يسود الساحة السياسية فى اليمن حاليا مشهد يجمع بين الفوضى والعنف الطائفى ، حيث تشتعل عصبية مذهبية لم تكن معروفة من قبل رغم وجودها بين السنة والشيعة ولا حل لها سوى بالعودة لمناخ الحوار الوطنى ، صراعات طائفية بين الحوثيين الشيعة الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء ، وبين الشرعية الدستورية السنية برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادى الذى يدير البلاد فى الوقت الراهن من مدينة عدن جنوبى البلاد والتى تعد معقلا لأنصاره. تمكن هادي من الإفلات من إقامة جبرية فرضها عليه الحوثيون في صنعاء ، معلنا أنه بدأ فى ممارسة مهامه الرئاسية ، وموجها رسالة رسمية لمجلس النواب يبلغه سحب استقالته التي قدمها في الحادي والعشرين من يناير الماضي، شارحا مبررات عدوله عن الاستقالة بعد تخلصه من الضغوط الأمنية التي فرضها المسلحون الحوثيون عليه وعلى أعضاء الحكومة. ووجه هادى وزراء حكومته بممارسة أعمالهم من مدينة عدن حتى يفرج الحوثيون عن رئيس الحكومة المحاصر داخل منزله في صنعاء "بحاح " ، وذلك بعد أن رفضت تلك الحكومة تكليف "اللجنة الثورية العليا" التي شكلها الحوثيون بعد إعلانهم الدستوري في السادس من فبراير الحالى قيامها بتصريف الأعمال حتى يتم تشكيل حكومة جديدة ومجلس رئاسي ، وقد توعد الحوثيون اليوم أى مسئول يمنى يتعامل مع هادى . عملية هروب الرئيس عبدربه منصور هادى إلى عدن والإفلات من قبضة الحوثيين في صنعاء أربكت كافة الحسابات فقد أصبح الآن أكثر قوة من أي وقت مضى ، حيث يملك سلاح الشرعية "كرئيس" التأييد الداخلى الواسع والمعارض للإعلان الدستوري "سياسي وطائفي ومناطقي وشطري" ، ومستقويا بالجنوب المطالب بالانفصال ، بالإضافة إلى التأييد الدولى والإقليمي الواسع والتهديد بالعقوبات الدولية والعزلة الدبلوماسية والحصار السياسى والاقتصادى والتدخل العسكرى الخارجي. ويعتبر مراقبو الشأن اليمني أن جماعة الحوثيين، بزعامة عبد الملك الحوثي تعيش حالة من التخبط، منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء ، وقيامها بإقصاء جميع الأطراف من المشهد السياسي والإداري والأمني والحكومي ، وبعد أن حلت الجماعة - بموجب "الإعلان الدستوري" الصادر في السادس من الشهر الحالي، مجلس النواب (البرلمان) - ثم تراجعت ودعت أعضاءه إلى الاجتماعات ، ثم فشلت لاحقا في ضمهم إلى "المجلس الوطني الانتقالي" الذي أسسوه كبديل له. وكشفت مواقع إخبارية يمنية أن الرئيس اليمنى السابق "على عبد الله صالح" و "الحوثي" يجريان سلسلة من المشاورات المكثفة والخيارات المتاحة والممكنة للخروج من هذه الورطة ، قبل أن يتم فرض واقع جديد فى الجنوب اليمنى ، وتغيير المعادلة السياسية شماليا لصالحهما