* ملف "الهجرة" أبرز القضايا الخلافية بين أحزاب الحكومة المتفاوضة * الرئيس الألماني: نعيش أسوأ أزمة سياسية منذ 70 عامًا * ميركل أمام خيارين إما حكومة أقلية أومواجهة انتخابات غير مضمونة النتائج تواجه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التى تلقب ب"المرأة الحديدية" لأنها شغلت منصبها الرفيع لعدد قياسي من السنوات، اختبارًا صعبًا أمام اليمين المتطرف إثر الإعلان أمس، الأحد، عن فشل المحادثات لتشكيل ما يعرف بائتلاف "جامايكا" بسبب عدم بناء الثقة بين الأحزاب المتفاوضة ومن ثم عدم الاتفاق على رؤية لتحديث ألمانيا، وكذلك قضايا الهجرة وتبعات سياسة استقبال طالبي اللجوء التي اعتمدتها ميركل، وقالت مجلة "دير شبيجل" إن "البلاد تواجه لحظة بريكست ألمانية ولحظة دونالد ترامب". كانت ميركل اضطرت في أعقاب نتيجة مخيبة للآمال بالنسبة للتحالف المسيحي بزعامتها في انتخابات سبتمبر الماضي، للدخول في مفاوضات لتشكيل ائتلاف ثلاثي يجمع تكتلها المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، والحزب الديمقراطي الحر وحزب الخضر، وأطلق على الائتلاف الثلاثي اسم ائتلاف "جامايكا"، لأن الألوان المميزة للأحزاب المشاركة هي نفس ألوان علم دولة جامايكا، ممثلة في التحالف المسيحي بزعامة ميركل، (اللون الأسود) وحزب الخضر (اللون الأخضر) والحزب الديمقراطي الحر (اللون الأصفر). وقال الرئيس الألماني، فرانك والتر شتاينماير، إن ألمانيا تعيش أسوأ أزمة سياسية على مدار 70 عاما مضت، لافتا إلى أن المحادثات الأولية لتشكيل حكومة لم تأت بنتائج، ونحن الآن في موقف لم يسجله التاريخ الألماني ل70 عاما، وهو موقف يضع الأحزاب السياسية أمام تحديات أكبر، ودعا الرئيس الألماني، الأحزاب السياسية إلى التخلي عن طموحاتها الخاصة ووضع صالح البلاد كأولوية، وأضاف: "حانت اللحظة التي يتوجب على جميع المشاركين التوقف والتفكير في مواقفهم، ويتوجب على جميع الأحزاب السياسية المنتخبة للبوندستاج أن تعمل للمصلحة المشتركة، وأنتظر من الأطراف المتفاوضة إظهار استعداد لتشكيل حكومة في المستقبل القريب، بدلا من تنظيم انتخابات مبكرة ستضعف موقف ألمانيا وأوروبا"، ورفض شتاينماير الذي يتمتع بحق إطلاق الانتخابات التي يمكن أن تؤدي إلى حل مجلس النواب اللجوء إلى هذا الإجراء على الفور لأنه يريد أن يتيح لميركل إمكانية استغلال كل الفرص من أجل تشكيل حكومة. من جهة أخرى، أعلن رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، الذي رفض دخول الائتلاف مع ميركل، مارين شولتز، أن حزبه غير مستعد الدخول في ائتلاف حكومي، مؤكدا أنه لا يخشى إجراء انتخابات جديدة، وقال شولتز:"نحن كما كنا لا نخشى إجراء انتخابات جديدة، ونظرا لنتائج انتخابات 24 سبتمبر، نحن غير مستعدين لدخول "الائتلاف الكبير". ووفقا لخبراء، في حال عدم نجاح المفاوضات لتشكيل ائتلاف هناك خياران، أولا، حكومة أقلية لم يعرفها تاريخ ألمانيا من قبل، وثانيا، إجراء انتخابات جديدة والتي لم يعلن عنها بهذه السرعة الفائقة فيما مضي، وبالنسبة لميركل، ففي حالة توصلها إلى تشكيل حكومة فستكون في وضع هش إما إذا نظمت انتخابات مبكرة فمن غير المرجح أن تحصل على تجديد الثقة، لأن قرارها بفتح الحدود أمام أكثر من مليون مهاجر في عام 2015 يواجه اعتراضات متزايدة في الداخل، وكانت ميركل فازت في الانتخابات التشريعية في سبتمبر الماضي مع أسوأ نتيجة لحزبها المحافظ منذ عام 194 بسبب انتقال عدد كبير من الأصوات إلى اليمين القومي، الذي حرمها بدخوله إلى مجلس النواب من الأغلبية، ويمكن أن يستفيد هذا الحزب الذي يركز على معاداة الهجرة والإسلام من فشل ميركل في تشكيل الحكومة ويعزز انتصاراته، ورحب المسئولان في حزب "البديل لألمانيا" اليميني المتطرف باجراء انتخابات جديدة. وسبب الإخفاق في تشكيل الحكومة قلقا في أوروبا، خاصة فرنسا التي قدم رئيسها إيمانويل ماكرون، في سبتمبر، مقترحات لإنعاش الاتحاد الاوروبي ومنطقة اليورو. واعتبرت الرئاسة الفرنسية "الإليزيه" أن فشل المفاوضات يزيد من ضرورة وضع مشروع أوروبي طموح، وأعربت الرئاسة عن أملها أن تكون ألمانيا مستقرة وقوية، لافتة إلى أن هذا يعزز ضرورة أن تقدم فرنسا مقترحات وتتخذ مبادرات للعمل من أحل مشروع أوروبي طموح "سنقوم بتطبيقه مع شريكنا الألماني". وقال ماكرون، اليوم، الاثنين، إن "التشنج ليس في صالحنا ويتعين علينا أن نتقدم"، وأعرب عن الأمل في أن تظل برلين شريكا "قويا ومستقرا" حتى تتمكن أوروبا من "المضي قدما معا"، كما صرح مرجريتيس سكيناس، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية: "نحن واثقون من أن العملية الدستورية في المانيا ستكون الأساس بالنسبة إلى الاستقرار والاستمرارية اللتان تميزان السياسة الألمانية".