لقد انطلقت بعض الدعوات المشكورة لجمع مليون بطانية لأهل الصعيد من أجل انقاذهم من البرد القارس ، وذلك فى اطار تنمية الصعيد ، وقد استجابت العديد من القوى السياسية والحزبية بل وبعض رجال الاعمال الشركات الخاصة لهذه الدعوة وهى دعوة مشكورة واستجابة لابد من تقديم الشكر الواجب من أهل الصعيد لاصحابها جميعا لان الجميع سارع فى انقاذ الملايين من الصعايدة من البرد والاصابة بالانفلونزا الذى ربما قد تتحول الى مرض خطير كأنفلونزا الطيور وربما يطلقون عليها مستقبلا " أنفلونزا الصعيد" . ولكن من المحزن فى هذا الامر الخطير ان الجميع بما فيهم الحزب الحاكم وجميع الاحزاب السياسية لم يتبنوا خطة واضحة ومحددة المعالم لتنمية الصعيد، لان مشكلات الصعيد متراكمة عبر الزمن وتحتاج لتكاتف جميع الجهود من أجل انقاذ اكثر من 30 مليون نسمة من خطر الجوع القادم ، ولذلك أرى ان تنمية الصعيد لايبدأ ابدا " بطانية" ولكن يبدا بأحساس القائمين على الحكم وأيضا المعارضة ورجال الاعمال والشركات بمدى معاناة الصعيد وأهله ، ولعل أبرز المشكلات التي تجسدت في هذا الملف الشائك وتلك القضية المفتوحة المغلقة أنها أصبحت دائرة مفتوحة للنقاش والكلام بلا صدي أو مردود حقيقي يتناسب أو يقترب من حجم الضجيج المثار حولها فما من حوار من مسئول حكومي إلا وتجد علي لسانه جملا مستهلكة مثل تنمية الصعيد.وتشجيع المستثمر علي الاستثمار في الصعيد. وغير ذلك من العبارات التى تستخدم للاستهلاك الاعلامى فقط . إن تنمية الصعيد تحتاج لبرنامج واضح لأن الصعيد يمثل الأمن الاقتصادي، والغذائى ، والصعيد به العديد من المجالات الاستثمارية مثل الزراعة والصناعة والتكنولوجيا. ولكن نجد أن مشروع تنمية الصعيد هو الحاضر الغائب فى برامج الحكومات المتعاقبة والاحزاب ايضا دون نتيجة او فائدة تعم على الصعيد المهمش بتخاذل متعمد من الجميع ، ولكن على الجميع أن يدرك أنه من شدة الفقر والجوع والاهمال والتهميش قد ينقلب السحر على الساحر وينفجر الاقليم بأكمله فى وجه الجميع لايفرق بين حاكم ومعارض ،ومن هنا لابد من الكف عن التصريحات الوردية والنزول الى أرض الواقع للوقوف على أهم المشكلات المتراكمة التى تواجه أقليم الصعيد ، والعمل على الحد من أرتفاع نسبة الفقر ، وتقليل نسبة الامية ،وتوفير عوامل جاذبة للاستقرار في الصعيد بالنسبة لأبناء الصعيد، وتوفير فرص العمل وتهيئة هذه البيئة لاستقبال نشاط اقتصادى حقيقى ، ومن هنا أرى ان الصعيد لايحتاج بطانية بقدر ما يحتاج نظرة واقعية لمشكلاته .