بعد الضربات الجوية التي تقودها السعودية في اليمن وسياستها الداعمة للجماعات المتطرفة في سوريا، السعودية تخسر مساندة بعض حلفائها الحاسمين على المستوى العربي والدولي وتتجه نحو العزلة تدريجيا. الضغط والضجة في الغرب ضد بيع الأسلحة إلى المملكة تشهد نموا متصاعدا ويتعالى صوتها، لاسيما في ضوء التصعيد السعودي ضد اليمن. من كندا التي جاءت تحت النار بسبب عقد بقيمة 15 مليار دولار عام 2014 قالت الحكومة أنها لن تلغيه، إلى السويد التي قطعت التعاون العسكري الذي كان يجري منذ عام 2005، إلى بريطانيا – صاحبة العلاقات التاريخية الوثيقة مع المملكة- حيث احتدت المطالبات عن وقف صادرات الأسلحة مع خرق القوانين الإنسانية في اليمن . وأصبح من الواضح أن الوضع خطير عندما اتخذت الولاياتالمتحدة موقفا حادا بشأن السعودية. في الآونة الأخيرة، أقر الكونجرس الأمريكي قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب (جاستا)، الذي يستهدف بالأساس السعودية، الأمر الذي دفع المملكة إلى توظيف 5 شركات ضغط إضافية في واشنطن للدفاع عن مصالحها وتغيير صورتها. ومن جانبها، هددت السعودية ببيع مئات المليارات من الدولارات من أصول المملكة في الولاياتالمتحدة حال إقرار الكونجرس قانون "جاستا". وتجاه بريطانيا، ألمح السفير السعودي في لندن إلى أنه قد يكون هناك تعاون أقل ضد الإرهاب وخفض محتمل من العقود والاستثمارات. قرار وإستراتيجية إدارة أوباما نحو إيران ترك السعودية مهددة. يبدو أن العدو اللدود إيران ربحت حرب العلاقات العامة ضد السعودية على الأقل في الغرب. أصبحت إيران دولة لطيفة بسبب الاتفاق النووي في حين أصبحت السعودية الدولة المزعجة المثيرة للمشاكل منذ صعود الملك سلمان على العرش في يناير 2015. الدليل على ذلك هو أنه بعد 15 عاما من منع نشر 28 صفحة تتعلق بالسعودية في تقرير لجنة 11 سبتمبر، قامت الولاياتالمتحدة بالكشف عنها في نهاية المطاف. الأمر فقط لا يقتصر على أن الغرب ينأى بنفسه تدريجيا بعيدا عن السعودية، هناك توترات على المستوى العربي والإقليمي أيضا مع الحلفاء المقربين. نقطة الخلاف الرئيسية هي الدعم المتجدد للمملكة لجماعة الإخوان المسلمين وعدد من الجماعات السلفية الجهادية.التقارب مع الإخوان يدق إسفين مع كل من دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر. تنظر كلا البلدين إلى جماعة الإخوان باعتبارها خطرا قاتلا. ثانيا الأكثر إشكالية هي التمويل والمساعدات التي تقدمها السعودية لعملاء تنظيم القاعدة السابقين والحاليين والمستقبليين في سوريا تماشيا مع السياسة الجديدة للرياض في الشرق الأوسط: عدو عدوي هو صديقي. وفي سوريا، الأسد هو عدو للسعودية أكبر بكثير من تنظيم القاعدة. هذه السياسة أثارت غضب العديد من حلفاء الرياض الكلاسيكيين. يوم السبت 8 أكتوبر 2016، قامت مصر بالتصويت في مجلس الأمن الدولي لصالح مشروع القرار الروسي حول الوضع في سوريا. هذا التصويت أثار غضب المملكة وتم وصفه من قبل المندوب السعودي لدى الأممالمتحدة، عبد الله المعلمي، ب "المؤلم". في الآونة الأخيرة، حدث أخطر تحدي لمكانة السعودية في مؤتمر " أهل السنة والجماعة" في الشيشان الممول من الإمارات وتضمن قادة المذهب السني مثل شيخ الأزهر، الإمام أحمد الطيب. وخلص المؤتمر إلى أن الوهابية – العقيدة الرئيسية للسعودية – ليست جزءا من الإسلام السني. وهذا أمر مهم جدا لأنه يهدد شرعية السعودية بصفتها خادمة أقدس البقاع الإسلامية. باكستان، حليف تاريخي آخر، أيضا تدير ظهرها للمملكة. رغم الاستثمارات السعودية الكبيرة بما في ذلك التمويل المزعوم للبرنامج النووي الباكستاني، رفضت باكستان إرسال جنودها في اليمن للمشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية وأيضا لم تشارك في التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الذي شكلته السعودية. بينما على السطح يظهر موقف السعودية مستقرا، إلا أنه أصبح هناك معارضة متزايدة لسياسات هذا البلد في الغرب ومن حلفائها في العالم العربي والإسلامي. دايلي كولر