الأبواب بعد إسقاط تركيا الطائرة الروسية.. جاء حادث إسقاط تركيا لطائرة روسية مقاتلة (سوخوي) فوق الأراضي السورية، ليصب الزيت على النار في الأزمة المشتعلة بين روسيا من جهة، وبعض الدول الرافضة للضربات الجوية الروسية للإرهابيين في سوريا وعلى رأسها تركيا بما ينذر بحرب عالمية ثالثة. فقد جاء الحادث بعد أيام قليلة من نجاح المقاتلات الروسية في ضرب مواقع تكرير وخطوط تصدير البترول التي يديرها تنظيم داعش الإرهابي في شرق سوريا وشمال العراق، ويعتمد عليها التنظيم اعتمادا رئيسيا في تمويل عملياته وشراء الأسلحة. ففي أعقاب ضرب المقاتلات الروسية لمواقع التكرير وأسطول نقل البترول من سوريا إلى ميناء "جيهان" التركي على سواحل المتوسط لتهريبه للخارج، خرجت تركيا لتعلن احتجاجها على العملية الروسية، وادعت أن المقاتلات الروسية قصفت مواقع "التركمان" في سوريا وكذلك طال القصف قرى ومواقع تركية. في الوقت ذاته، اتهمت روسيا الجانب التركي، بأنه يستفيد من النفط الذي تهربه عناصر داعش للخارج، كونه يمر بالأراضي التركية ويصدر من ميناء جيهان التركي بأسعار تقل عن الأسعار العالمية بنسبة 500%، حيث لا يزيد سعر البرميل عن 15 دولارا، كما أن تركيا ترى أن الضربات الروسية تطول جماعات وتنظيمات سورية مسلحة تحظى بالدعم التركي. وتسارعت وتيرة الأحداث وردود الفعل الروسية الغاضبة على إسقاط تركيا للطائرة الروسية من طراز (سو-24) فوق الأراضي السورية. وفى أقوى تعليق له على الحادث، أكد الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" أن ما حدث هو ضربة في الظهر من دولة يفترض أنها حليفة لروسيا وتشارك في الحرب على الإرهاب. وقال إن أعوان الإرهابيين وجهوا ضربة لروسيا –في إشارة لتركيا– وحذر بوتين من عواقب وخيمة لهذا الحادث. وأضاف أن استهداف الطائرة الحربية الروسية تم على بعد كيلومتر واحد من الحدود التركية عندما كانت تحلق على ارتفاع 6 كيلومترات، وسقطت الطائرة على بعد 4 كيلومترات من الحدود. وشدد الرئيس على أن الطائرة الروسية لم تكن تهدد تركيا بأي شكل من الأشكال، إذ كانت تشارك في عملية ضد عناصر "داعش"، وذكرت وزارة الدفاع الروسية أنه بعد تحليل بيانات وسائل المراقبة الإلكترونية لم تعد هناك أي شكوك في أن الطائرة الروسية التي أسقطتها مقاتلة تركية فوق سوريا، لم تخترق الأجواء التركية. وأوضحت الوزارة في بيان أن إسقاط الطائرة من قبل مقاتلة "إف-16" تركية تم عندما كانت "سو-24" تعود إلى قاعدة قرب اللاذقية. هذا وقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية، وفي وقت سابق، أنها استدعت الملحق العسكري التركي لدى موسكو على خلفية إسقاط الطائرة "سو-24" الروسية فوق أراضي سوريا. وتساءل بوتين بشأن توجه تركيا إلى الناتو بعد إسقاط سو-24: هل تحاول أنقرة وضع الناتو في خدمة "داعش"؟ وفى ظل هذه التطورات المتلاحقة والسريعة، خصوصا بعد حالة الاستنفار العالمي ضد داعش في أعقاب هجمات باريس الأخيرة وحادث إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء، فأن الموقف الروسي سيزداد صلابة في حربه على الإرهاب. وقد تتطور الأحداث في الأيام المقبلة بشكل مفاجئ، في ظل محاولات تركيا، بقيادة رئيسها رجب طيب أردوغان، تدويل المشكلة الأخيرة وتوريط حلف الناتو في الأزمة، وهو ما يعنى مواجهة محتملة بين روسياوتركيا ومن خلفها حلف الناتو. من المؤكد أن الجانب الروسي لن يكتفي ببيانات الشجب والإدانة والتهديد، وربما يتطور الأمر لرد انتقامي داخل الأراضي التركية، وهو ما يعنى اندلاع مواجهة عسكرية قد تكون شرارة لحرب عالمية، أو على الأقل إقليمية، في الأيام المقبلة. ولا يغيب على الأذهان ما قاله الرئيس الروسي بوتين خلال مشاركته مؤخرا في قمة العشرين بتركيا، حيث قال بالحرف "يوجد معنا هنا في هذه القاعة دولا وقيادات تدعم الإرهاب" ، في إشارة إلى تركيا والسعودية. ويرى العديد من الخبراء والمراقبون أن التحركات الروسية الأخيرة وزيارة بوتين إلى إيران، والتنسيق بشكل واسع مع العديد من الدول العربية المؤثرة في المنطقة مثل مصر والأردن والأمارات، تنذر بأن هناك تكتيك لخطوة كبيرة قادمة في المنطقة، وربما أن حادث إسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا سيعجل بما تخطط له روسيا لإنهاء الأزمة السورية وتوجيه ضربة حاسمة للجماعات الإرهابية والدول الراعية لها في المنطقة. بينما هناك رأى آخر يرى أن تركياوروسيا ربما يتجنبان الانزلاق إلى مواجهة مباشرة، بتدخل حلفاء تركيا في الناتو الذين يرون أن المواجهة مع روسيا في الوقت الراهن، غير مجدية.. وربما تسعى تركيا لاحتواء الأزمة مع روسيا عن طريق المساعدة في تسليم الطيارين الروسيين، اللذين وقع أحدهما في الأسر في يد التركمان وقتل الآخر، وبذلك تخفف الضغط على الرئيس بوتين الذي سيحاول الظهور بمظهر القوة والانتقام أمام الرأي العام الروسي والعالمي. وبين كل هذه الآراء، يتبقى أن ننتظر الأيام القليلة القادمة، والتي لن تكون ببعيدة من وجهة نظرنا، لحسم الكثير من الأمور التي قلبت المنطقة بل والعالم، رأسا على عقب وربما تدخلنا في أنفاق لم تكن في حسابات الدول الكبرى وهي تخطط لكل ذلك في المنطقة.. وإلى تلك الأيام نحن معكم منتظرون!.