فى روايته الأخيرة "ما لم يذكره عزيز" الصادرة عن دار ميريت للنشر، حاول الكاتب نادر مصطفى عيسى، الصحفي بمؤسسة أخبار اليوم، ان يبحث عن حلول لأزمة الإنسان المصري الذي يحيا في مجتمع يمتهن كرامته، فخرج معه باحثا عن وجوده في ظل مجتمع لا يؤمن إلا بالقوة والمصلحة، حيث يواجه بطل الرواية ظروف إنسانية واجتماعية قاسية تجعله يقف عاجزا أمام المستحيل لإثبات حقه في الحياة، وعبر رؤية فلسفية هى أقرب لأسئلة الوجود المتكررة، يسعى بطلها وهو كبير عائلته للانتقام من الضابط الذى صفعه على وجهه 3 صفعات، تلك التى جعلته يشعر بأن شرخا كبيرا فى جدار رجولته وهيبته قد حدث، وإن التئام الجرح لم يعد سهلا ، بعد أن فقد جزءا من كرامته، بل كرامته كلها التى ضاع معها رصيده فى الحياة ، فأصبح بقايا رجل ، لا لشىء، إلا لأن حظه العثر قاده لطريق هذا الضابط . أحداث الرواية الواقعة في 180 صفحة والتى رسم غلافها الفنان التشكيل محمد عبلة، تدور فى حقبة الرئيس المخلوع، حيث يتعرض نادر عيسى لفكرة البحث عن الخلود ، مازجا حكايته بنصوص ومقاطع من “ملحمة جلجاميش” الأسطورة العراقية الشهيرة، لكن الكاتب هنا لا يجنح تماما إلى الخيال، ولا يستحضر شخصيات اسطورية لا محل لها من الواقع، بل يلجأ لشخوص من لحم ودم ، عايشهم الكاتب وتفاعل معهم، هؤلاء الذين كانوا المفجر الأول لثورة الميدان فى التحرير والتى اطاحت برأس الظلم وأذنابه، غير ان النهايات السعيدة ربما تجنح للواقع اكثر من ميلها للتحقق فى عمل ادبى. فى تقديمه للرواية ، وضع نادر عيسى فى قلب وعقل القارى تصورا لما سيحدث قريبا، فكانت ارهاصته للتعريف بنفسه وبروايته التى لها منه ومن حياته نصيب كبير، جاء الاهداء .. إلى كل تلك الأشياء التى طالما تشعرنى ان الله قد قصد شيئا بعينه عندما قرر خلقى .. إلى نادر عله لا يحزن يوما .. إياد صالح وأحمد ابراهيم .. علنا نكون بعد اعوام وفى الصفحة المقابلة اكتفى بكلمات ثلاث .. وإلى.... نوال مصطفى . هكذا اختصر عيسى الحكاية قبل ان يسلم خيوطها لعزيز النادى، الصورة الأخرى من نادر عيسى على الورق، صاحب المهام الشاقة التى لا تنتهى ويطلبها منه كل من حوله .. لأنه أكثرهم ثقافة وعلما واحتراما .. هذا هو نادر العزيز . لجأ نادر عيسى فى روايته لتعدد طرائق السرد، ويبدو ان الحكاية لم تكن مقصودة هكذا ، او لم يخطط لها ان تخرج بهذا الشكل، فالبطل يفتح كل يوم آفاقا جديدة ما كانت لتنتهى لولا قدرة الرواى على التوقف فى مكان ما، معتمدا فى السرد على شخصيات أخرى تداخلت بعلاقات متوترة وطيبة احيانا مع البطل الذى خط الرواية بنفسه ووضع لها رغم انف صاحبه نادر عيسى نهايتها عندما استيقظ وعلى وجهه ابتسامة خالدة لأنه كان ىخر يوم يرى فيه جدران السجن .آخر يوم قبل أن ينسدل الحبل الغليظ ليلتف حول جيده ..آخر يوم قبل أن ينتهى كل شىء ..آخر يوم كان فيه عزيز أو ( عزيزا) . عن الرواية تقول الكاتبة الدكتور نوال مصطفى: أن أشخاص الرواية ليسوا من الخيال بل هم أشخاص أتى بها الكاتب من وحى الحياة فهم فى معظمهم أشخاص حقيقين، حيث تدور أحداث الرواية حول الأشخاص الذين قاموا بتفجير الوضع الفاسد وتغير الواقع المرير التى عاشته مصر خلال ثلاثة عقود متتالية. وأشارت مصطفى إلى أن البطل خلال الرواية أو رحلة البحث عن الانتقام من أجل الحق يكتشف أن الفساد ليس فى أقسام الشرطة فقط بل قد امتدد إلى أكثر من هذا، وتذكر نوال أن بطل الرواية عندما توجه وهو فى حالة من الحزن لما حدث له توجه إلى المسجد ليجد شيخا سلفيا ومن خلال الحديث معه اكتشف أنه من التجار بالدين، بالإضافة إلى الصحفى الكبير الذى ذهب إليه حتى يساعده على أخذ حقه فوجده هو أيضا من هؤلاء اللذين يتاجرون بالدين والأخلاق. وأضافت مصطفى أن الرواية تحمل الكثير من الأسئلة التى لم يضع لها الكاتب أية إجابات فى الرواية مثل أننا هل قدرنا على تجاوز الأوضاع الراهنة؟ هل نحن نستطيع صنع مستقبل وعصر جديد من الديمقراطية والنزاهة؟