أعاد الهجوم الذي وقع، مساء الخميس، في مدينة نيس بجنوب فرنسا، حُمّى الحملات ضد المسلمين في الدول الغربية من جانب أحزاب وحركات اليمين المتطرف، لاسيما في وقت يشهد فيه الغرب موجة غير مسبوقة من الهجرة من الدول التي تشهد نزاعات بالشرق الأوسط، وما يصاحبها من هجمات إرهابية متكررة ينفذها متطرفون إسلاميون. وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أنه في الولاياتالمتحدة، وبينما لم تكن السلطات الفرنسية قد انتهت بعد من إحصاء جثث ضحايا هجوم نيس، كان نيوت جينجريتش، المرشح المحتمل لمنصب نائب رئيس الولاياتالمتحدة حال فوز المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، بالانتخابات الرئاسية، يشن هجوما حادا ضد الشريعة الإسلامية ومؤيدي إقامتها، في حوار مع شبكة "فوكس نيوز" الإخبارية الأمريكية. ودعا جينجريتش، إلى حظر الشريعة الإسلامية في الولاياتالمتحدة، قائلا: "الحضارة الغربية في حرب.. علينا أن نختبر كل شخص هنا ذا خلفية إسلامية، وإذا كانوا يؤمنون بالشريعة فينبغي ترحيلهم"، وفقا لما نقلته "واشنطن بوست"، في التقرير الذي نشرته للكاتب إسهان ثارور، اليوم الجمعة، وأكد فيه الكاتب أن هجوم نيس دفع اليمينيين إلى الدعوة للحرب على الإسلام. ونقل التقرير عن جينجريتش، الذي كان رئيسا لمجلس النواب بالولاياتالمتحدة، قوله إن "الشريعة لا تتوافق مع الحضارة الغربية"، ملقيا باللوم جزئيا في مسألة الإرهاب على "النخب الغربية التي تنقصها الشجاعة لفعل ما هو صحيح وما هو ضروري". وأشار كاتب التقرير إلى أنه في هذا العام الذي يخيم فيه شبح "الإسلام الراديكالي (المتطرف)" على الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإن هذا النوع من الخطاب يكاد يكون مألوفا لدى العامة، لكن يبدو أنه يظهر على السطح في كل مرة يضرب هجوم إرهابي مكانا في دولة غربية. كما لفت إلى أن الهجوم، الذي لقى إشادة من عناصر تنظيم "داعش" على شبكة الإنترنت- رغم أنه لم تُحدد ما إذا كانت أي جهة مسئولة عن الحادث بعد - يُضاف إلى سلسة من الهجمات الإرهابية التي وقعت في فرنسا – موطن أكبر عدد من السكان المسلمين في الاتحاد الأوروبي - منذ مطلع العام الماضي، لا سيما بعد التعرف على منفذ الهجوم الدموي في نيس على أنه فرنسي مسلم من أصول تونسية. ويأتي الهجوم أيضا بعد شهر شهد عددا من الهجمات الإرهابية المُحفّزة من جانب "داعش" وأوقعت عددا كبيرا من القتلى في كل من تركيا وبنجلادش والعراق، الذي أسفر فيه هجوم واحد على أحد الأسواق بالعاصمة بغداد عن مقتل نحو 300 شخص، ولكن –كما يؤكد الكاتب- لا يوّلد الإرهاب في دول الشرق نفس الغضب اليميني الذي يولده في الغرب الأوروبي بمدينة مثل نيس. وبعيدا عن الولاياتالمتحدة، عرض الكاتب لمشاهد أخرى للحملة اليمينية الشرسة ضد المسلمين في أوروبا في أعقاب هجوم نيس. ففي هولندا، نشر السياسي والنائب بالبرلمان الهولندي ورئيس حزب من أجل الحرية المناهض للأجانب، خيرت فيلدرز، تدوينة على موقع "تويتر"، طالب فيها بمنع الإسلام في بلاده. وفي بولندا، حيث تتولى حكومة يمينية زمام الحكم، قال وزير الداخلية ماريوس بلاشتاك، إن هجوم نيس هو نتيجة "سياسات التعدد الثقافي واللياقة السياسية.. هكذا تنتهي". أما مارين لوبان، زعيمة حزب الجبهة الوطنية الفرنسي، والتي تُعد إحدى أيقونات اليمين المتطرف في أوروبا، فكانت أكثر حرصا، حيث قالت إن "الحرب ضد الأصولية الإسلامية لم تبدأ بعد ... الآن من الضروري أن نعلنها بشكل طارئ". ولفت الكاتب ثارور إلى بروز نجم لوبان في الفترة الأخيرة وسط المخاوف الأمنية التي تجتاح فرنسا، مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية، المزمع إجراءها بعد أقل من عام... وتعكس الشعبية المتصاعدة للوبان مدى تحول أوروبا نحو اليمين في الفترة الأخيرة مع تصاعد التهديد الإرهابي وتفاقم أزمة الهجرة. فيما اختتم الكاتب تقريره، متهما السياسيين اليمينيين "الشعبويين" بعدم التركيز على استراتيجية لمواجهة التهديدات الأمنية قدر ما هم مهتمين بخوض حرب ثقافات والدعوة للترحيل الجماعي للمسلمين، واصفا سلوكياتهم نحو المسلمين بال"شيطنة".