أفادت دراسة جديدة لعلماء الوراثة أن الإنسان لا يختار شريك حياته بشكل عشوائي، بل يبحث عن شبيه له من الناحية الجينية، ويميل إلى الزواج ممن يتشابه معه من حيث العرق وحجم الجسم والشكل؛ وهذه النتائج من شأنها أن تؤدي إلى تغييرات كبيرة في الأبحاث العلمية، فقد اعتقد العلماء أن عملية التزاوج بين الجنسين تتم بشكل عشوائي، وبنوا نماذجهم الإحصائية على ذلك، لكن يبدو أن عملية اختيار شريك الحياة أكثر انتقائية مما كان يعتقد، فالتشابه الجيني بين الأزواج أكبر من التشابه بين أي شخصين يتم اختيارهما عشوائيا. وقال بنيامين دومينجو القائم بالدراسة أن المتشابهون من الناحية الجينية يمتلكون فرصا أكبر لكي يلتقوا ويتزاوجوا، وأضاف: تقود الجينات أشياء كثيرة تحدد الفرص والنتائج والأشخاص الذين سنتزوجهم، فعلى سبيل المثال، تحدد الجينات ما إذا كان شريك حياتنا المحتمل يشاركنا الطول أو الوزن أو الخلفية العرقية أو الدين أو مستوى التعليم؛ وبينت الدراسة أنه في حين يتشارك الإخوة نصف مادتهم الوراثية تقريبا، فإن التشابه الجيني بين الأزواج أقل بكثير من ذلك، لكن هناك تشابها موجودا وملحوظا، كما أن هذا التشابه الجيني أقل أيضا من التشابه في المستوى التعليمي. وبحسب الصحيفة تمتلك الجينات تأثيرات أكثر تعقيدا، فهي تحدد مدى جاذبية الأشخاص في عيون الآخرين، وهي تفاصيل دقيقة لم تكن معروفة في العلم؛ وأشارت دراسة سابقة قام بها معهد العلوم الفرنسي في مدينة مونبيلييه أن الرجل ينجذب إلى المرأة التي تشبهه والتي لها نفس ملامح وجهه ولون عينيه وشعره وسمك شفاهه وحاجبيه وحتى بعض علامات وجهه المميزة. وأرجعت هذا الاختيار إلى ما يعرف بظاهرة حب الأقارب، الذي يدفع الرجل إلى اختيار المرأة التي تشبهه والتي لها الخصائص الجسدية نفسها حتى يضمن أن يحمل نسله وذريته نفس ملامحه؛ ولا تبدو الصدفة مساهمة في اختيار البشر لشركاء يشبهونهم، بعد أن برهن علماء النفس على أن حالات الطلاق والعنف الأسري أو حتى الإجهاض تكاد تكون منعدمة بين الأزواج المتشابهين. وأكدت أبحاث لجامعة ييل الأميركية أن السر في العلاقات الزوجية الهادئة والمتينة يكمن في التشابه الذي يلحظه الآخرون نحوهما بعد سنوات من العشرة، وعلى العكس فإن الخلافات الزوجية المتواصلة بين الشريكين تعتبر مؤشرا على انعدام التشابه بينهما؛ ويعكس المظهر الخارجي للزوجين من وجه نظر علماء النفس مدى سعادتهما، وخاصة إذا عاشا معا 20 سنة وأكثر، والسبب يعود إلى أنهما يقلدان بعضهما عن غير قصد، وهذا يشمل التصرفات والحركات والنشاط الفيزيائي وكذلك الامتناع عن العادات السيئة؛ كما تلعب المشاركة الوجدانية والعاطفية بينهما طوال سنوات الزواج دورا كبيرا في خلق وجه شبه كبير بينهما، إلى جانب عديد العوامل الأخرى منها العادات الغذائية المشتركة، وأيضا هناك دافع لاشعوري يجعل أحد الزوجين يقلد التعبيرات الوجدانية الصامتة التي ترسم ملامح على وجه الشريك. يذكر ان عالم النفس الأمريكي روبرت زاونك قد توصل بعد أن قام بدراسة مجموعة من صور الأزواج في بداية زواجهم، ثم بعد 25 سنة من الزواج، إلى أن الشركاء الذين أمضوا سنوات طويلة مع بعضهم أصبحوا أكثر تشابها، وأوجه الشبه هذه قد تصبح واضحة جدا حتى لدى الأشخاص الغرباء؛ الا ان علماء آخرين ربطوا بقاء الأزواج مع بعضهم لمدة يمكن أن تستمر إلى نهاية العمر بغدتين موجودتين في مقدمة الرأس تلعبان دورا أساسيا في حب الشريكين لبعضهما إلى درجة شبيهة بحالة الإدمان على المخدرات والجنس والطعام.