يتوافق كل من هيلاري كلينتون ودونالد ترامب على مصادر المخاطر الأمنية التي تواجه الولاياتالمتحدة لكنهما يختلفان في خطة كل منهما لحل مجموعة من الأزمات في الشرق الأوسط. ولسوء الحظ بالنسبة لنا جميعا أن كلاهما خطأ وأن الخطة المقترحة لكل مرشح من شأنها أن تجعل الوضع أكثر سوءا. أكدت ورقة بحثية للدكتور فلينت ليفريت عن المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) – مؤسسة بحثية دولية – أنه بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، من المرجح أن الإدارة الأمريكية القادمة ستصبح أكثر تدخلية وتصادمية مما كانت عليه سياسة ولاية أوباما الثانية في الشرق الأوسط. ويوضح ليفريت أن الرئيس الأمريكي القادم سيواجه مجموعة من الأزمات والتحديات في الشرق الأوسط تتطلب اهتماما فوريا تشمل صعود قوة إيران المستمر، توسع دور روسيا، إعادة تركيا المحتملة بعيدا عن الغرب، والانجذاب المتزايد للأفكار الجهادية، والقلق المتزايد بشأن استقرار المملكة العربية السعودية على المدى الطويل. كانت كلينتون، تفسر الدراسة البحثية، قد أوضحت أن هدفها هو السعي لسيادة الولاياتالمتحدة في المنطقة. وبناء على خبرتها السابقة كوزيرة للخارجية، وجهات النظر التي أعربت عنها خلال حملتها الانتخابية وإدارتها المحتملة تشير أنها إذا ما تم انتخابها رئيسا، سياساتها ستكون أكثر تدخلية عسكريا وأكثر استيعابا لحلفاء الولاياتالمتحدة التقليديين وأكثر تشددا تجاه إيران من أوباما. وهذا يعني أن إدارتها ستؤدي إلى توسيع نطاق العمل العسكري من غارات جوية وعمليات للقوات الخاصة، وربما نشر وحدات قتالية بشكل منتظم لاسيما ضد داعش في العراق وسوريا. كلينتون، بطبيعة الحال، لا تبذل أي جهد لإخفاء هذه الميول الصقورية المتشددة، حيث أوضحت كلينتون أن سياستها الخارجية يقودها هدف بسط نفوذ الولاياتالمتحدة في جميع أنحاء العالم: قائلة في خطابها حول الأمن القومي: "إذا لا تقود أمريكا، نحن نترك فراغ – وهذا إما أن يسبب فوضى، أو ستندفع بلدان أخرى لملء هذا الفراغ، ومن ثم ستتولى اتخاذ القرارات بشأن حياتنا وأمننا. وثقوا بي، الخيارات التي سيتخذونها لن تكون في صالحنا". ويوضح ليفريت أن أجندة السياسة الخارجية التي تتطلب أن تكون الولاياتالمتحدة في المركز، وعلى استعداد لاستخدام القوة العسكرية والعقوبات لدفع مصالحها ستقود إلي الصلابة وإخضاع أكبر قدر ممكن من الشرق الأوسط في ظل عسكرة ونظام أمني تقوده الولاياتالمتحدة في حين نبذ وتقويض تلك الدول غير الراغبة في إخضاع استقلالها الاستراتيجي. ليس هناك شك أن تلك الخطة تعني مزيدا من نشر الصراع في جميع أنحاء المنطقة ودورا أكثر تدخلا لحكومتنا. على الجهة الأخرى – كما يوضح ليفريت في ورقته البحثية – يقدم المرشح الجمهوري دونالد ترامب كبديل، لكن المشكلة أن مواقف ترامب ليست متماسكة تماما. خطابه بشأن إستراتيجية الشرق الأوسط غير متناسق. على سبيل المثال، ترامب يتأرجح بين الحديث عن ضرورة زيادة ميزانية الدفاع في حين يحث على أن الولاياتالمتحدة يجب تقلل الإنفاق والتدخل مباشرة في نزاعات الآخرين. ولكن يشير ليفريت إلى تناقض عميق آخر، مستشاريه هم أساسا من الصقور المحافظين الجدد الذي يتبنون سياسة المركزية الأمريكية في الصراعات بينما ترامب نفسه يدعو إلى إتباع نهج "الواقعية" الذي لا يترتب عليه بالضرورة أن تلعب الولاياتالمتحدة الدور الرئيسي في كل صراع في المنطقة. كما يضيف ليفريت القلق حول ميول ومزاج ترامب، موضحا أن ميله للرد بتهور في بعض الحالات يمكن أن يقود إلى الحرب وبالتالي يتجه – مثل كلينتون – بإستراتيجيته في الشرق الأوسط نحو التدخل العسكري. لكن الأكثر خطورة والذي يتجاوز تقلب المزاج هو استمرار ترامب بالتشدق بحملته المناهضة لهجرة المسلمين والتي شاهدها العالم كله، حيث دعا لفرض "حظر كامل وشامل" على دخول المسلمين إلى الولاياتالمتحدة. ويشير ليفريت إلى أن تصريحات ترامب ينظر إليها على نطاق واسع كمضادة للإسلام وبالتالي يمكن أن تدفع الرأي العام في مجتمعات الشرق الأوسط إلي ضغوط تقوض تعاون حكومات المنطقة مع إدارة ترامب. وهذا يعني تقليل فرص بناء التحالفات مع إدارة ينظر إليها باعتبارها معادية للإسلام. لذلك أيا كان من سيفوز في الانتخابات الأمريكية القادمة، سياسة الفشل في الشرق الأوسط من المرجح أن تستمر. هذا سياسة الإخفاقات – بدءا من أفغانستان إلى العراق وسوريا – تنبع من رفضنا إقامة تحالفات سياسية ذات مغزى لإحداث تغيير إيجابي في منطقة الشرق الأوسط وتنبع من ميلنا لفرض جدول أعمالنا بدلا من الاستماع لاحتياجات الناس. salon