على المرء أن يعترف بأن هناك تحولًا كبيرًا في تحالفات منطقة الشرق الأوسط، فالعلاقات الاستراتيجية التي كانت صلبة تتحول الآن لتقترب من السائلة نوعًا ما. منذ عام 1929 كان هناك تضاؤل بين السعودية وتركيا في العلاقات بناء على توجهاتهما الإقليمية والدولية، ولكن الآن هناك علامات على تقدم العلاقات بين البلدين خاصة الاستراتيجية. عندما يتعلق الأمر بالأزمة السورية تلتقي السعودية وتركيا على نفس الصفحة، فكلا البلدين يدعمان منطقة حظر طيران، ولكن تأتي مصر لتقف في المنتصف، وهي العقبة الرئيسية في التحالف بين البلدين. الأمر ليس سرًّا أن الخلافات التركية السعودية بلغت ذروتها بعد إطاحة الجيش المصري بالرئيس الإخواني محمد مرسي، وقد دعمت الرياضالقاهرة اقتصاديًّا وسياسيًّا، في حين أن تركيا عارضت الإطاحة بالرئيس. أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موقفه دون هوادة المعادي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعلى الرغم من الجهود السعودية للمصالحة بين تركيا ومصر، إلا أن العلاقات بين القاهرة وأنقرة ظلت فاترة. اقترحت تركيا أربعة شروط للمصالحة مع مصر، من بينها الإفراج عن مرسي، وإلغاء أحكام الإعدام الصادرة ضد النشطاء السياسيين، والإفراج عن كافة النشطاء، وإعادة الديمقراطية للبلاد. وعلى الرغم من الخلاف بين السعودية وتركيا، إلا أن هناك نقطتين دفعتا البلدين للتقارب؛ لمواجهة التهديد الوجودي الداهم الذي يهدد مصالحهما الوطنية والنفوذ الإقليمي. أدارت الولاياتالمتحدة ظهرها للسعودية وتركيا، حيث بدأت إدارة أوباما في تجاهل المقترحات التركية بشأن سوريا، بالإضافة إلى استراتيجيتها في محاربة تنظيم داعش الإرهابي، وتحالف واشنطن مع الأكراد في سوريا. التقارب بين واشنطن وطهران بسبب الاتفاق النووي كان بمثابة أسوأ كابوس للسعودية، ودفع لتدهور العلاقات بين البلدين، وبالتالي لجأت السعودية وتركيا للاتفاق سويًّا، لفقدانهما الأمل في إدارة أوباما. وستجد الإدارة الأمريكية المقبلة نفسها في موقف لا تحسد عليه، ويرجع ذللك لاختلاف التحالفات مع الولاياتالمتحدة، نتيجة للسياسة الخارجية للإدارة السابقة. ترى السعودية أن تصويت مصر للمشروع الروسي في مجلس الأمن بشأن سوريا خيانة، وبصرف النظر عن سوريا، هناك خلافات بين البلدين تسببت في توتر العلاقات بين القاهرةوالرياض، حيث التدخل السعودي في اليمن ورفض مصر إرسال قوات برية لمساعدة الرياض. غضبت الرياض لاستضافة مصر مسؤولين حوثيين في عام 2015، ولكن يبدو أن التصويت لسوريا في مجلس الأمن كان القشة التي قسمت ظهر البعير. منذ التصويت أعلنت السعودية قطع إمدادات البترول عن مصر، وأعلنت مصر على الفور إيجاد البديل للنفط السعودي، وبعد عدة أيام غادر السفير السعودي القاهرة، مما يشير إلى عدم رضا السعودية عن النظام المصري بشكل كبير. وافقت السعودية ودول الخليج على إدراج منظمات جولن كجماعات إرهابية، وهي تابعة لرجل الدين فتح الله جولن، الذي يعده أردوغان أحد أعدائه. هذه التطورات الأخيرة في العلاقات الثنائية بين دول الخليج وتركيا، والتوتر الدائم بين القاهرةوالرياض يمكن أن يقود لإعادة ترتيب القوى في المنطقة. ميدل ايست آي