نضال وتحدٍ بلا نهاية وتضحيات لسنوات.. عاشت وربت أبناءها أباً وأماً وصديقاً.. كافحت من أجل تعليم أبنائها؛ لذلك استطاعت السيدة "نعمة عبد ربه"، الحصول على لقب الأم المثالية بالقاهرة هذا العام، لتثبت مقولة "لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة" رغم قسوة الظروف التي واجهتها بعد وفاة زوجها منذ 20 عامًا تاركًا لها ثلاثة أطفال دون دخل تنفق منه عليهم، لكن بإرادة قوية قهرت الواقع القدري لتصل بطفليها إلى الجامعة أحدهما "طبيب" والآخر "معلم" وابنتها حاصلة على الماجيستير. "نعمة" توفي زوجها وترك لها طفلين وبنتاً "نجوى وعمر وسيد"، أكملت مسيرت زوجها بائعة ل"العرقسوس والتمر" بمنطقة الدرب الأحمر ثم قامت ببيع الفطير "المشلتت"، لتوفير نفقات المعيشة وتربية أطفالها الصغار، عاشت في غرفة "مترين في مترين" وضمت أطفالها في حضنها خوفاً عليهم من أعين الناس. تروى الأم المثالية قصة كفاحها بأنها "نشأت فى أسرة فقيرة بالصعيد وكان حلمها منذ طفولتها الالتحاق بالتعليم، ولكن الظروف المعيشية لأسرتها لم تمكنها من ذلك، فتزوجت وعاشت مع زوجها فى القاهرة، كان يعمل "سائق قطار وبائع عرقسوس"، فرحل عنها إلى ربه فقرّرت تحقيق حلمها فى أبنائها "نجوى وسيد وعمر". عندما تقدّم سن الأطفال والتحاقهم بالمدارس زادت أعباء ومُتطلبات الحياة على "نعمة"، فلجأت لتربية الدواجن وبيع الفطير والعسل والمربى، واستمرت في هذا العمل لأكثر من 20 عامًا حتى كبر الأبناء، فى منزل بدون كهرباء تحت سقف من البوص وقش الأرز. معاناة "نعمة" كانت تكبر بسبب صغر سنها ورغم ذلك أصرّت على تربية أطفالها وتحقيق حلمها فيهم، واصفة معاناتها "بالعذاب" لكنها لم تستسلم وكافحت وتحملت الظروف الصعبة، إلى أن تفوّق "عمر" وأصبح طبيباً، و"نجوى" حصلت على الماجيستير، و"سيد" معلم لغة عربية. "عمر" الطبيب، أكد أنه "لو ظل يعمل طوال حياته من أجل والدته لن يكون قادرًا على تعويض لحظة واحدة من لحظات التعب والشقاء التى عاشتها أمه من أجل وصولهما إلى تلك المراحل، وأنه صمّم على الالتحاق بكلية الطب من أجل تحقيق حلم والدته". أما "نجوى" التي تسعى للحصول على درجة الدكتوراة، أكدت أنها "كانت تتوجّه إلى السماء بالدعاء وتقول: "يارب وفقنى فى دراستى من أجل أمى وليس من أجلى"، والآن أتقدّم بكل الشكر إلى الله أولا، ثم أمى، التى صمّمت على الكفاح من أجلى أنا وأخوتى، وحرمت نفسها من جميع ملذات الحياة مثل أى امرأة".