يحتفل اليوم باليوبيل الذهبى لمسرح العرائس الذى يعتبر من أقدم الفنون فى مصر، لكن ما بين نشأته والاحتفال باليوبيل الذهبى كان هناك رجل حمل على أكتافه حلم إنشائه وتأسيسه، وهو المخرج الراحل صلاح السقا. عندما يتحدث أى شخص عن مسرح العرائس المصرى فإن اول ما يتبادر إلى أذهاننا العرض المسرحى الأشهر فى تاريخ المسرح "الليلة الكبيرة"، الذى أخرجه صلاح السقا وألفه الكاتب والشاعر المبدع صلاح جاهين، ولحنه الموسيقار الكبير سيد مكاوى. وقد يتخيل البعض أن صلاح السقا مجرد مخرج كبير فى مسرح العرائس، ولكن ما لا يعلمه البعض أن صلاح السقا هو الأب الروحى لفن العرائس فى مصر فهو من أنشأ مسرح العرائس، ففى 3 مارس عام 1960 وفى أحد العروض التى كان يعرضها المخرج الراحل، فوجئ هو والعاملون معه بضجيج فى صالة العرض، ليكتشفوا بعد العرض أن السبب فى ذلك هو أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان من ضمن الحضور، وقد أبدى الرئيس الراحل إعجابه بالعرض وأشاد بالسقا، وقرر إنشاء مسرح العرائس. أصدر الرئيس جمال عبدالناصر في عام 1960 قراراً ببناء مسرح دائم للعرائس، وتم دمج فرقة شكوكو وفرقة العرائس من أجل تقديم عمل فني تشارك به مصر في مهرجان بوخارست للعرائس في رومانيا ، أهم مهرجانات العرائس في العالم آنذاك، واجتمع صلاح السقا وصلاح جاهين وسيد مكاوي من أجل تطوير "الليلة الكبيرة" التي قُدمت في الإذاعة على شكل "صورة غنائية"، وتم إدخال بعض التعديلات التي تخدم البناء الدرامي للأوبريت، واستطاعت "الليلة الكبيرة" بذلك أن تفوز بالميدالية الفضية في المهرجان العالمى. تولى المخرج الكبير منصب مدير المسرح منذ عام 1960 ولمدة عامين، ثم عاد مرة أخرى ليتولى المنصب من عام 1968 وحتى عام 1992، وشهدت هذه الفترة إزدهاراً لمسرح العرائس على يديه، وقدم مجموعة من المسرحيات أشهرها "الديك العجيب، الليلة الكبيرة، صحصح لما ينجح، النص نص، أبو علي، بعد التحية والسلام، عودة الشاطر حسن، الأطفال دخلوا البرلمان، حلم الوزير سعدون"، وكان أشهر عروضه على الإطلاق "الليلة الكبيرة". نال صلاح السقا العديد من الجوائز فى مصر وعدد من الدول العربية والأوروبية والتى قدم عروضه بها ونال عليها الإشادة من الجميع فى الدول المختلفة، وأصبح لهذا الفن عشاقه ورواده بفضل هذا الرجل، فقد استطاع ان يقدم عروضاً مختلفة تعبر عن واقع الشارع المصرى وتراثه الفنى. كما تعاون السقا مع كثير من مبدعي جيله لتقديم عمل يرتقي بالطفل المصري وينمي قدراته الحسية والجمالية وإرساء قيم مجتمعية بطريقة غير مباشرة، ومن أبرز هؤلاء المبدعين الذين تعاونوا معه "صلاح جاهين، بيرم التونسي، د. يوسف إدريس، سيد حجاب، وعبدالرحمن الأبنودي".