تحيي منظمة الصحة العالمية يوم 10 أكتوبر اليوم العالمي للصحة النفسية 2015 تحت شعار "الكرامة في الصحة العقلية " ، حيث يهدف الاحتفال هذا العام إلي رفع الوعي بما يمكن القيام به لضمان أن الأشخاص المصابين بأمراض نفسية يمكن أن تستمر في العيش بكرامة ، من خلال حقوق الإنسان الموجهة نحو السياسات والقانون ، وتدريب العاملين في مجال الصحة ، واحترام الموافقة المسبقة للعلاج ، وإدراجها في حملات عمليات صنع القرار، والإعلام. وعلى الرغم من أن 1 من بين كل 10 أفراد في جميع أنحاء العالم يعاني من اضطرابات الصحة النفسية، ولا يعمل سوى 1% من القوى العاملة الصحية العالمية في مجال الصحة النفسية ، إلا أن قرابة نصف سكان العالم يعيشون بدول لا يوجد فيها سوى طبيب نفسي واحد لكل 100 ألف فرد . والهدف من الاحتفال بهذا اليوم هو إجراء مناقشات أكثر انفتاحاً بشأن الأمراض النفسية ، وتوظيف الاستثمارات في الخدمات ووسائل الوقاية على حد سواء ، وكان أول الاحتفالات في عام 1992 بناء على مبادرة من الاتحاد العالمي للصحة النفسية ، وهي منظمة دولية للصحة النفسية مع أعضاء وشركاء في أكثر من 150 بلدا. ويتعرض الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية في جميع أنحاء العالم لطائفة واسعة من انتهاكات حقوق الإنسان ، فهم غالباً يتم نبذهم من المجتمع ، ولا يحصلون على ما يلزمهم من الرعاية أو الخدمات والدعم ليعيشوا حياة طبيعية بالمجتمع ، ففي بعض المجتمعات المحلية يتم إبعاد الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية إلى أطراف المدينة ، وبعضهم يتم وضعه بمستشفيات الأمراض النفسية و لا تتم معاملتهم بشكل إنساني ، كما يواجه بعضهم أشكالا من التمييز في مجالات التعليم والتوظيف والسكن ، كما يتم منعهم أحيانا من التصويت أو الزواج أو الإنجاب . وفي معظم البلدان المنخفضة و المتوسطة الدخل تفتقر المستشفيات النفسية إلى الموارد البشرية والمالية ، وتنفق معظم موارد الرعاية الصحية على خدمات العلاج و الرعاية الصحية الأولية لذلك ينبغي على العديد من الدول إدراج خدمات الصحة النفسية في خدمات الرعاية الصحية الأولية وتوفير تلك الخدمات في المستشفيات العامة ، وتطوير خدمات الصحة النفسية المجتمعية ويأتي في مقدمتها تشجيع الموارد والمهارات الفردية وإدخال تحسينات على البيئة الاجتماعية الاقتصادية . ووفقا لأطلس منظمة الصحة العالمية للصحة النفسية 2014 - والذي يشير إلي أن هناك تفاوت هائل في سبل الحصول على خدمات الصحة النفسية تبعا للأماكن التي يعيش فيها الناس - يعمل أقل من فرد واحد في مجال الصحة النفسية لكل 10 ألاف فرد ، كما تنخفض هذه المعدلات في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل لتصل إلى أقل من 1 لكل 100 ألف فرد ، بينما تصل إلى 1 لكل 2000 فرد في البلدان المرتفعة الدخل . كما يشير التقرير إلى أن الإنفاق العالمي على الصحة النفسية لا يزال متدنياً للغاية ، فالبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل تنفق أقل من دولارين سنويا على الصحة النفسية لكل نسمة ، في حين تنفق البلدان المرتفعة الدخل أكثر من 50 دولاراً ، ويذهب معظم الإنفاق إلى مستشفيات الأمراض النفسية التي تخدم نسبة ضئيلة ممن تمس حاجتهم إلى الرعاية . ويمثل تدريب العاملين في مجال الرعاية الأولية للصحة النفسية أمراً حاسماً لبناء القدرة على التعرف على من يعانون من اضطرابات نفسية سواء الاضطرابات الوخيمة أو الشائعة ، فمنذ عام 2011 ، زاد عدد الممرضات اللاتي تعملن في مجال الصحة النفسية بنسبة 35% ولا سيما في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل . وفي عام 2013 ، أطلقت المنظمة خطة عمل شاملة للصحة النفسية 2013 - 2020 والتي تعتمد على 4 أهداف هي : تعزيز القيادة وتصريف شؤون الصحة النفسية ؛ وتوفير خدمات شاملة في مجال الصحة النفسية والرعاية الاجتماعية في البيئات المجتمعية ؛ وتنفيذ استراتيجيات لتعزيز الصحة النفسية ووقايتها ؛ وتعزيز نظم المعلومات والبينات والبحوث ، ويوفر أطلس منظمة الصحة العالمية الخاص بالصحة النفسية البيانات الأساسية اللازمة لقياس التقدم المحرز في بلوغ غايات خطة العمل ، وهي تتضمن بيانات عن مدى توافر خدمات الصحة النفسية والموارد في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المخصصات المالية ، والموارد البشرية ، والمرافق المتخصصة في الصحة النفسية من 172 بلدا. وتمثل الغايات والقيم المرجعية لعام 2013 - وفقاً لخطة العمل الشاملة للصحة النفسية 2013 - 2020 - بنودا أهمها : يكون 80% من البلدان قد قام بوضع أو تحديث سياساته أو خططه الخاصة بالصحة النفسية بما يتماشى مع الصكوك الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان بحلول 2020 ، 50% من البلدان يقوم بتحديث قوانينه في مجال الصحة النفسية بما يتماشى مع الصكوك الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان بحلول عام 2020 ، زيادة نسبة تغطية الاضطرابات النفسية الوخيمة بنحو 20% بحلول عام 2020 ، يكون 80% من البلدان لديه على الأقل برنامجين وطنيين عاملين متعددا القطاعات لتعزيز الصحة النفسية والوقاية بحلول عام 2020 ، انخفاض معدل الانتحار في البلدان بنسبة 10 % ، يقوم 80% من البلدان بتجميع مجموعة أساسية من مؤشرات الصحة النفسية بشكل روتيني والتبليغ عنها كل عامين من خلال نظم المعلومات الوطنية المعنية بالصحة والشؤون الاجتماعية بحلول عام 2020 . وقد أشار "الدكتور شيخار ساكسينا"، مدير إدارة الصحة النفسية بمنظمة الصحة العالمية ، إلى أنه في البلدان التي تعصف بها الحروب أو تجتاحها الكوارث الطبيعية تزداد الحاجة لخدمات الصحة النفسية في ظل تدني الموارد المالية ، مضيفا أنه في البلدان التي تشهد تحديات اجتماعية واقتصادية تزداد مخاطر انتشار مشاكل الصحة النفسية ، لافتا إلى أنه ينبغي للدول الغنية والفقيرة على حد سواء أن تخصص مزيداً من الاستثمارات في مجال رعاية الصحة النفسية ، موضحا أنه تزداد بشكل ملموس معدلات الإصابة بالاكتئاب والإقدام على الانتحار في البلدان التي تعاني من التدهور الاقتصادي. وتسعي منظمة الصحة العالمية إلي حث الدول الأعضاء علي التصديق على اتفاقية الأممالمتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ، حيث إن دخول الاتفاقية حيز التنفيذ سيكون معلما رئيسيا فيما يتعلق بالجهود الرامية إلى تعزيز تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بجميع حقوق الإنسان على نحو كامل ، كما تعمل المنظمة على تحسين حقوق الإنسان في مرافق الصحة النفسية ، حيث ينبغي تحديد طرق لتقييم نوعية الرعاية وأوضاع حقوق الإنسان من أجل حماية الأفراد من المعاملة اللاإنسانية والمهينة وظروف العيش السيئة وإدخالهم إلى المرافق وعلاجهم كرهاً ، ويجب أن يكون الأشخاص قادرون على تقديم الشكاوى في حالات تعرضهم لانتهاك حقوقهم . كما دعت منظمة الصحة العالمية إلي تخصيص الحكومات حصة أكبر من ميزانيتها الخاصة لقطاع الصحة النفسية وتطوير وتدريب القوى العاملة في هذا المجال لضمان إتاحة خدمات جيدة تعزز التعافي واحترام حقوق الإنسان لجميع الأشخاص. ويرمي مشروع منظمة الصحة العالمية المعنون " حقوق الجودة" ## Quality Rights## إلى مساعدة البلدان على تحقيق هذه الأهداف ، ويدعم الحكومات في تقييم وتحسين النوعية وأوضاع حقوق الإنسان في إطار خدمات الصحة النفسية ، و أيضاً بناء قدرة الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية على التمتع بحقوق الإنسان وعلى التعافي وتعزيز منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة وإصلاح السياسات والتشريعات الوطنية بما يتناسب مع معايير حقوق الإنسان الدولية.