مؤكد ان النتائج الاولية التى اسفرت عنها انتخابات الرئاسة حتى الان جاءت صادمة وغير متوقعة ومربكة ، واطلق ماشئت من مصطلحات لتوصيف غرابتها ، وفى تقديرى انه رغم هذا التباين و " ضرب الدماغ " الذى اصابنا الا ان الصحوة التى القت بظلالها على المشهد المصرى ورصدت التحولات والاقبال على التصويت، يجعل من كل ما سبق امرا مقبولا بعد الثورة ومع اول انتخابات رئاسية .. وفى تقديرى ايضا ان التيار الاسلامى ممثلا فى فى الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة وكذلك بعض القوى الثورية الاخرى مسئولون مسئولية مباشرة عما حدث ، فهؤلاء جميعا وراء ترهيب وتخويف الشارع من الاسلامين وكانوا بتصرفات بعضهم مادة خصبة للحكى والتنظير فى وسائل الاعلام وبرامج التوك الشو ، اضف الى ذلك حالة القلق وغياب الامن التى سبقها وقفات احتجاجية ومظاهرات فئوية وقطع للطرق، كل ذلك اثر بدون شك على الوضع الاقتصادى و جعل كثيرين يتجهون الى الفريق أحمد شفيق بحثا عن الامن والاستقرار والعيش فى رحاب دولة مدنية . ما اسفرت عنه الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة جعل احد اصدقائى يقول " الناس اتجننت " ، هو يرى ذلك ولكن على خلفية " المفاجأة والصدمة " التى أحدثها احمد شفيق وصعوده للمركز الثانى وتراجع أحد أبرز المرشحين وهو الدكتور ابو الفتوح ،وصعود نجم مرشح أطلق عليه " الحصان الاسود " وهو حمدين صباحى ، كل هذه مفاجآت ، افلح الصندوق الانتخابى فى فلك طلامسها. والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة هو الى اين تذهب اصوات عبد المنعم ابو الفتوح وحمدين صباحى وعمرو موسى ، وهل ستكون هناك صفقات واتفاقات بين القوى الثورية من جانب وبين الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة من جانب اخر ، اعتقد ان الساعات القادمة سوف تشهد مفاجآت لا تقل باى حال عن مفاجآت صناديق انتخابات المرحلة الأولى ، خاصة مع التسريبات والتصريحات التى تؤكد دعم تيارات ثورية لمرشح الاخوان وانتظار تيارات اخرى حتى تتضح ملامح الصورة ، ومؤكد ان اللقاء الثلاثى المقرر عقده اليوم بين كل من محمد مرسى وحمدين صباحى وعبد المنعم ابو الفتوح سوف يحمل مفاجات أخرى ، والدعوة لهذا الاجتماع ربما جاءت متأخرة ولكن ربما ايضا يشهد حسما من نوع اخر، خاصة فى ظل ما يتردد حول امكانية التفاوض والتوقيع على ضمانات معينة تشمل الدستور والدولة المدنية ونقاط اخرى تقلق اصحاب الدولة المدنية، خاصة مع تغير نبرة الخطاب الاعلامى للاخوان واعترافهم بقوة منافسهم وانهم على استعداد للتعاون مع الجميع من أجل مصلحة مصلحة مصر ، هذه النبرة تستلزم ما يؤكدها ويدلل عليها ، واذا حدث ذلك فمن الممكن حسم منصب الرئيس لصالح المرشح الذى تتفق عليه القوى الثورية . نقطة اخرى اعتقد انها سوف تساهم الى حد كبير فى ترجيح كفة ميزان اى مرشح وهى تخص مجتمع الاعمال والقطاع الخاص والمستثمرين ، هؤلاء جميعا بما لديهم من مصانع والاف من العمال يريدون مرشحا يحافظ على استثماراتهم ويسلك طريقا يصب فى مصلحة الاقتصاد، ويتبنى سياسات تدعم السوق الحر والتاكيد على اهمية دور هذا القطاع الحيوى الذى يضخ نحو 70 % من استثمارات خطط الدولة ، هؤلاء كتل تصويتية لا يستهان بها ، فأين تتجه اصواتهم فى جولة الاعادة ، والذى يعلن ويسعى لتأكيد دور القطاع الخاص ويفتح قنوات من الحوار الجاد معه خلال الايام القادمة، اعتقد أن مستقبله داخل صناديق الاعادة سيكون مختلفا. ولا يخفى اننا أمام خيارين كلاهما مر ، الأول التصويت لمرشح الحرية والعدالة د. محمد مرسى ممثل التيار الاسلامى وبما يمثله هذا التيار من مخاوف لدى شرائح كبيرة فى المجتمع مثل الليبراليين والفنانين، ومعظم من صوتوا لحمدين صباحى وابو الفتوح وموسى ، هؤلاء ليس امامهم خيار سوى التفكير فى التصويت لمرسى ، وعلى الجانب الاخر يوجد تحد من نوع مختلف يتمثل فى رفض كثيرين التصويت لاحمد شفيق على خلفية انه سوف يعيد انتاج النظام السابق الذى يرى البعض أنه مازال موجودا، وان كان يتنفس بصعوبة وينتظر دفعة بسيطة من أحمد شفيق ليخرج الى النور مرة أخرى ويستعرض عضلاته التى" دغدغتها " الثورة . مصر الآن ما بين الدولة الدينية وفزاعة التيار الاسلامى والاخوان واحتمالية تأثر صعودهم على مناخ الحريات والابداع، وما بين تحدى النظام السابق ممثلا فى احمد شفيق وخيانة الثورة ودم الشهداء، حتى ان انصار الرأى الأخير والمعارض لشفيق يطرحون تساؤلا مفاده : لماذا كانت الثورة ومن الافضل ان نأتى بمبارك من المركز الطبى العالمى ليجلس مرة اخرى على كرسى الرئاسة . ورغم كل ما حدث وما تشهده الساحة السياسية من تجاذبات ومفارقات وعمليات تنظير واسعة على مستوى كافة التيارات الا ان المؤشر الأكثر مفارقة هو، ما حدث للمصريين؟ ، ما حدث لمستوى الوعى لديهم ، اختياراتهم ، اولوياتهم ، مفهوم الثورة واهدافها ومدى قناعتهم بها ، اقبالهم على التصويت وانتظارهم لساعات دون ملل او كلل ..كل ذلك يحتاج الى دراسة وتعليق من جانب علماء النفس والاجتماع ، ويمكن أن تكتمل نقاط هذه الدراسة ومحاورها ليجيب هؤلاء العلماءعن ذلك ، ولكن أرى تأجيل الاجابة عن هذه التساؤلات لما بعد نتيجة الاعادة فربما يتحقق الذى كان يوما"مستحيلا " !! [email protected]