وكأنك يا أبو زيد ما غزيت..مرة أخرى تدفع الداخلية بسمعتها الوطنية إلى أتون محرقة جديدة لن تبقى لها مساحة لإعادة الإعمار وبناء الشرف الوطني المهدر مجدداً. فعلى الرغم من نشر الأخبار الدعائية لانتصارات الوزارة على صعيد إعادة الامن بعد أن أشهر الرئيس مرسي عصا الاستبعاد والمحاكمة لقياداتها وتحميلهم مسئولية إنجاح أحد بنود دعايته للانتخابات المقبلة إلا أن الثورة المصرية تنظر إلى هذه التحركات على أنها تأكيد على عدم استيعاب قيادة هذا الجهاز الوطني المحترم لدروس الثورة التي أطاحت أول ما أطاحت بوجودها على الأرض. الدرس الذي لم تستوعبه الداخلية في نظري هو إقحام نفسها ورجالها في أتون محرقة ملفات أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية لم تكن هي أحد صناعها..فعندما أصدر الرئيس مبارك لقيادتها السابقة الأوامر بالتصدي للمحتجين بدءاً من أحداث المحلة وحتي يوم 28 يناير يوم الانسحاب الشهير لم تتحرك الداخلية لردع مجرم أو خارج على القانون فحسب ولكن ورطها النظام السابق في علاج عوراته الاقتصادية والاجتماعية التي كانت وقوداً لانتفاضة الشعب في 25 يناير. وهو الأمر نفسه الذي تقوم به اليوم ولكن وفقا لشرع الإخوان الذين أيضا يتعاملون مع مطالب الناس وغضبها على أنها قضايا أمنية تواجه بقوات الشرطة لفرض الأدب على المصريين خاصة بعد أن أفتي دعاة الإخوان وشيوخها بأن هؤلاء المتظاهرين خوارج وفلول ويجب إسكاتهم بالقوة وجبروت السلطان لا بتلبية مطالبهم. لا أدري هل فعلا تدرك الداخلية أن الانفلات الأمني المقصود به هذه الثورة غير المعلنة في كل محافظات الجمهورية من اعتصامات واضرابات ومسيرات ليس ملفا أمنيا بل ملف سياسي يجب أن تتعامل معه حكومة قنديل لا عساكر أحمد جمال الدين . إن أدركت ذلك فما تفعله اليوم جريمة سيقدم المسئولون عنها إلى المحاكمة آجلا أو عاجلا وإن لم تدرك ذلك فهي مصيبة تؤكد أن وزارة الداخلية مقبلة على حرق ما تبقى من شرفها الوطني على أنقاض حكم الإخوان . ..دوركم أيها السادة أمني وليس سياسيا وليكن منكم من يستطيع أن يصدع بهذا إلى السيد رئيس الجمهورية قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم.