تفجيران إرهابيان وعملية طعن غيّرا المشهد في الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال الأيام القليلة الماضية، إجراءات مكثفة وقرارات مشددة سارعت الإدارة الأمريكية لاتخاذها على أثر التفجيرين، وقد تصدرت هذه الأحداث المشهد السياسي في أمريكا، حيث أصبحت مادة خصبة للسجال الانتخابي بين مرشحة الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، ومرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب. تفجيران وعملية طعن خلال أسبوع أحداث سريعة وقعت في الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال الأيام القليلة الماضية، بدأت بتفجير قوي وقع في صندوق للقمامة في حي تشيلسي بمانهاتن في نيويورك، السبت الماضي، مما أدى إلى إصابة 29 شخصًا، وأعقب هذا التفجير تفجير آخر في ولاية نيو جيرسي، الأحد الماضي، بالقرب من طريق كان من المخطط أن تقام به فعالية ترعاها قوات مشاة البحرية للعدو من أجل جمع أموال للأعمال الخيرية، مما تسبب في وقوع إصابات، وعلى أثر التفجير قررت السلطات الأمريكية إلغاء السباق الذي كان من المفترض أن يشارك فيه نحو 5 آلاف شخص، فيما أحبطت القوات الأمنية محاولة تفجير جديدة الإثنين، حيث جرى تفكيك متفجرات وضعت في محطة إليزابيث القريبة نسبيًا من جزيرة ستاتن إيلاند، وتم تعليق حركة النقل في السكك الحديد، كما أصيب السبت الماضي أيضًا 8 أشخاص على الأقل في حادث طعن في مركز للتسوق في ولاية منيسوتا. كل هذه الأحداث تزامنت مع بدء اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأمر الذي دفع القوات الأمريكية إلى التحرك السريع لتأمين مسار الزعماء القادمين لاجتماع الجمعية، حيث قال وزير الأمن الداخلي الأمريكي، جيه جونسون، مساء الأحد الماضي، إن وزارة الأمن الداخلي ترصد بصورة فعالة التحقيقات وتشارك فيها بشأن انفجاري كل من نيويورك ونيو جيرسي، وأشار جونسون إلى أنه تم وضع إجراءات أمنية خاصة لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث تم نشر الآلاف من العناصر الاتحادية في المدينة تحت قيادة جهاز الاستخبارات، وأضاف أن أي منطقة في مدينة نيويورك مرتبطة باجتماعات الجمعية العامة ستخضع بالتالي إلى مستوى عالٍ بشكل استثنائي من المراقبة والأمن. هل تتأثر المعادلة الانتخابية؟ التفجيرات الإرهابية في كلتا الولايتين تصدرت الأحاديث والخطابات الانتخابية الأمريكية للمرشحين هيلاري كلينتون، ودونالد ترامب، حيث علق المرشح الجمهورى، دونالد ترامب، على تفجير منهاتن بنيويورك قائلًا إن القنبلة انفجرت ولا أحد يعرف ماذا حدث لكن يجب أن نصبح أكثر قسوة، وأضاف ترامب: يجب أن نكون أكثر صرامة وذكاء وحذرًا، فنحن سنضع حدًا لهذا. من جانبها، أوضحت مرشحة الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، أنها اطلعت على التفجيرات فى نيويورك ونيو جيرسى، والهجوم الذى وقع فى ولاية مينيسوتا، داعية للصلاة من أجل الضحايا، ومشيرة إلى ضرورة الانتظار لمعرفة نتائج التحقيقات، موضحة أنها على اتصال مع المسؤولين بما فيهم مكتب رئيس بلدية نيويورك لمعرفة ما ستسفر عنه التحقيقات. عقب الإعلان عن اعتقال الشاب الأمريكي من أصل أفغاني، أحمد خان رحمي، الذي تشتبه ال"إف بي آي" في ضلوعه في عمليات التفجير بنيويورك ونيوجيرسي، وانتشار صورة شاب مسلم آخر، ذي أصول صومالية نفذ عملية الطعن في مينيسوتا، عاد الحديث عن موقف المرشحين الأمريكيين من الجاليات الإسلامية في أمريكا والمهاجرين واللاجئين هناك، وبالعودة إلى هذا النقاش يأتي بالضرورة حديث ترامب عن منع المسلمين من دخول أمريكا ووقف استقبال اللاجئين أو التدقيق في إجراءات دخولهم إلى الدولة، لتصب تفجيرات نيويورك ونيوجيرسي وحادث طعن مينيسوتا في صالح المرشح الجمهوري، وتساعده على تنمية هذا الخطاب مجددًا وتوسيع دوائر تأثيره، ما سيجعل المواطن الأمريكي يزداد توجهه إلى الأحزاب اليمينية المتطرفة، وهو ما سيسهل مهمة ترامب في الصعود إلى البيت الأبيض بكل سهولة ودون عناء على أكتاف العمليات الإرهابية التي تعزز المخاوف والتهديدات التي طرحها المرشح الجمهوري في حملته الانتخابية وقال إنها تحدق بالولاياتالمتحدة. في ذات الإطار، فقد توصل عدد من علماء الاجتماع في جامعة مينيسوتا في الولاياتالمتحدةالأمريكية من خلال دراسة جديدة أعدّوها، إلى أن المسلمين هم اليوم أكثر مجموعة مرفوضة في أمريكا، وحللت الدراسة تصورات الأمريكيين تجاه الأقليات الدينية والمجموعات العرقية، أظهرت أن رفض المسلمين قد ارتفع من 26% في عام 2006 إلى 45.5% في العام 2016. بالفعل انتهز المرشح الجمهوري دونالد ترامب الفرصة ليكتب في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، إن "هجمات السبت تكشف فشل سياسة أوباما وهيلاري كلينتون، اللذين لا يمكنهما ضمان أمنكم"، وأضاف ترامب: "معي ستصبح أمريكا آمنة مجددًا". استغلال ترامب الأمثل للأحداث الأمنية والأوضاع المتوترة في الولاياتالأمريكية استدعى تحرك سريع من المرشحة الديموقراطية، هيلاري كلينتون، حيث عقدت مؤتمرا صحفيا استثنائيا خصصته لشرح خطتها لمواجهة مخاطر الإرهاب في أمريكا والعالم، ولشن هجوم عنيف على ترامب وخطابه الانتخابي، الذي وصفته بأنه يستغل مخاوف الأمريكيين الأمنية، واستخدام لغة تزرع الفرقة بين الأمريكيين، وتقسمهم إلى مجموعات عنصرية ودينية، وانتقدت كلينتون دعوة ترامب لوضع المسلمين في أمريكا على لوائح المراقبة الأمنية الدائمة، واتخاذ إجراءات صارمة ضدهم، وقالت إن مثل هذه الدعوة وغيرها من الدعوات التحريضية، لعزل المسلمين الأمريكيين تصب في مصلحة تنظيم "داعش"، وترويج لأيديولوجيته المتطرفة وبالتالي تهدد الأمن القومي الأمريكي.