نبذ الفتنة الطائفية"الهلال مع الصليب" أكد العديد من رجال الدين المسلمين والأقباط على الدور الذي يلعبه الإعلام ورجال الدين في القضايا المتعلقة بالنزعات الدينية التي تؤدي إلى إشعال الفتن الطائفية بمصر، حيث دعوا لضرورة تصحيح المنظومة الإعلامية لتتعامل مع مثل هذه القضايا من منطلق أنهم مصريين أخطأوا دون النظر إلى ديانتهم، وذلك على غرار حادثة الفتنة الطائفية التي كانت ستندلع في الإسماعيلية. وعقَب الأنبا مرقص، أسقف كنائس شبرا الخيمة، على حادثة زواج شاب قبطي من فتاة مسلمة بمحافظة الإسماعيلية والتي كانت ستؤدي إلي إشعال فتنة طائفية، قائلا "أتمني أن تبتعد قصص الحب عن الطائفية، لكي يتم التعامل مع الأمر بكونه يتعلق بمصري تزوج أو اخطأ مع مصرية بغض النظر عن ديانته أو ديانتها". وأضاف أن هذه القضايا الشخصية لابد أن تحل بشكل بعيد عن التهويل، لأن هناك احتقان داخلي وهذه الحالات تمثل البنزين الذي يسكب على النار، كما أن الإعلام يساعد على إشعال الأمور، بتحديد هوية كل فرد، فالأمر برمته أن شابًا مصري تزوج من فتاة مصرية". وشدد الأنبا مرقص على ضرورة معالجة مثل هذه الأمور معالجة جذرية، داعيا إلى تغيير النهج الإعلامي وطريقة تعامله مع مثل هذه القضايا، إضافة إلى دور التعليم والمدارس في توعية وتعليم الطلبة بكيفية التفكير الصحيح في التعامل مع القضايا الطائفية، بجانب دور العبادة في التقليل من حدة التعصب الديني والتأكيد على القيم الدينية السماوية . ومن جانبه، قال مبروك عطية، الأستاذ بجامعة الأزهر والداعية الإسلامي، إن مثل هذه الزيجات محرم شرعا، حيث إن المسلمة لا تحل إلا لمسلم، وأضاف قائلا "عندما يخطئ الشاب أو الفتاة بغض النظر عن الدين فهذا أمر طبيعي لأنهم بشر غير معصومين من الخطأ، فهم ليسوا ملائكة أو رسلاً أو أنبياء مرسلين". وأضاف: "قد ترى إنسانًا مسلمًا متزنًا يتعلق بغانية من الغانيات ثم يكتشف عقب ذلك أنها لا تصلح له، وبالمثل فتاة مسلمة متزنة تتعلق بشاب طائش ثم تكتشف أنه لا يصلح لها، وهذا ما نريده"، مستشهدا بقول الله تعالي "إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون". وأكد عطية أن الحل العملي لمثل هذه الأزمات يتمثل في توعية الناس وتثقيفهم ثقافة حقيقية وزرع روح مراقبة الله في السر والعلن، مستشهدا بالحديث النبوي "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فان لم تره فهو يراك"، وأضاف عطية انه على الإنسان أن يلتزم بالحق وعدم الاعتداء على حرمة الآخر والا يحلل لنفسه ما لغيره، مؤكدا على ضرورة حبس النفس عن كل ما يغضب الله والتحلي بفضيلة الصبر. ويقول القس صفوت البياضي، رئيس الطائفة الإنجيلية، إن سبب إدخال قصص الحب في إشعال الفتن الطائفية، ناتج عن عدم تفريق المجتمع بين المسئولية الفردية والمسئولية الجماعية، مشيرا إلى إنه ليس من العدالة إن أخطأ فرد مسلم أو قبطي فيعني معاقبة جميع المصريين. وأضاف القس البياضي قائلا "إذا اخطأ مصري فهذا لا يعني أن نحارب مصر كلها، إذا اخطأ إمام مسجد فهذا لا يعني أن نهاجم جميع المساجد، إذا انتقمت الأسرة من الأسرة الأخرى ونتج عن ذلك حرق العديد من منازل أناس لا يد لهم، فأين القانون وأين المحاكم"، كما حمل البياضي عواقب هذه القصص للتربية الناقصة ودور رجال الدين في التأكيد علي الوازع الديني. وقال القس البياضي انه لا يلوم الفتاة والشاب، مؤكدا خطأهم بلا شك، مشيرين إلى أن الذين اخطأوا هم من نشروا هذا الخبر دون التأكد من حقيقة الموضوع ومعاقبة المجتمع برمته، كما أكد البياضي أن هذه الأحداث تحتاج إلى ضرورة وقوف رجال الدين موقفا واحدا يؤكد على أن الوطن فوق كل شيء، قائلا "على رجال الدين التأكيد على أن الوطن فوق الجميع وأن المخطئ له قانون نسلمه للعدالة ليأخذ عقابه بدلا من إشعال الفتن الطائفية". كما اقترح القس البياضي ضرورة تفعيل دور رجال الأمن في مثل هذه الأزمات، بالإضافة إلى تصحيح المنظومة التربوية والتعليمية حتى إن استغرقت مدى طويلاً وتعديل المنظومة الإعلامية، قائلا "إذا وأد رجال الدين الفتن في المساجد فهذا سيحارب الفتن بلا شك، وعلى سبيل المثال كم من فتاة مسيحية مختفية هل هذا يعني أن نطالب إخوتنا المسيحيين بأن يأخذوا حقهم بأياديهم". ويوضح الدكتور عبد الوارث عثمان، المدرس بجامعة الأزهر، أن الإسلام يتميز عن بقية الأديان الأخرى بضوابط الشرع، مؤكدا عدم وجود مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" إنما الاعتماد على مبدأ "الغايات والوسائل يحددها الله وشرعه"، وفرق عثمان بين الحب بمعنى الهوى وعدم التحكم في النفس والذي لا يعرفه الإسلام، والحب الذي يعني أن المحب مسئول عمن يحبه.