم الليبي معمر القذافي سيف الإسلام على درجة الدكتوراه منها، فيما قالت العديد من الصحف في لندن أنها رسالة دكتوراة مسروقة. كان سيف الإسلام قد درس بالكلية بين عامي 2003 و 2008 للحصول على رسالتي الماجستير والدكتوراه، وقدم مساعدة للجامعة وصلت الى 5ر1 مليون استرليني عن طريق المؤسسة الخيرية التي رأسها وذلك في عام 2009. وخلال الشهر نفسه بدأت القضية الخاصة بالإدعاء بالإعتداء الجنسي من مؤسس موقع ويكيليكس الاسترالي جوليان أسانج على فتاتين من السويد والمطالبة بترحيله إلى السويد لمواجهة المحاكمة هناك. وقال أسانج أن الإتهامات ملفقة وأنها محاولة من جانب الإدارة الامريكية لإخراجه من بريطانيا وتسهيل مهمة ترحيله اليها بسبب قيامه بنشر العديد من الوثائق السرية التي تتهمه أمريكا بتلقيها من أحد جنودها وهو برادلي مانينج والذي يواجه المحاكمة بسبب تسريب هذه المستندات الأن. وشهد شهر مارس الماضي مظاهرة شارك فيها نحو 100 ألف متظاهر من الاتحاد العام للعاملين ضد سياسات الحكومة لخفض الإنفاق، وطالب المتظاهرون الحكومة بالوقف الفوري لخططها الخاصة بخفض الإنفاق والإستعاضة عنها بالسعي لوقف التهرب الضريبي. وفي 30 أبريل الماضي شهدت بريطانيا والعالم حفل زفاف الأمير وليام حفيد الملكة اليزابيث الثانية والثاني بعد والده ولي العهد الأمير تشارلز في ولاية العرش البريطاني من كيت ميدلتون زميلته في الدراسة الجامعية بحضور عدد من ممثلي الملكيات في أوروبا مثل هولندا واسبانيا. وفي 2 مايو غادر السفير الليبي التابع لنظام العقيد معمر القذافي العاصمة البريطانية لندن بعد أن منحته الخارجية البريطانية 24 ساعة لمغادرة البلاد، بعد الإعتداء الذي أصاب مبنى السفارة البريطانية في ليبيا على أثر المظاهرات التي خرجت بعد تعرض منزل الزعيم الليبي للإستهداف عن طريق طائرات حلف شمال الأطلنطي ووفاة أحد أبنائه وثلاثة من أحفاده. كما شهد الشهر نفسه فوز الحزب الوطني الإسكتلندي في الإنتخابات العامة التي أجريت في بداية الشهر وتولى بعدها زعيم الحزب اليكس سالموند رئاسة الوزراء وأعلن عن إستعداد بلاده لإجراء إستفتاء على البقاء تحت التاج البريطاني، ووصف سالموند نتائج الإنتخابات ب"التاريخية." أما بالنسبة للإستفتاء على نظام الإنتخاب البديل المعمول به في استراليا، فإن النتائج النهائية أشارت الى رفض الغالبية من البريطانيين له وهي هزيمة كبيرة لحزب الديمقراطيين الأحرار بزعامة نائب رئيس الوزراء نيك كليج الذي عانى كثيرا بسبب وعوده للطلبة بالوقوف في وجه رفع تكاليف التعليم الجامعي بينما لم يفعل ذلك تحت ضغط حزب المحافظين بزعامة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون. وشهد شهر مايو زيارة الملكة اليزابيث الثانية لجمهورية ايرلندا وهي الزيارة الأولى من نوعها خلال المائة عام الأخيرة في محاولة لوقف العداء بين البلدين والذي أفسد العلاقات منذ إستقلال ايرلندا. وشهدت العاصمة الأيرلندية إجراءات أمن مكثفة إشتملت على منع توقف السيارات في أكثر من 50 من شوارع وسط دبلن والتي تم إغلاقها أمام وسائل النقل العامة والخاصة. وتضمنت الإجراءات الأمنية توزيع أكثر من 8 ألاف رجل شرطة إضافة الى الفين من الجنود في أكبر عمليات التأمين في ايرلندا حيث كانت جماعات من الجمهوريين الايرلنديين قد توعدوا بفعل كل مايستطيعون للتشويش على الزيارة التي إستمرت لمدة أربعة أيام، واصفين الملكة ب"مجرمة حرب." ووصل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بعد الملكة بيومين ليلتحق بها ودوق ادنبره في مأدبة رسمية في قلعة دبلن والتي كانت مركزا للحكم البريطاني قبل إستقلال ايرلندا حيث ألقت الملكة خطابا حول العلاقات بين البلدين. وفي 29 مايو الماضي استقال رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون من رعاية لصندوق اليهودي في خطوة قال أنها بسبب مراجعة عامة للإرتباطات بين رئيس الوزراء والمنظمات الخيرية، وقال بعض المتابعين أن الصندوق متهم بشراء الأراضي من أصحابها الفلسطينيين لبناء المستوطنات اليهودية بينما تصادر الأن الأراضي العربية وعدد من القرى العربية وتقوم بإنشاء الغابات والحدائق في أماكن تواجد هذه المنازل. وفي 30 من مايو الماضي نقلت الصحافة البريطانية عن الملكة اليزابيث الثانية قلقها من إحتمال تفكك المملكة المتحدة وذلك بعد إعلان رئيس وزراء اسكتلندا اليكس سالموند عن نيته في إجراء إستفتاء على استمرار بلاده تحت التاج البريطاني. وعبرت الملكة عن هذه المخاوف خلال إجتماعها الأسبوعي مع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في قصر باكنجهام كما طلب المسؤلون في القصر من مقر رئاسة الوزراء في داوننج ستريت توفير خبير دستوري لتقديم النصيحة حول كيف يمكن عقد استفتاء وحول تقسيم المملكة المتحدة في حال إجراء الإستفتاء والتصويت بنعم للإنفصال. وفي 10 يوليو الماضي وصل إلى العاصمة البريطانية الملياردير الأمريكي روبرت مردوخ في محاولة للسعي لحل الأزمة التي تركتها عمليات التنصت على المكالمات والتي قام بها طاقم من العاملين في جريدة "نيوز اوف ذا ورلد" التابعة لشركة "نيوز انترناشونال" التي يمتلكها والتي تم إغلاق أبوابها في وقت لاحق. وطالت عمليات التنصت فنانين ولاعبي كرة وشخصيات عامة وعائلات الجنود البريطانيين في أفغانستان والعراق إضافة الى شخصيات رئيسية في الجرائم التي تصدرت الصحف البريطانية.
وشهدت الأزمة تصريحات لرئيس حزب العمال البريطاني اد ميليباند التي أشار فيها الى أن على الملياردير الأمريكي نسيان صفقة شراء تليفزيون "بي سكاي بي" خاصة في ظل مايتعرض له من إنتقاد بسبب محاولات التنصت التي قامت بها الجريدة التي يملكها. وفي بداية شهر أغسطس الماضي إندلعت أهم أحداث العام على مستوى بريطانيا وهي أعمال العنف الواسعة في عدد من أحياء العاصمة البريطانية بعد مقتل فتى أسود على يد رجال الشرطة مما دفع بالمظاهرات التي تحولت بعد ذلك إلى تحطيم المحال وسرقة المحتويات داخل العاصمة وإمتدت الى عدد من المدن البريطانية الأخرى. وقطعت كل من تيريزا ماي وزيرة الداخلية ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أجازتهما على التوالي وعادا الى لندن لمتابعة التطورات. وحال عودة كاميرون الى لندن تم عقد إجتماع للجنة الطوارئ الحكومية "كوبرا" لدراسة الموقف وتحديد كيفية الرد لوقف أعمال الشغب، وامتدت المظاهرات في أنحاء مختلفة من شمال وجنوب وشرق لندن ووصلت الى مدن خارجها مثل مانشستر. والمشكلة الرئيسية التي نتجت عنها المظاهرات هي أنها وقعت في نفس فترة استضافة العاصمة لدورة الألعاب الأولمبية لندن 2012 مما بعث بمخاوف من تكرارها في نفس الوقت من العام التالي وهو ما سيكون بمثابة الكارثة بالنسبة لبريطانيا. وكانت الأنباء عن طلب الولاياتالمتحدة إرسال فريق حماية مكون من 1000 رجل أمن مع البعثة الأولمبية بمثابة بداية لمثل هذا الفشل البريطاني في استضافة الأولمبياد حيث يمكن أن يتكرر نفس الطلب من أطراف أخرى. وفي الخامس من نوفمبر الماضي أوقفت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي رئيس وكالة الحدود برودي كلارك وإثنين من كبار مساعديه بسبب تخفيف إجراءات فحص جوازات السفر بشكل سري بدأ من شهر يوليو وقالت أن هذا تم دون علمها. وطلب رئيس حزب العمال المعارض اد ميليباند الحكومة بإقالة الوزيرة بسبب منحها مثل هذا الأمر الذي عادت وقالت أنها أعطت أوامر بتخفيف الإجراءات في حالات خاصة مع القادمين من باقي دول الإتحاد الأوربي فقط.