انتقد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف مصادرة الغرب للحريات الفردية والجماعية للمواطنين المسلمين في بعض دول أوروبا على الرغم من الحريات الواسعة التي يعيشها العالم الغربي، معربا عن تعجبه من موقف إحدى كبرى الدول الأوروبية في مصادرتها لحجاب المرأة المسلمة أو إثارة قضية الذبائح في عيد الأضحى ممَّا يتعارض مع الميثاق العالمي لحقوق الانسان. كما انتقد الامام الاكبر، خلال استقباله بالمشيخة اليوم الاربعاء السيدة سعيدة حسين وارسي وزيرة الدولة البريطانية لشئون المعتقدات الدينية والمجتمعات الإنسانية، بعض الأصوات في الحضارة الغربية الذين يعتبرون أن عدم شرب الخمور والمسكرات وارتداء الحجاب واختلاط الفتيان والفتيات دون ضوابط أمرا يتعارض مع السلوك الحضاري الحديث. وجدد شيخ الازهر رفضه التام لكل الدعوات التي تؤيد سن القوانين التي تتعارض مع الشرائع السماوية ومع الطباع السوية والعقول السليمة، مضيفا أن هناك خيطا رفيعا بين الحرية والفوضى، وأن إباحة امور غير شرعية هى من قبيل الفيروسات التي ينبغي على العقلاء نبذها، لأنها تفسد المجتمعات وتسيء إليها، فبالاضافة إلى البعد الديني هناك البعد الأخلاقي والفطري؛ مما يتطلب من كل العقلاء الوقوف ضد هذه السلوكيات الشاذة. واعرب الإمام الأكبر عن فخره بوجود وزيرة مسلمة في الحكومة البريطانية، وفي هذا المكان المهم في قلب أوروبا؛ الأمر الذي يدل على أن دين الإسلام وحضارته منفتحان على الآخر، بغض النظر عن الاختلاف في الألوان والأجناس واللغات والأديان والأعراف،وهو ما أكَده القرآن، كما أنها سنة ربانية باقية إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها مما يدفع الناس إلى أن يتعارفوا ويتعاونوا فيما بينهم لاثراء الحضارة البشرية، مثمنا هذا النهج الذي يسمح للمواطنين المسلمين في بريطانيا بالاندِماج الواعي الذي يحتفظ فيه صاحبه بكل ثوابته الدينية دون تناقض مع مجتمعه الغربي الذي يعيش فيه. ومن جانبها استعرضت الوزيرة البريطانية مدى حِرص حكومة بلادها على ترسيخ مبدأ الحريات بين كافة مواطنيها دون التفرقة بينهم في اللون أو الجنس أو الدِين، على الرغم من وجود بعض الجاليات الإسلامية التي تتبع تقاليدها وأعرافها؛ مما يعطي انطباعا عن بعضهم بانهم منعزلون عن ركب المجتمع، وهو الأمر الذي يستغله الإعلام الغربي ضد سماحة الإسلام ووسطيته. وتم خلال اللقاء بحث سبل تدعيم أوجه التعاون المشترك بين الجهات العلمية والثقافية والدينية البريطانية والأزهر الشريف.