تزايدت مخاوف القطاع الفني والثقافي في مصر بعد انتهاء الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية، بأغلبية واضحة للتيار الإسلامي. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط مخاوف عدد من الفنانين التشكيليين والمثقفين، تركزت في أغلبها على توقع صدام وشيك بينهم وبين رموز التيار الإسلامي. من جانبه، توقع الفنان التشكيلي ومؤسس جمعية أصالة للفنون التراثية والمعاصرة عز الدين نجيب، تراجع العمل الثقافي، خصوصا الإبداعي منه في حال حكم الإسلاميون مصر. وقال نجيب إن نظرة الإسلاميين للفن والثقافة تتصادم مع رؤى أغلب المثقفين التي تقوم على حرية التعبير وإنهاء كل أشكال التدخل والرقابة والوصاية على الإبداع. وأوضح أن المثقفين يتوقون إلى فتح المنابر والنوافذ على جميع الاتجاهات دون قصرها على أيديولوجية أو اتجاه بعينه، مضيفا: "لا أظن أن هذا التوجه الذي ارتضته الجماعة الثقافية منذ عصر التنوير الأول في بداية القرن الماضي، يناسب فكر الإخوان المسلمين أو السلفيين الذين لا يرحبون بالفن الذي يقوم على أساس التشخيص مثل النحت والتصوير وفنون السينما والمسرح والأعمال الأدبية". وتوقع أن يحرص الإسلاميون على تأكيد مفهومهم الأيديولوجي القائم على نظرة من الماضي للثقافة، وبذلك سنعود إلى الوراء. وقال الفنان التشكيلي المعروف جميل شفيق، إنه ليس متفائلا ولا متشائما بصعود التيار الإسلامي في مصر، وأضاف أن الإسلاميين واقع موجود ويفرض نفسه، لكن يجب الأخذ في الاعتبار أن القوى الجديدة لم تتبلور بعد. ولفت إلى أن الشباب دائما ما يفاجئون النخبة وغيرهم، وهو ما حدث في ثورة 25 يناير، متوقعا أن يفاجئ شباب التيار الإسلامي قيادتهم والنخبة بتبني رؤية مغايرة للقيادة تكسر حالة الجمود الفكري. وقال الموسيقار الكبير الفنان هانى شنودة إنه لا يعرف إذا كانت المخاوف التى تنتاب الشارع الثقافى المصرى جراء الصعود المتنامى للتيارات الإسلامية لهم حق فيها أم لا. وأضاف أنه وشريحة كبيرة من المجتمع قلقة بشأن صعود ما وصفه بالتيار الإسلامى المتشدد، فضلا عن وجود العديد من الأسئلة التى تدور داخل المجتمع لم يجب عنها أحد، وأنه كموسيقار قدم العديد من الأعمال الإبداعية التى عرفها وأحبها الجمهور على مدى سنوات طويلة، لديه قلق خاص على مهنته. وأكد شنودة أن الغالبية العظمى من الشعب المصرى معتدلة وترفض التشدد والتطرف. فيما أكد الكاتب والمفكر سمير مرقص أنه من غير المعقول أن تتحدث تيارات سياسية عن الإبداع والتشكيك فى هوية مصر المركبة واختزالها إلى عنصر واحد، وكذلك اختصار الشأن العام فيما هو أخلاقى على حساب السياسى والمدنى والاقتصادى، لأن ذلك تهديد صريح لدولة المواطنة. وأكد الباحث توفيق اكليمندوس، المتخصص فى شئون الحركات الإسلامية، أن صعود الإخوان المسلمين إلى مقدمة المشهد السياسى ليس مفاجئا، معتبرا أن المفاجأة تكمن فى صعود السلفيين. وأوضح اكليمندوس أن الوضع الحالى فى مصر يتسم بالضبابية إلى حد بعيد، ومن السابق لأوانه التحدث عن الأسباب التى أدت لصعود التيارات الإسلامية أوعن ثقلها الفعلى فى الشارع المصرى، حيث لم تشهد أى انتخابات جرت فى البلاد هذا الإقبال الشديد من الناخبين من قبل، وبالتالى يجب انتظار نتائج المرحلتين المقبلتين حتى يبدأ الباحثون فى دراسة الأسباب. وقال اكليمندوس إنه من المؤكد أن التيار الإسلامى سيفرض رقابة صارمة على الأعمال الثقافية، وإلا فإنه بذلك سيكون قد تخلى عن جزء من دعوته إلى محاربة العلمانية والديمقراطية.