قوبل القرار الذي أصدره مجلس الوزراء منع ترميم أو وضع تماثيل أو لوحات جدارية أو أي منحوتات بالميادين العامة بمحافظات الجمهورية إلا بعد الرجوع إلى وزارتي الثقافة والآثار كلًّا فيما يخصه باستحسان كبير من الخبراء، حيث اعتبر بعضهم أن ميادين مصر تعرضت خلال الفترة الماضية لحالة من التشويه والفوضى، خصوصًا في ظل اللجوء إلى غير المتخصصين في مجال الآثار، فيما اعتبر البعض الآخر أن القرار منقوص؛ لأنه كان يجب أن تنضم إليه كليات الفنون الجميلة؛ فهي أكثر الهيئات التي تقدر قيمة التحف المنتشرة في ربوع مصر. وكانت الفترة الماضية قد شهدت تشويه العديد من التماثيل الموجودة بميادين مصر، إضافة إلى ظهور عدد آخر غلب عليه الطابع العشوائي، وتسبب في خلق حالة من السخرية نحوه، خصوصًا من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي. ومن أبرز التماثيل التي لاقت نصيب الأسد من سخرية مواقع التواصل تمثال نفرتيتي، الذي ظهر في مدينة المنيا، حيث أطلق عليه البعض اسم "عفريتة نفرتيتي"، الأمر الذي أجبر مسؤولي المحافظة على إزالته في أسرع وقت، بجانب تمثال عباس العقاد الذي تم إنتاجه بالجهود الذاتية من العاملين بالإدارة المحلية بمدينة أسوان، وحضر رفع الستار عنه محافظ أسوان، وتمثال أم كلثوم بميدان أبو الفدا بالزمالك، والذي شوه عن طريق تلوينه بطلاء شببه ب "الدوكو"، وغيرها الكثير. من جانبه أثنى الدكتور غريب سنبل، رئيس الإدارة المركزية للترميم والصيانة بوزارة الآثار، في تصريحات خاصة ل "البديل" على القرار، معتبرًا أنه تأخر كثيرًا، موجهًا الشكر لرئيس الوزراء على إقراره. وأضاف "سنبل" أن ميادين مصر تعرضت لحالة من العشوائية في إقامة التماثيل خلال الفترة الماضية، مؤكدًا أن بعض التماثيل كانت تشوه المظهر الحضاري للميادين بدلًا من أن تجمله. وأوضح رئيس إدارة ترميم الآثار أن التماثيل عانت خلال الفترة الماضية من تدخل الشركات غير المتخصصة في ترميمها، خصوصًا الآثار غير المسجلة في سجلات الآثار، والتي كان آخرها أسود كوبري قصر النيل. وذكر "سنبل" أن وزارة الآثار هي التي تولت الإشراف على ترميم هذه الأسود بخبرائها، بعد فشل الشركة المنفذة لمشروع تطوير القاهرة الخديوية، مبينًا أن الوزارة نفذت العملية بخبرائها، دون أن تحمل أي جهة ممولة لتنفيذ المشروع أي أعباء مالية. كما أثنى محمد الكحلاوي، الأمين العام لاتحاد الأثريين العرب، على القرار، معتبرًا أن ما حدث في السابق للتماثيل الموجودة في الميادين المختلفة كان نوعًا من العشوائية، التي تبرز أن من يقوم بها لا يمتلك ذوقًا ولا تاريخًا ولا فنًّا. وأوضح "الكحلاوي" أن ترميم الآثار السابقة في مختلف الميادين دليل على أن مؤسسات الدولة تعمل في جزر منفصلة عن بعضها. وأضاف أن "القرار إلى حد ما كويس"، مشددًا على ضرورة أن تضاف كليات الفنون الجميلة إلى وزارتي الثقافة والآثار؛ باعتبارها صانعة التماثيل، وبالتالي فهي أكثر من يقدر قيمة التحف الموجودة في الميادين.