لا حديث اليوم إلا عن الفوضى ولا شك أنها رذيلة يجب أن يؤثم فاعلها ويثاب من يمنع روافدها ولم تعد العقول في فسحة من الأمر والزمان لكي تفند الاسباب التي تدفع إلى ذلك ولم تعد مصر قادرة على البقاء أمام معركة اصطياد الخصم وتلبيس الحق بالباطل وإطلاق لكمة الإجهاز في اتجاه المنافس . ولتتكلم الحقائق فإن الناقمين على حركة شباب تعمل أطراف على ركوب موجة غضبهم هم من أسسوا دولة الفوضى وسأكون في لحظة الحق صريحا لا أتحسس مشاعر أحد فقد بدأت مرحلة تكسير البلاد مبكرا منذ أن قرر البعض اقتحام أكثر من 90 قسم شرطة وسجن عمومي والتهديد بحرق البلاد لفوز طرف على حساب طرف . وليس أعضاء البلاك بلوك أعظم ذنبا ممن أطاح بقرار المحكمة الدستورية بحل البرلمان فقد اتفق كل منهما على إسقاط هيبة السلطة الفاصلة بين السلطة التنفيذية التي رغبت في إزاحة المحكمة من طريق أحلامها. وبهذا أسس الرئيس محمد مرسي الذي أعلن حالة الطوارئ في مدن القناة دولة الفوضى وبات طلبه من الشباب بالحفاظ على هيبة الدولة وعدم إسقاطها اليوم مطلبا كوميديا يدعو إلى السخرية. ولم يكتف الرئيس مرسي بذلك بل بأسلوب تبادل الأدوار الذي تفاخر به أنصاره ترك الشيخ أبو إسماعيل وأتباعه ليحاصر الدستورية العليا ومدينة الإنتاج من بعدها واعتبر الشيخ ذلك أنه عمل حمى مصر من الوقوع في براثن الحرب الأهلية. بل تجاوز الأمر إلى أن أقيل وزير الداخلية مجاملة للشيخ الذي لم يستطع أحد من العصبة الحاكمة أن يوجه إليه تهمة الشغب والبلطجة أو حتى مجرد اللوم . وهنا انقلب السحر على الساحر وأدرك شباب الثورة أنه لا يفل الحديد إلا الحديد وأن تكرار ما يفعله أنصار الرئيس هو السبيل لمواجهتم خاصة بعد جولة حوار وطني شكلي أداره أنصار الرئيس لاستكمال حالة التلبيس والاستكراد للرأي العام التي ارتضاها النظام الحاكم أسلوباً لإدارة البلاد. ولم يستمر ولن يبقى ارتداء النظام لقناع الراغب في تداول السلطة ومشاركة المعارضة القوية التي تغنى بها كثيرا فخرج أيضا حلفاء للرئيس يعلنون أن التوابيت لن تكفي لمن يفكرون في المطالبة بإزاحة الرئيس وتأكد الشباب أنه لا سبيل لهم لإظهار الوجه الحقيقي للنظام إلا إذا وضع في اختبار الفوضى التي كانت طريق الإخوان للوصول للحكم إبان وجود مبارك في سدة الحكم . والحديث عن اللجوء للوسائل الشرعية كطريق للمشاركة في إدارة البلاد نوع آخر من تلبيس الإخوان الحق بالباطل فما فعله الإخوان ضد رئيس منتخب إبان الثورة هو نفسه ما يفعله شباب الثورة ضد رئيس منتخب أيضا و تشبه دعوة النظام اليوم للحوار دعوة اللواء عمر سليمان الثوار للحوار مع نظام مبارك فكلتا الدعوتان مبنيتان على بقاء رأس النظام مبارك ومرسي وكلتاهما للشو الإعلامي وتضييع الوقت وإطالة عمر النظام. الأخطر أن الحاكم يكرر الخطأ ذاته فكما اعتمد مبارك على الداخلية لانتشاله من غرقته وترتب على ذلك هدر هيبتها وتكسير آلياتها لضبط الشارع يكرر اليوم الرئيس المنتخب مع الجيش فيطلب منه بالتصدي للمجهول وتوريطه في منطقة مجده وشرفه العسكري ..منطقة القناة ..من سنَّ سنة حسنة فله أجره وأجر من عمل بها ومن سنَّ سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها.. صدق رسول الله..حفظ الله مصر عزيزة موحدة.