ينشر موقع "صدى البلد" الإخباري، نص كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال افتتاح النصب التذكاري "إحياء الإنسانية" بشرم الشيخ. وإلى نص الكلمة: "أصحاب الفخامة والسمو، السيدات والسادة، شباب العالم الحالم بالمستقبل، الحضور الكريم.. فى مستهل حديثى إليكم اليوم، وفى حضور هذه النخبة المتميزة من شباب العالم والمهتمين بشئونه، أود أن أتوجه إليكم جميعًا بالتحية والتقدير لوجودكم هنا على أرض سيناء الغالية ملتقى الشرق والغرب ومقصد الباحثين عن السلام وملتقى التاريخ والجغرافيا أرض الإله والأنبياء. كما أود أن أعبر عن عظيم الفخر بشباب مصر الواعد، الوارث لعظمة الأجداد، والعازم على إنقاذ إرادته، وتحقيق آماله وغاياته هؤلاء الشباب الذى لولا إصرارهم الواعى وحماسهم الإيجابى، ما كنا لنجتمع في هذه القاعة هذا الإصرار وذلك الحماس الموروث من الأجداد الذين صاغوا الأحرف الأولى في كتاب الحضارة، وضعوا لهذا الحلم تاريخه ومستقبله. كما أود في هذا الجمع الكريم أن أعلن بوضوح عن كامل انحيازى لشباب بلادى بصفة خاصة ولشباب العالم على العموم ليقين لدى راسخ أن بحماس الشباب ووعيه تصنع المعجزات ويبنى الحاضر ونعبر جميعًا للمستقبل بخطى راسخة وواثقة على مبادئ الحضارة والإنسانية. إن حلم شبابنا كان صناعة منصة حرة يلتقى فيها شباب العالم من كل جنس ولون ودين وعرق، ليجدوا سويًا مساحات مشتركة تتلاقى فيها أحلامهم ويتبادلون الرؤى ويعبرون عن آرائهم فيما يواجهه عالمنا اليوم من تحديات وإشكاليات. ذلك الحلم الواعد الذى يبحث عن السلام والإبداع والتنمية، بدلًا من الخوض في صراعات المصالح الضيقة. الحضور الكريم... إن شباب مصر الممتلئ حماسًا ووعيًا، والذى تأصلت فيه شخصية وطنه بالأعمدة السبعة للحضارة، والتي شكلت وجدانه وصاغت رؤيته الإنسانية، وصنعت بداخله نقطة تلاقى للحضارات والثقافات والأديان أصبح هو الرقم الأهم في معركة بناء الوطن التي نخوضها في مواجهة تحديات عديدة طالت الإقليم ومصر، وبينما تعصف هذه التحديات بدول وحضارات من حولنا، استطاع شباب أمتنا مجابهة التحديات، وواجهوا الإرهاب بالفن والثقافة قبل السلاح، وشرعوا في بناء الوطن، واثقة خطواتهم ومتسارعة. وأقول بصوت الحق والحقيقة إن أمتنا قد صاغت خلال سنوات قليلة رؤية جديدة قائمة على العودة للأصول الإنسانية ومبادئ الحضارة وتسعى لاستبدال أطروحات الصدام الحضارى بالتكامل والحوار، وترسخ لفكرة احترام الإختلافات الثقافية واحتوائها، بدلًا من محاولات فرض الرؤى والأيدلوجيات بالقوة، وقد كانت هذه الرؤية نابعة من الثراء الحضارى المكون للشخصية المصرية بأبعادها السبعة، فمصر الفرعونية التي كانت مبدأ الحضارة والتاريخ اكتسبت أبعادًا مكانية ثلاثة، ترتبط بامتدادها الأفريقي، والآسيوى، والمتوسطى، ثم تطورت بامتزاجها بالأبعاد الحضارية اليونانية الرومانية، والقبطية والعربية والإسلامية، ومن ثم أصبحت مصر هي الرقم الصحيح في المعادلة الإقليمية والدولية الساعية لإيجاد حلول واقعية لهذه النزاعات والصراعات والقادرة على زيادة الرقعة المشتركة التي ستجمع الفرقاء من أجل عالم أكثر سلامًا واستقرارًا ينعم بالمحبة والتآخى ويستعيد إنسانيته المفقودة. شباب العالم المجمتع في أرض الكنانة... أدعوكم للحوار الجاد البناء على مدار فعاليات هذا المنتدى المتنوعة في الشكل والمضمون، وأرجوكم أن تجنحوا بأحلامكم إلى آفاق الإبداع، وأن تعقدوا العزم على إنقاذ إرادتكم مخلصين لها الحلم ولو كره الكارهون، أبدعوا بعقولكم وأحبوا الحياة بقلوبكم وانطلقوا نحو الغد الذى سيليق بكم، اجعلوا اختلاف أديانكم وألوانكم وأعراقكم وأجناسكم قيمة مضافة لحلمكم وثراءً لمستقبلكم ولا تتفرقوا أبدًا، اجعلوا كنزكم في رحلة إلى المستقبل الواعد المفعم بالسلام والاستقرار والتنمية، مارسوا الصدق وآمنوا بالحلم يتحقق ولو بعد حين، فالأحلام لا تسقط بالتقادم. أصحاب الفخامة والسمو.. الحضور الكريم... علينا أن نقف اليوم أمام مسئوليتنا التاريخية داعمين لأحلام شبابنا بكل ما أوتينا من قوة وعزم وعائدين لمبادئ الإنسانية، وأعلنها من هنا من أرض سيناء المباركة هذه الأرض التي تفوح منها روائح المحبة ويظللها غمام السلام، وتشرق شمسها بالتسامح والمودة إننى سأدعم مبادرة شباب مصر للعودة إلى الإنسانية والعمل على إرساء قواعد السلام والمحبة والانحياز إلى الحوار الحضارى الإنسانى القائم على تعليم الأديان السمحة التي جعلت عمارة الأرض وحسن الخلق قاسمًا مشتركًا أعظم بينها بعيدًا عن التطرف والغلو لمعتقد أو دين، وفى هذا المكان وضعت لبنة أولى لنصب تذكارى يذكرنا بأن الله قد استودع الحياة في قلوب البشر وعلينا أن نحفظ أمانة الله في قلوبنا، سأعمل ومعى المصريون على نشر رسالات البناء والتنمية والعدل، متسلحين برقائق الحضارة المصرية الفريدة وشخصياتها المتميزة على مدار العصور، وسويًا سنرددها؛ تحيا الإنسانية.. يحيا السلام.. تحيا الحضارة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".