أصبحنا في حالة (تربص) لبعض، انقسمنا إلي شتات البعض .. منا أصبح لديه فوبيا ووله للأشخاص الذين يؤيدونه تصل لحد التأليه، بينما ينظرون لمن يخالفهم الرأي بازدراء وكأنهم أعداء وليسوا أبناء لهذا الوطن، وتحولت الحياة فيما بيننا إلي حالة مستمرة من الشد والجذب مبنية في الأساس علي الشك في سلوك الآخر ورفضه لمجرد الاختلاف في السياسات أو العقائد. أصبحنا نعيش هذه الحياة حتي ولو لم نكن مدركين إننا نعيشها ، وأصبح التشكيك في الآخر هو دستور حياتنا الجديد ولا ادري من غرس فينا هذا الشعور الذي اصبح هو المسيطر علي حياتنا بصورة تبدو وكأن ثوار 25 يناير قاموا لترسيخ ذلك بدلا من الحرية والعدالة الاجتماعية التي نادوا بها وتحققت علي أيديهم، وانجرفنا في البداية للانتقام والتخوين ثم ذهبنا إلي ما هو ابعد من ذلك بثقافة جديدة علي مجتمعنا مبنية علي فقدان الثقة والتربص للآخر حتي ولو كان الآخر في وقت من الأوقات كان مثالاً للوطنية ولكن تعارضت المصالح معه فأصبح مشكوكا في كل تصرفاته وأفعاله فجأة. من حقنا أن نختلف، والاختلاف أساس الحياة ولكن أن يصل هذا الاختلاف إلي درجة الانتظار لخطأ الآخر للنيل منه فهو أمر غريب ولن يؤدي بنا إلي البناء الذي ننشده لبلادنا ، وتقسيم البلاد إلي القسمة التي وصلنا إليها الآن خطر علي مستقبلنا، ولا يضمن لنا حياة مستقرة مبنية علي الأهداف التي نادت بها ثورة 25 يناير، فالشك في الأشخاص أصبح هو الأساس بالرغم أنه الاستثناء، والسلطة في أي مكان علي ارض المحروسة نتعامل معها علي أساس الريبة في كل ما تتخذه من إجراءات، وفي المقابل فإن تلك السلطة تنظر لمنتقديها نظرة شك في نوايا انتقاداتها بدلا من احتواء هذا النقد والاستماع إليه والتحاور معه للوصول إلي لغة مشتركة للجميع بدلا من العزف المنفرد لكل فصيل والذي أصبح نشاذا في آذان الوطن. بعد الثورة لم يعد هناك من هو بعيد عن الحساب، ولا توجد ملفات غير قابلة للفتح وأيضاً لا يوجد إناس فوق مستوي النقد والمراجعة ، تلك كلها أمور حميدة وتضعنا علي الخطوات الصحيحة نحو الديمقراطية التي ستبني وطننا وتؤدي إلي نهضته، ولكن لابد في ذات الوقت أن نسعي إلي تفعيل ذلك وليس هدمه، فما نحن فيه هو الهدم وليس البناء من جميع الأطراف بسبب حالة الريبة والشك تجاه الآخر الذي نعيش فيه، فلا يوجد مسئول حاليا يحصل علي فرصته ويقدم أفكاره،وأغرقنا كل المسئولين في دوامة المشاكل وسعينا لحسابهم يوما بيوم وننتظر قراراتهم لننتقدها حتي ولو كانت في الصالح، وهو ما أدي إلي توتر العلاقة بين المسئول ومنتقديه أو من يقفون علي يساره في أفكاره واستراتيجياته، لنعيش حالة سياسية تاريخية لم تمر بها البلاد من قبل وتخلق في نهاية الأمر مناخا ديكتاتوري هو كل ما أخشي أن نصل إليه بعد ثورة الحرية والديمقراطية. دعونا نتحاور علي أساس أننا متكاملون ولسنا فرقاء، وأننا وطنيون ولسنا خونة، وان البلد الذي يعيش فينا يتسع للجميع ولا يمكن أن ينفرد به فئة أو جماعة أو فصيل، فقط دعونا نتعامل جميعا بحسن ظن تجاه الآخر ونمحو الشك الذي بداخلنا والاهم أن نتصالح ولا ننظر للماضي ويكون هدفنا هو الانتقام مما كان قائما، انظروا للمستقبل فمصر تستحق منا ذلك. نقلا عن الأخبار