هل الأمر مصادفة أم أن الخال الأبنودي كان يعلم بأمر المكان الذي سيدفن فيه.. جثمان الأبنودي واراه الثرى في مقابر جبل مريم بالإسماعيلية ، هذه المنطقة التى شهدت واحدة من أهم عمليات القوات المسلحة المصرية عقب نكسة 1967 ، فنفذت المجموعة 39 قتال عملية تحت مسمى "كمين جبل مريم" وكان صداها صاخباً نظراً لما حققته من نجاح ،وتمكن أعضاء المجموعة من أسر أول جندي إسرائيلي. جبل مريم مكان شاهد على بطولات المصريين ، احتضن جسد الخال بعد وفاته، ومن قبله جنوداً مصريين سطّروا تاريخاً لا يُنسى. الرائد سمير نوح أحد أشباح المجموعة 39 قتال روى ل"صدى البلد" تفاصيل عملية كمين جبل مريم بالإسماعيلية وقال .." كانت عملية مهمة جداً وأطلقنا عليها عملية "كمين جبل مريم"، والاستطلاع اللاسلكي المصري كان يرصد دائما وجود سيارتين تأتيان من اتجاه الشمال أو الجنوب، كل يوم في حدود التاسعة مساء تقوم بعمل دورية بالجهة الموازية للقناة. وكلفني - والكلام لا يزال للرائد "نوح" - قائدا العملية النقيب إسلام توفيق والرائد احمد رجائي عطية بأن أكون قائد التلغيم في الجانب الأيمن، وكان زميلي النقيب عادل فليفل من الشمال؛ وكان اللغم مضاداً للدبابات، وكفيلاً بتفجير دبابة، وكل مجموعة مكلفة بوضع 6 ألغام في كل جانب بمعدل لغمين أعلى بعضهما البعض، ولابد من سد كل طريق بلغمين". وأضاف .. كنا نجيد التمويه جدا لأنه أهم شئ في العملية حتى لا يستطيع العدو كشفنا والوصول لنا، وكان معي في العملية الشهيد موسى عبد العاطي والشهيد محمد عبد الحميد الشامي، وكانا ضاربين آر بي جي، وقبل أن نعبر عبر المرحوم الملازم أول ماجد ناشد ومعه عبد المنعم غلوش والبطل هنيدي مهدي للاستطلاع حتى يكشفون المكان لأنه من الممكن أن يكون هناك كمين، وعبروا القناه، وأعطونا الإشارة بالأنوار وعبرنا ب"لنش" خلفهم وكل واحد منا يحمل لغمين. وتابع نوح .. قمنا بوضع الألغام وأثناء مرور السيارتين انفجرت الألغام في السيارة الأولي وإحنا اشتغلنا بالآر بي جي، والسيارة اللي بعدها دخلت في اللغم اللي أنا وضعته وأول ما دخلت في الألغام نزلنا فتحنا النيران بشدة وكانت أول عملية صاخبة تقوم بها القوات المسلحة وعلي مستوي الجيش كله. وكانت - وكما يؤكد "نوح" في 26/8/1968 ،وتطايرت أجساد اليهود في الجو ووجدنا واحداً منهم ما زال علي قيد الحياة،وكان اسمه يعقوب رونيه وتوقيت عبورنا وتنفيذ العملية كان الساعة 9.30 مساءً ،وبمجرد وقوع الانفجارات استغاث الإسرائيليون وقالوا إن هناك لواء من الجيش المصري عبر القناة، وكنا وقتها نضرب طلقات خارقة، وحارقة، كانت تنير السماء وكانوا "خلصانين" ولكن احنا كملنا و"معتقناش" ؛ والنقيب اسلام ضرب طلقة كاشفة في المكان نورت المنطقة، فوجدنا هذا الجندي يعقوب رونيه ينازع، فحمله البطل هنيدي مهدي أبو شريف والشهيد محمود الجيزي و محمد شاكر، وعبروا القناه وأسرعوا به إلى المستشفى لكنه توفي بعدها بحوالي نصف الساعة. واختتم "نوح" حديثه قائلا: كان المقصود من هذه العملية جمع اكبر عدد من المعلومات، وكذلك جمع خرائط وأي معلومات، وبعد تنفيذ مهمتنا عدنا إلي مبني المخابرات الحربية، وقابلنا اللواء محمد أحمد صادق مقابلة "محصلتش"، وكان فرحان جدا، وأخذنا وذهبنا للفريق محمد فوزى وزير الحربية ومنحنا الرئيس جمال عبد الناصر نوط الجمهورية، وأخذنا مكافأة 30 جنيهاً مدى الحياة لكل المتطوعين، وطالب موشيه ديان وقتها بمحاكمة الفدائيين المصريين الذين عبروا ونفذوا العملية؛ وأعلنت منظمة فتح وقتها أنها المسئولة عن العملية.