كل ذنبها أنها حملت يوما لقب "مطلقة"، وكأن كتب عليها أن تعيش فى عذاب مستمر بسبب هذا اللقب، حاولت أن تهرب من وصمته، فسقطت فى فخ رجل احترف التلاعب بأقدار النساء ومشاعرهن، يتمتع بعبير أجسادهن وكله بما لايخالف شرع الله، ثم يختفي كفص ملح وداب، يلقي على مسامع ضحاياه يمين الطلاق هاتفيا. وبعدها يتركهن كالمعلقات يغرقن فى دوامات البحث عن اثبات هذا الطلاق الشفهى رسميا، هذة هى حكاية مروة ذات ال25ربيعا، التي لم تجد أمامها سبيلا سوى أن تطرق أبواب محكمة الأسرة بمصر الجديدة لرفع دعوى خلع بعد أن فشلت فى إثبات صحة طلاقها الذي وقع هاتفيا بشكل رسمى، هذة المرة مروة هى من تسعى للفوز بلقب مطلقة التى لطالما هربت منه. بصوت تخنقه قسوة الذكريات التى تتدافع في ذهنها، تبدأ الزوجة العشرينية رواية تفاصيل مأساتها قائلة: " تزوجت للمرة الأولى وأنا فى ال19 عاما، كان زميلا لي بالجامعة، فارق السن لم يتجاوز بيننا الثلاث سنوات، عشت معه أجمل قصة حب قبل الزواج، كنت أهيم به عشقا، فأنا ملكته المتوجة على عرش قلبه، ومحبوبته التى لا يرد لها طلبا. تمت مراسم الزفاف وانتقلنا إلى بيتنا المتواضع بإحدى المدن الجديدة، مكثنا به شهور قليلة لننتقل بعدها إلى شقتى التى اشتراها لى أبى لتكون قريبة من جامعتى، مضت أيامنا مستقرة هنيئة أو كما كنت أمنى نفسى بذلك، إلى أن ترك زوجى عمله كمحاسب بإحدى الشركات الخاصة، تحولت حياتى إلى جحيم منذ ذلك الحين، فحماتى تولت الإنفاق على أنا وزوجى. وفى المقابل أصبحت هى من تمسك بمقاليد الحياة فى بيتي، تدخلت فى ادق تفاصيل حياتى الزوجية، بدأت تتجسس على، تفتش خزانة ملابسى، وترصد تحركاتى بالدقيقة والثانية، تحملتها من اجل عيون حبيبى، والجنين الذى يتحرك فى أحشائى، لكن مالم اتحمله هو انغماس زوجى فى تناول مخدر الحشيش ليل نهار، وتخاذله عن البحث عن مورد رزق ينجينا من قبضة والدته وسيطرتها على حياتنا، وعندما اشتكيت كان السب والضرب هو عقابي. استمر مسلسل إيذائي بدنيا مرة اضرب بملة السرير ويكسر ذراعى، وأخرى بالحزام، وبعد معاناة استمرت 3 سنوات خانني مع صديقة لى، رأيته بعينى معها على سريري، لم اتفوه بكلمة فالمشهد أعجزني عن الكلام، انسحبت ألملم أذيال خيبتى وذهبت إلى بيت أهلى". تسرى ارتعاشة فى أوصال الزوجة العشرينية تحاول السيطرة عليها وتتابع:" واجهته فلم ينكر، وصارحنى بأنه يحبها وينوي أن يتزوجها، شعرت بكلماته تخترق صدرى، فما أقسى من خيانة المحبوب، فطلبت الطلاق وتم بشكل ودى، تنازلت عن كل حقوقى فى مقابله، عدت إلى بيت أهلى محطمة. حاولت أن أخرج من تلك الحالة، فالتحقت بالعمل كأخصائية تخاطب بأحد المراكز الطبية، لكن ظل عار لقب المطلقة يطاردنى أينما أولى وجهى، ألمحه فى نظرات كل من حولى أمى وأبى وحتى أقاربى، والدتى كانت تمنعنى من التحدث إلى أزواج قريباتى حتى لايساء فهمى باعتبارى مطلقة، وتلقى على اللوم لأنى لم أراقب زوجى جيدا، أما والدى فتخصص فى أمطارى بعبارات التوبيخ لأنى وطيت رأسه فى الأرض على حد قوله. تحولت إلى مطمع لكل من يعرف بظروفى، الجميع يريد أن ينهش فى لحمى لم يكفيهم مالحق بى خلال ثلاث سنوات مدة زواجى الأول، والحسرة التى تعتصر قلبى بعد أن تمكن طليقى من من خطف ابنى وسافر به إلى الخارج، وظللت لعامين أتمنى أن ألمس وجهه البرىء، ودفعت لأبيه مالا حتى أتمكن من رؤيته بعد عودته لمصر". تتسارع أنفاس السيدة العشرينية وتضرب ذهنها عاصفة أخرى من الذكريات القاسية فتصمت لبرهة ثم تردف:" زادت ضعوط أهلى على وزادت حدة نبراتهم الساخطة على حالى الذى جاوز العامين وأنا بلا رجل، وتحت هذا الإرهاب النفسى وافقت أن أتزوج ثانية لعله يكون الخلاص، ولكنى أخذت عهد على نفسى بأن العقل من سيكون له الغلبة هذه المرة. تقدم لخطبتى زوجى الثانى كان فى أوائل الاربعينيات، يعمل بإحدى الشركات الخاصة بالسعودية، بدا رجلا متدينا، ميسور الحال، رأيته مناسبا فسيشترى لى شقة تمليك باسمى، وشبكة بملغ وقدره، وسيقيم لى فرحا ضخما، ظننت أنه بماله سيعوضنى عما عانيته من شقاء مع الحبيب، أوهمنا بأنه مطلق وأطلعنا على قسيمة طلاقه من زوجته، استمرت فترة الخطوبة لمدة خمسة شهور، نتبادل أحاديثنا عن طريق السكايب لأنه سافر مباشرة إلى السعودية بعد الخطوبة، وأقمنا فرحا أسطوريا سافرنا بعده لشرم الشيخ لقضاء شهر العسل. وفى ثانى أيام حياتى معه فاجأنى بأنه رد زوجته لعصمته، لم أتمالك نفسى وتركته وعدت إلى القاهرة وفؤجئت به بعدها يتصل بى هاتفيا ويلقى على ماسمعى يمين الطلاق، رجوته بألا ينطقها وأنى موافقة أن أعيش معه زوجة ثانية، وكل هذا حتى لا أحمل وصمة عار لقب مطلقة ثانية، لكنه أصر وطلقني بالتلاتة، فطلبت منه أن يوثق ذلك الطلاق رسميا، قبل ولكن بشرط أن أرد له كل جنيه دفعه حتى تكاليف الفرح". الزوجة العشرينية اختتمت رواية مأساتها قائلة: " رفضت ابتزازه لى، وتهديداته بالإساءة إلى سمعتى، ورفعت ضده دعوى تبديد للمنقولات، واصدرت المحكمة حكمها فى هذة القضية بسجنه لمدة عام، والآن انا بصدد رفع قضية خلع اختصارا للوقت الذى ساضيعه فى محاولات اثبات هذا الطلاق، خاصة بعد أن اكتشفت أن زوجى التقى الحاج لبيت الله مرات ومرات تزوج قبلى سيدتين وطلقهن بنفس الطريقة، إحداهن أنجبت منه ولدعمره الان 10 سنوات، والأخرى أنجبت بنت عمرها 18عاما ولاتزال تبحث عن اثبات الطلاق منذ 9سنوات. حاليا أنا أحضر لرسالة الماجسيتر، وساستكمل حياتى رغم مرارة ما عشته ولازالت أعيشه، فأهلى يعارضون فكرة خلعى لزوجى، ويرون أن أبقى هكذا معلقة أفضل من أطلق ثانية، لكن ما أعيه جيدا أننى لن أتزوج رسميا مرة أخرى خوفا من نظرة المجتمع لى إذا طلقت لثالث مرة".