أعاد الرئيس عبد الفتاح السيسى، الروح لقانون الجمعيات الأهلية، الذى أثار الجدل الواسع بأوساط المجتمع المدنى طوال الشهور الماضية داخليا وخارجيا، منذ إقراره ونشره بالجريدة الرسمية، بعد الموافقة عليه من قبل البرلمان، وذلك بحديث الرئيس بشكل علنى عن القانون وإصابته بعوار، يؤثر على عمل المجتمع المدنى. شهد القانون مجموعة من المواد، التى واجهت تحفظات كثيرة من جانب جهات رسمية وغير رسمية، ما تعلق بآليات تأسيس الجمعيات الأهلية، وأنشطتها والرقابة عليها، وتمويلها، وإنشاء المقرات، والعقوبات التي توقع على من يخالف القانون، وكان تأسيس الجمعيات الأهلية يتم بموجب الإخطار في قانون 84 لسنة 2002 إذ يتم تقديم الأوراق المطلوبة وإذا لم ترد الجهة الإدارية ( وزارة التضامن الاجتماعي) بالرفض خلال 60 يومًا تُصبح الجمعية مشهرة، ومجرد الإخطار يُكسِب الجمعية شخصية اعتبارية، لكن في القانون الجديد يحق للجهة الإدارية رفض استلام أوراق الإشهار تحت زعم عدم اكتمالها أو عدم توافقها مع أهداف العمل الأهلي، وهو ما يمثل تضييقًا عما ورد في قانون 84 في شروط تسجيل الجمعيات الأهلية، وتنص المادة (54) على أنه عند انشاء الجمعية الأهلية لابد من سداد مبلغ لا تقل قيمته عن 50 ألف جنيه وهو ما يختلف عن قانون عام 2002 الذى كان ينص على دفع مبلغ 10 آلاف جنيه فقط. وفيما يتعلق بالمزايا التي تحصل عليها الجمعيات مثل التخفيض بمقدار (50%) من استهلاك المياه والكهرباء والغاز الطبيعى الذى كانت تحصل عليها الجمعيات الأهلية طبقًا لنص المادة (13 ) من قانون 2002، فقد تم تغييرها في القانون الجديد فتنص المادة (13) على أنه يتم معاملة الجمعيات الأهلية في شأن استهلاك المياه والكهرباء والغاز الطبيعى معاملة الاستهلاك المنزلي. ولتنظيم تأسيس وعمل ونشاط المنظمات الأجنبية غير الحكومية تحديدًا تم استحداث جهاز جديد وهو ما ورد في المواد (70-77) من الباب السادس التي تنص على إنشاء الجهاز القومي لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية يتبع رئيس مجلس الوزراء، وتكون له شخصية اعتبارية، وتنشأ له مكاتب في المحافظات الأخرى، ويتولى البت في كل ما يتعلق بتأسيس وعمل ونشاط المنظمات الأجنبية غير الحكومية في مصر، وكافة صور تعاونها مع المؤسسات والجهات الحكومية وغير الحكومية داخل البلاد، والتمويل الأجنبي للجمعيات والمؤسسات الاجتماعية، ويكون من حقه التأكد من إنفاق أموال الجمعيات وغيرها من الكيانات الخاضعة لأحكام هذا القانون في الغرض المخصص من أجله والذى جمعت له، وإصدار القرارات اللازمة لتصحيح أية مخالفات تقع في هذا الشأن، وله في سبيل ذلك الاطلاع على الحسابات البنكية الخاصة بالكيانات الخاضعة لأحكام هذا القانون، ويصدر قرار من رئيس الجمهورية بتشكيله برئاسة رئيس متفرغ بدرجة وزير وعضوية ممثلين للوزارات والجهات المعنية، ومنها ممثلون لوزارات الخارجية والدفاع والعدل والداخلية والتعاون الدولي والوزارة المختصة، وممثل للمخابرات العامة، وممثل للبنك المركزي، وممثل لوحدة غسل الأموال، وممثل لهيئة الرقابة الإدارية، ويكون للجهاز أمانة عامة برئاسة أمين عام متفرغ وعدد من العاملين المؤهلين، ويتولى هذا الجهاز البت في كل ما يتعلق بتأسيس وعمل ونشاط المنظمات الأجنبية غير الحكومية في مصر، وطرق تعاونها مع المؤسسات والجهات الحكومية وغير الحكومية داخل البلاد، والتمويل الأجنبي للجمعيات والمؤسسات الأهلية المصرية. كما يتحكم في منح الموافقات للمنظمات الأجنبية غير الحكومية التي لها أنشطة داخل أو خارج مصر، والبت في طلب تجديده أو تعديله أو إلغائه، مع التصريح بإرسال أو نقل أو تحويل أموال أو تبرعات إلى أي شخص، أو منظمة أو هيئة أو مؤسسة أو جهة في الداخل أو الخارج. وبشأن الأوراق المطلوبة لتسجيل الجمعيات ولفتح مقرات أخرى لها : في المادة (8) لا يتم ذكر المستندات المطلوبة حصرًا وهو ما يمثل اختلافًا عن قانون 2002، فتذكر المادة أن اللائحة التنفيذية ستبين المستندات الأخرى التي يجب تقديمها من الراغبين في تأسيس أحد الكيانات المنظمة بموجب أحكام هذا القانون أو شغل عضوية مجلس إدارتها أو مجلس أمنائها أو العمل فيها، وفي المادة (9) من القانون الجديد يذكر أنه سيتم إنشاء الجمعيات الأهلية بعدما يحصل المؤسس على الموافقة، ولكن لن يتم الموافقة على التسجيل إذا كان المؤسس قد أخطًا في التسجيل أو لم يتم استيفاء الأوراق المطلوبة، وفيما يتعلق بافتتاح مقرات أخرى. جاء في المادة (21 ) أنه يمكن للجمعية الأهلية أن تفتتح مكتبا جديدا أو فرعا في أية محافظة ولكن بعد موافقة الوزارة، ولابد للجمعية الأهلية أن تقدم مستندات توضح الفرع الجديد متضمنةً أية أنشطة جديدة ستقوم بها الجمعية الأهلية في هذا المقر، وهو ما يمثل مزيدا من الرقابة على المقرات والمكاتب التابعة للمنظمات الأهلية، وتنص المادة على أنه "لا يجوز للجمعية فتح مقرات أو مكاتب تابعة لها في أي من محافظات الجمهورية تخضع لإشرافها المباشر، لمباشرة وتنفيذ أنشطتها المختلفة بخلاف مقرها الرئيسي إلا بعد موافقة كتابية مسبقة من الوزير المختص أو من يفوضه موضحًا فيها عنوان هذا المقر والنشاط المستهدف والمدير المسئول عنه والعاملين فيه. وفيما يتعلق بأنشطة الجمعيات، نص القانون الجديد في المادة (13) على ألا يجوز للجمعيات وغيرها من الكيانات الخاضعة لأحكام هذا القانون العمل في مجال أو ممارسة نشاط يدخل في نطاق عمل الأحزاب أو النقابات المهنية أو العمالية أو ذات طابع سياسي أو يضر بالأمن القومي للبلاد أو النظام العام أو الآداب العامة أو الصحة العامة، والجديد أيضًا في قانون عام 2016 أنه يحدد للمنظمات الأهلية نشاطها ويتحكم في عملها فوفقًا للمادة (14) لابد أن يتوافق نشاط الجمعية مع "خطة الدولة واحتياجاتها التنموية وأولوياتها"، وتُعد تلك التعبيرات والمصطلحات شديدة العمومية عما ورد في المادة (11) من قانون 84 لعام 2002. كما وضعت قيود على الجمعيات التي تعمل في المناطق الحدودية وذلك أيضًا من أجل حماية الأمن القومي المصري فتنص المادة (13) على أنه "يجب على الجمعيات وغيرها من الكيانات الخاضعة لأحكام هذا القانون والتي تمارس أعمالها وأنشطتها في المناطق الحدودية التي يصدر بتجديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء الحصول على ترخيص بتنفيذ تلك الأعمال من الجهة الإدارية". أما بالنسبة للتمويل: في المادة ( 24 ) من القانون لابد للجمعية الأهلية أن تُخطِر الإدارة بأية تمويل لها وإذا لم يصلها رد من الجهاز التنظيمي خلال 60 يوما فيعني ذلك أنه تم رفض التمويل، وذلك على النقيض من قانون 2002، فتنص المادة على أنه "يجوز للجمعية أن تقبل وتتلقى الأموال والمنح والهبات من أشخاص طبيعيين أو اعتباريين مصريين أو أجانب من خارج البلاد، أو من أشخاص طبيعيين أو اعتباريين أجانب من داخل البلاد، على أن تودع تلك الأموال في حسابها البنكي دون غيره والتأشير في سجلاتها بذلك، ويصدر الوزير المختص قرارًا ينظم إجراءات وقواعد تلقي تلك الأموال بعد أخذ رأي الجهاز، وذلك خلال ثلاثين يوم عمل من تلقي الأموال ودخولها الحساب الخاص بالجمعية، وللجهاز حق الاعتراض خلال الستين يوم عمل التالية من تاريخ الإخطار"، يُخضع القانون أيضًا جميع الحسابات المصرفية للجمعيات لإشراف البنك المركزي ويمنعها من إرسال أموال إلى خارج مصر دون موافقة الجهات الرقابية، كما سيكون لممثلي الجهاز القومي الحق في التفتيش على عمل أية جمعية وتمويلها في أي وقت، وتقديم طلب إلى المحكمة بحل الجمعية أو تعليق عملها لمدة عام أو استبدال مجلس إدارتها إذا انتهكت أيا من قواعد التمويل. وبشأن الرقابة: فرّق القانون بين الرقابة على الجمعيات الأهلية المصرية والأجنبية، ففيما يتعلق بالجمعيات الأهلية المصرية نصت المادة (15) على التالي "فيما عدا المنظمات الأجنبية غير الحكومية تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات الجمعيات والمؤسسات الأهلية"، أما الجمعيات الأهلية الأجنبية فلابد أن يُراقب عملها من قبل الجهاز القومى لتنظيم عمل المظمات الأجنبية غير الحكومية، وذلك بخلاف قانون (84 ) لسنة 2002 الذي لم يخول لتلك الأجهزة هذا الدور الرقابي. وعن العقوبات: تم استحداث عقوبة الحبس في القانون الجديد وهذا منصوص عليه في المواد (87-89)، وهى التي توضح على من تقع عقوبة الحبس والغرامة بصورة تفصيلية، مع توضيح مدة الحبس وقيمة الغرامة، فتنص المادة 88 على سبيل المثال، أنه "يُعاقب بالحبس الذي لا تزيد مدته عن سنة أو بالغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد عن خمسمائة ألف جنيه كل من أجرى أو شارك في إجراء بحوث ميدانية أو استطلاعات رأي في مجال العمل الأهلي دون الحصول على موافقات الجهات المعنية قبل إجرائها".