البحث عن ذات... لا أعلم هل نبحث عن ذات تسير بالتواء داخل عدة مسارات متشابكو ومتضادة أم ذات اجتازت كل تلك المسائل فذهبت إلي حيث أراد القدر فأصبحت الملاذ الذي نحاول العثور عليه كي نستقر ولا نرتحلن حيث سئمنا الترحال وفقدنا بعض حماسة المغامرة والتغيير المستمر. لم أعد كما عهدتني أغترب كثيرًا عن ذاتي ربما تكون تلك الذات ما زالت تجاورني وأنا التي مازلت ارتحل فهل في ذلك غضاضة؟ لا أشعر بارتياح لتلك المرحلة التي أمر بها من الاغتراب.. لم يعد بإمكاني المزيد من البحث، فهل يعني ذلك بداية النهاية؟ وأي نهاية تلك التي أتحدث عنها هل هي نهاية مؤقتة لحالة من المعاناة في البحث عن ذات تائهة، أم نهاية لذات حيث لن أجدها وقد قررت أن تدوم في دائرة اللامنتهي ولن أحصل عليها بل سأظل هكذا أخشي الدوران والغرق في دوامة اللامنتهي. تلك الدوامة المخيفة المفروضة بكل ثبات وقوة حيث لن تنتهي ولن اقترب منها أخشي الغرق، تلك الدوامة صنعها القدر الذي لن أستطيع نكرانه أبدًا فالأقدار حالة لا يمكن التخلي عنها وإن أردنا. قلمي أجتاز حجم الخشية التي تملأ فراغي فصال وجال بحثا عن نهاية مكتوب لها حتما أن لا تخط وستترك هكذا يصنعها خيال القارئ الذي ربما يتحول إلي متفرج يوما ما إذا أراد التوغل أكثر فأكثر في تلك الحقبة من توهة قادها القدر وعبر عنها القلم. أبراهام ماسلو" العالم النفسي الأمريكي يقول في هذا السياق إن الإنسان يولد وهو محفز لتحقيق احتياجات أساسية في شكل هرمي بدأ بالحاجات الفسيولوجية كالجوع والعطش، مرورًا باحتياجات الأمن والسلامة، ثم احتياجات الانتماء والتقبل من المجموعة، وصولاً إلى احتياجات اعتبار واحترام الذات في قمة الهرم.. وبعد تحقيق كل هذه الحاجات يجاهد الإنسان لتحقيق ذاته ليصل إلى أسمى مراحل الاكتفاء الذاتي والسلام مع نفسه.
فهل الذهاب في اتجاه هذا المفهوم بما يعني أن مسألة البحث عن الذات مسألة حياتية مستمرة، ولن تنتهي ومن الواجب علينا أن نخشي دومًا الوصول إلي حالة المنتهي فهل مرحلة التلاقي مع الذات وتوقف حالة البحث تعني النهاية والاكتفاء أم السلام مع النفس، وبالتالي أيضًا نهاية الحاجة إلي نضال حياتي مع الأقدار. حالة البحث تقود إلي المغامرة وتلك الحالة تعني مزيد من التزود بالحياتية المغامرة لا تخلو من مجابهة الحياة وأحيانًا كثيرة الالتحام بها وبعض الأحيان التشابك معها.. تلك هي الخلاصة من حالة البحث الدائم عن الذات، توهة داخل حياة تعني دائرة من اللامنتهي سنظل نخشاها ونهابها لكن لن نتوقف عن النبش في طريقها إلا بالنهاية وفي ظني أيضًا تلك النهاية تظل غير مخطوطة بوضوح بل تحمل الكثير من التساؤلات التي تضاف إلي معاناة قاطني الحياه الذين مازالوا في عراك حياتي. لكي نستطيع الاحتفاظ دائما بصورة إيجابية عن الذات التائهة حتي يأتي الوقت المحتوم لنجدها فما نملكه حقا هو أن نتخلص دومًا من ذلك الصوت الخفي المحبط الذي يهمس في الآذان طلبًا لفقدان الأمل ولرسم الصورة السلبية في أذهاننا، فلابد التخلص من تلك الأصوات بحالة من العراك الحياتي الدائم للبحث عن الذات تلك هي الحياة.