نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقالًا للسفير الإماراتي لدى الولاياتالمتحدة يوسف العتيبة، أكد فيه أن قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن حققت تقدمًا ملموسًا ضد قوى التطرف. وقال العتيبة إنه بات من المؤكد الشهر الماضي أن إبراهيم العسيري، مخطط عمليات التفجير بتنظيم القاعدة، قد لقي مصرعه في غارة جوية باليمن. وكان العسيري مخطط هجمات استهدفت مصالح دولية وأمريكية، منها العملية المعروفة باسم "تفجير الملابس الداخلية" عام 2009، التي حاول خلالها إسقاط طائرة أمريكية. ووفقًا للقائم بأعمال مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السابق مايكل موريل، فقد كانت تلك أكبر عملية إرهابية يتم إحباطها منذ قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وأوضح العتيبة أن مقتل العسيري هو آخر النجاحات في اليمن ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، من خلال عملية عسكرية ومخابراتية منسقة بين الإمارات العربية المتحدةوالولاياتالمتحدة. وقادت الإمارات على الأرض حملة عسكرية نجحت في تحييد أكثر من 2000 من المسلحين المتشددين من ميادين القتال باليمن، وتحسين الأمن وتسليم مساعدات إنسانية وإنمائية في مدينة المكلا الساحلية ومناطق محررة أخرى. وأضاف العتيبة أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب كان يتمتع بوضع قوي في اليمن منذ ثلاث سنوات، إذ كان يسيطر على ثلث مساحة البلاد ويروع اليمنيين ويخطط لمزيد من الهجمات التي تستهدف أهدافًا أمريكية ودولية، أما الآن فقد أصبح التنظيم في أضعف حالاته منذ عام 2012. وتابع العتيبة أنه لسوء الحظ فإن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ليس التهديد الرئيسي الوحيد في اليمن، فهناك الحوثيون الموالون لإيران والذين يعملون كوكلاء لها على غرار حزب الله، وهم الذين فجروا الأزمة السياسية والإنسانية الحالية في اليمن. وبالرغم من أن الحوثيين يمثلون بالكاد 5% من سكان اليمن، فإنهم أسقطوا عن طريق العنف حكومة اليمن الشرعية بين عامي 2014 و2015، واستولوا على العاصمة صنعاء ومدن رئيسية أخرى وكامل الساحل اليمني على البحر الأحمر. وكانت أولى عبارات النداء للسلاح التي رفعوها هي "الموت لأمريكا". وتزود إيران الحوثيين ببعض من أكثر الأسلحة والتقنيات تقدمًا، وقد وثقت الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة وخبراء مستقلون أن ترسانة الحوثيين تضم صواريخ مضادة للسفن وقوارب ناسفة موجهة عن بعد يتم إطلاقها للاصطدام بالسفن وناقلات النفط التجارية، ومئات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التي استهدفت المدن والمدنيين في المملكة العربية السعودية، وأكثر من نصف مليون لغم أرضي وعبوات ناسفة متقدمة الصنع تُزرع بعشوائية وكان لها آثار مدمرة على الشعب اليمني. وبتفويض من الأممالمتحدة، تحقق الإمارات كجزء من تحالف عربي أوسع تقدمًا ملحوظًا ضد الحوثيين، حيث تم تحرير أجزاء كبيرة من جنوب اليمن، وتم تأمين الجزء الأكبر من ساحل البحر الأحمر مع التركيز حاليًا على تحرير مدينة الحديدة، آخر نقطة ساحلية تحت سيطرة الحوثيين، وقد خفف هذا الهجوم المخطط بعناية من المخاطر على الملاحة الدولية وفرض المزيد من الضغوط على الحوثيين لإجبارهم على التفاوض، وتأمين تدفق المساعدات الإنسانية، والتي أصبحت نقطة ذات أولوية قصوى. وأضاف العتيبة أنه بينما تتولى الإمارات موقعًا قياديًا في الحرب ضد التطرف والعدوان، هناك دول أخرى تدعمه وتسانده. وبينما شددت الولاياتالمتحدة العقوبات على إيران الشهر الماضي بسبب تدخلاتها في اليمن وعبر الشرق الأوسط، أثبتت قطر مرة أخرى أنها راعية التطرف الإسلامي، وأجرى تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر اتصالًا بالرئيس الإيراني حسن روحاني ليعرض عليه دعم قطر وتعزيز التعاون البحري وحوافز استثمارية وعقود إنشاءات. ولم يقف التواطؤ القطري مع التطرف عند هذا الحد، فكما كشفت "واشنطن بوست" في تقريرها في أبريل الماضي، دفعت قطر فدية بمئات الملايين من الدولارات للحرس الثوري الإيراني وجماعات متطرفة أخرى لإطلاق سراح مختطفين من العائلة المالكة القطرية. وفي اليمن منحت مؤسسة عيد الخيرية القطرية الملايين للقيادي بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب عبد الوهاب الحميقاني، الذي عمل سابقًا بوزارة الشئون الدينية في قطر. وتُعد قناة الجزيرة القطرية المملوكة للدولة بوق التطرف في المنطقة، كما يتمتع ممولو الإرهاب المدرجين على قوائم الولاياتالمتحدةوالأممالمتحدة ودول أخرى بملاذ آمن في الدوحة. وتابع العتيبة أنه على العكس تمامًا من قطر، تقاتل الإماراتوالولاياتالمتحدة يدًا بيد ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب باليمن، وضد حركتي طالبن والقاعدة في أفغانستان وحركة الشباب الصومالية وتنظيم داعش في سوريا. وبحسب العتيبة، ينبغي أن تولى الأولوية الآن لإنهاء الحرب في اليمن، وتعتقد الإمارات أن العملية السياسية هي الفرصة الوحيدة لحل دائم، وهي تدعم بقوة جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث، تلك الجهود التي رفضها الحوثيون قبل أيام من خلال التغيب عن المحادثات المتفق عليها في جنيف. وأكد العتيبة أن المخاطر الأمنية المحيطة بشبه الجزيرة العربية تتفاقم، وأن الحوثيون عنيدون وخطرون ويعتمدون على الإمدادات الإيرانية، مضيفًا أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب سيظل خطرًا محدقًا طالما يفتقر اليمن إلى الأمن والحكم الفعال، وأن التنظيمات الإرهابية تهدد الدول والتجارة الدولية بالاعتماد على صواريخ باليستية وطائرات مسيرة مسلحة تحصل عليها من إيران، وهم يفرخون مفجرين انتحاريين قادرين على تفجير الطائرات فوق الأراضي الأمريكية. وختم العتيبة بالقول إن الشرق الأوسط منطقة معقدة وخطرة، لكن الإمارات واضحة في رؤيتها للمنطقة وللشركاء الذين يشاركونها رؤيتها. وبينما يراهن البعض على إيران تحارب الإمارات أكثر وكلائها خطورة، وبينما يدعم البعض ويشجع المتطرفين تقف الإمارات مع الولاياتالمتحدة في الخطوط الأمامية لدحرهم، وهي مهمة صعبة ومميتة، لكن الإماراتوالولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي أصبح أكثر أمنًا بفضلها.