عانت بلاده من الاستعمار والتمييز العنصري لسنوات طويلة في القرن الماضي، فكان الحل أن يبحث مع زملائه عن يد العون التي قد تُمد له ولكن خارج بلاده، فقرر الرحيل إلى بلد سبقته في التحرير من الاستعمار الإنجليزي وكانت وجهته مصر، ونشأت حينها حركات التحرير الإفريقي في كل الدول الإفريقية وكان من شروط نشأتها امتلاك مكتب خارجي في مصر والذي يعرف باسم "الجمعية الإفريقية" والتي تقع حاليًا في الزمالك. وقضى المناضل نيلسون مانديلا الذي يحل اليوم الذكرى المئوية لميلاده، الكثير من الرحلات خارج بلاده بحثا عن حل للحرية، منها 3 زيارات إلى مصر. وأتى المناضل الثوري مانديلا، إلى مصر عام 1961، وساعده الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، في تأسيس مكتب لشئون الأفارقة، بعدما قضى أكثر من شهرين في رحلته من جنوب إفريقيا للقاهرة، وكانت صعبة حيث قطع مسافات طويلة على قدميه بسبب عدم امتلاكه لمال كاف، كما قال محمد عبدالغفار السفير فوق العادة لدى منظمة حركة التحرير الإفريقي لدول شمال إفريقيا والعالم العربي ل"صدى البلد". ورغم محاولات المقربين من مانديلا، من جمع المال الكافي لرحلته إلا أنه كان من الصعب حجز تذكرة طيران أو في القطار باسمه لأن اسمه كان مدرجا على قوائم الطيران والمعابر بأنه مطلوب القبض عليه لأنه ثوري هارب، ولكن كانت المنطقة الآمنة له هي السودان حيث استقل القطار ليصل إلى مصر، وبعد وصوله اعتنى به المصريون في الجمعية الإفريقية. وكانت هذه الزيارة إلى مصر سرية بالاتفاق مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ومساعده محمد فايق، وسعى مانديلا خلال هذه الزيارة لافتتاح مكتب حزبه في مصر، ومحاولة إيجاد حل لإنهاء الحكم العنصري في جنوب إفريقيا، وقضى في مصر حوالي سنة خلال هذه الزيارة، وكان على اتفاق مع الوزير محمد فايق بمقابلته ولكن سرعان ما سافر مانديلا قبل أن يقابله. تم القبض على مانديلا بمجرد وصوله إلى بلاده وقضى 27 عامًا في السجن بتهمة التآمر مع دول أجنبية، وتم الإفراج عنه في عام 1991، فقرر زيارة مصر الأحب إلى قلبه للمرة الثانية. وكانت الشوارع المصرية ممتلئة بمحبيه من ذوي البشرة السمراء ومحبي الحرية، خلال زيارته إلى القاهرة عام 1991 برفقة زوجته، حيث استقبلوه كرمز للنضال الوطني منذ وصوله المطار وحتى مقر الجمعية الإفريقية في الزمالك، وبسبب الزحام الشديد واندفاع الناس فقد مانديلا حذاءه، وألقى كلمته في شرفة الجمعية الإفريقية بالزمالك، كما قال عبدالغفار. وحرص مانديلا على زيارة مصر لثالث مرة ولكن وهو رئيس حر منتخب لجنوب إفريقيا وكانت في عام 1995 ولكنها كانت أكثر تنظيمًا، وتوفى مانديلا، الحائز على جائزة نوبل للسلام في 5 ديسمبر عام 2013 عن عمر يناهز 95 عامًا.