أكد الاجتماع رفيع المستوى حول الحوار بين الثقافات وبين الأديان الذى اختتم أعماله ببرشلونة اليوم الخميس أن المنطقة الأورومتوسطية بحاجة إلى إجراء عاجل وبراجماتي من الأطراف الفاعلة في مجال حوار الثقافات والأديان في المنطقة لمواجهة التحديات الإقليمية. وشدد نحو 80 من ممثلى مؤسسات مسؤولة عن الحوار والتعاون بين الثقافات والمنظمات المشتركة بين الأديان والسلطات الدينية وشخصيات بارزة ، خلال الاجتماع ، الذى عقد بمقر الأمانة العامة للاتحاد من أجل المتوسط في برشلونة ، على أهمية الحوار بين الثقافات وبين الأديان كأداة قوية لتحقيق الاستقرار والسلام والقضاء على عدم التسامح والقضاء علي التطرف، مع إعلاء قيم التعايش السلمي والتفاهم المتبادل. ودعوا الى تضافر جهود المؤسسات المختصة بالحوار والتعاون بين الثقافات والممثلين الدينيين والمنظمات المشتركة بين الأديان من أجل بناء الجسور للتفاهم المتبادل في المنطقة الأورومتوسطية. وشدد المشاركون على المناسبة الفريدة التي يمثلها هذا الاجتماع لتفصيل وتقييم ما هو موجود حالياً من أدوات وسبل ومؤسسات للحوار بين الثقافات وبين الأديان ، وموْضعة الحوار بين الثقافات وبين الأديان كهدف محوري ضمن نهج السياسات متعددة الأطراف المجدَّد تجاه المنطقة المتوسطية ، ورسم خارطة طريق للمضي قدماً تشمل المؤسسات الرئيسية من أجل استراتيجية مشتركة للحوار بين الثقافات وبين الأديان. وقد أبرزت المؤسسات الشريكة والمشاركون الحاجة إلى تفصيل قصص النجاح الحالية في الحوار بين الثقافات وبين الأديان، فضلاً عن حقيقة أن التحدي الرئيسي يتمثل في توسيع أثر المبادرات الحالية ، فتم تحديد إجراءات وبرامج لكي يتم تنفيذها في ثلاثة مجالات عمل مقترحة مختلفة وهي التعليم والإعلام والشباب. واستناداً إلى هذا العمل وهذه المناقشات أثناء الاجتماع ، التزم المشاركون بإقامة شبكة وتعزيز تنسيق الآليات من أجل المؤسسات الناشطة في الحوار بين الثقافات وإنشاء شبكة لمراكز التنسيق ورسم خارطة طريق للأنشطة المستقبلية استناداً إلى جدول أعمال وروزنامة مشتركين للمبادرات للسنوات المقبلة ، وتشمل خارطة الطريق الموضوعة خطة عمل للأنشطة التي تقوم بها المؤسسات. وأكد وزير الخارجية والتعاون الأسباني خوسيه مانويل جارسيا مارجالو أن المؤسسات والدول التي تنشئها يجب أن تفكر في كيفية جعلها أكثر فعالية، آخذة في اعتبارها أوجه التكامل والتآزر على أفضل نحو ممكن. وأضاف أنه لا يستطيع أي من هذه المؤسسات ولا الدولة التي تنشئها، في حالة عملها بشكل منفرد، أن تحقق الأهداف التي تتطلبها الأزمنة الراهنة. واختتم قائلاً " الدور المعزز للحوار بين الثقافات وبين الأديان كأداة لمنع نشوب النزاعات وحلها والوساطة فيها سيكون له تأثير إيجابي في أداء المؤسسات. ومن الضرورة الملحة أن ننتقل من ثقافة رد الفعل إلى ثقافة الوقاية". ومن جانبه ، أكد أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط فتح الله السجلماسي أن التحديات في المنطقة مثل الإرهاب أو اتجاهات التطرف أو المأساة الإنسانية المتمثلة في الهجرة في المنطقة المتوسطية تؤكد الحاجة إلى عمل جماعي معزز ونهج شامل ، ويعتبر تعزيز الحوار بين الثقافات وبين الأديان وتقوية التكامل الإقليمي وتحقيق التقارب بين المجتمعات المدنية أهم من أي وقت مضى لخلق حيز مشترك للتضامن والاستقرار في المنطقة الأورومتوسطية. وأوضحت إليزابيث جيجو رئيسة مؤسسة (آنا ليند) " إنه فيما يعكف الاتحاد الأوروبي وشركاؤه على الضفة الجنوبية للمتوسط على إعادة تقييم العلاقات، ندعو اليوم إلى إعادة نظر متحورة حول الثقافة في العلاقات وإلى استراتيجية شاملة تكون الأولى من نوعها للحوار بين الثقافات ، إن مؤسسة (آنا ليند) وشبكتها التي تضم أكثر من 4 آلاف جهة فاعلة من المجتمع المدني، جاهزة للعب دورها في ضمان إقامة هذه الاستراتيجية على نهج تصاعدي مع تمكين شابات هذه المنطقة وشبابها كأطراف فاعلة محورية في الحوار للتصدي للسرد المتطرف وصدام الجهل". واختتم فيصل بن عبد الرحمن بن معمر الأمين العام لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي للحوار بين الأديان والثقافات، بقوله إن المؤسسات بدأت أثناء الاجتماع في وضع خطة عمل للأنشطة المستقبلية للشبكة ، وذلك بغية زيادة الوعي بأهمية الحوار بين الأديان والثقافات ، مشيرا الى أن هذه الأنشطة تستند إلى جدول أعمال وروزنامة مشتركين للأنشطة متمحورة حول المبادرات الرئيسية المخططة على السنوات المقبلة. ومن ناحيته ، أكد ناصر بن عبد العزيز النصر الممثل السامي لتحالف الأممالمتحدة للحضارات بقوله " يمكن تحقيق القضاء على الراديكالية والتطرف العنيف من خلال الحوار بين الثقافات والأديان ، لكن يمكن تحقيقه أيضاً من خلال اتباع نُهج عملية ومبادِرة كبناء الثقة بين المجتمعات المتنوعة وتعزيز الشراكات التعاونية طويلة المدى والعابرة للحدود الوطنية التي تأخذ في اعتبارها مصلحتنا المشتركة المتمثلة في السلام والأمن". وعُقد المؤتمر بمبادرة من وزير الخارجية والتعاون الأسباني خوسيه مانويل جارسيا مارجالو، بالشراكة مع الاتحاد من أجل المتوسط ومركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي للحوار بين الأديان والثقافات وتحالف الأممالمتحدة للحضارات ومؤسسة (آنا ليند) والاتحاد الأوروبي. ويأتي الاجتماع في إطار الاحتفال بالذكرى السنوية العشرين لعملية برشلونة والتشاور المستمر بخصوص استعراض سياسة الجوار الأوروبية ، ويستجيب للتوافق الواسع في الآراء حول الأهمية المتزايدة المنوطة بالحوار بين الثقافات وبين الأديان في المنطقة الأورومتوسطية. وأتاح هذا الاجتماع رفيع المستوى الذي استمر لمدة يومين فرصة لإقامة شبكة تضم المؤسسات والمنظمات الرئيسية الناشطة في مجال حول الحوار بين الثقافات وبين الأديان من أجل التأكيد على الحاجة إلى نُهج إيجابية وتعاونية لتعزيز التفاهم المتبادل. ويهدف الاجتماع الأول في عملية طويلة الأمدة موجهة نحو العمل إلى تعزيز قدرات المنظمات والنهوض بالتعاون فيما بينها للمساهمة بدرجة كبيرة في التصدي للتمييز وعدم التسامح.