مازال مشروع قانون بناء الكنائس مصدرا للأزمات بين الحكومة والكنيسة التي أعلنت رفضها للقانون، وبين الحكومة والبرلمان من جهة أخرى، في الوقت الذي أعلن فيه عدد من القوى السياسية رفض التعديلات التي أجريت علي مشروع القانون. الكنيسة الأرثوذكسية التي أعلنت موافقتها على القانون سرعان ما تراجعت بعد عرض المسودة النهائية للتعديلات على ممثلي الكنائس في الاجتماع الذي عقدته الحكومة معهم. تصاعدت حدة الأزمة بعد إعلان عدد من النواب رفضهم مسودة القانون وتضامنهم مع الكنيسة، فيما دعت الحكومة إلى اجتماع، غدا الأحد، لتقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف ومعرفة النقاط محل الرفض. الأزمة تسببت صياغة بعض الجمل في حالة رفض باعتبارها تحمل أكثر من معنى ويمكن استغلالها بأكثر من طريقة، كونها عبارات مطاطة، ومن بين هذه العبارات "تحدد مساحة الكنسية وفقا لعدد الأقباط واحتياجاتهم" والعبارة الخاصة بتعريف الكنسية بأنها "مبنى مستقل محاط بسور" وجاء الاعتراض بسبب أن بعض الكنائس مساحتها صغيرة وليس بها أسوار وبناء عليه سيخرج هذا النص عددا من الكنائس خارج القانون. كما تسبب النص الخاص بإعطاء صلاحية إصدار الترخيص للمحافظ في حالة جدل، خاصة أن مشروع القانون ينص على شرط التنسيق مع الجهات الأمنية، وهو ما يراه البعض عودة إلى المربع "صفر" من حيث إعطاء الأجهزة الرسمية سلطة إصدار بناء الكنائس بشكل منفرد. بجانب الشروط ال9 التي ذكرها مشروع القانون فلابد لتقنين وضع الكنائس القديمة إثبات ممارسة العبادة فيها على مدار 5 سنوات بشكل منتظم، وفي ظل الاعتداء على عشرات الكنائس خلال الفترة الماضية ووجودها خارج الخدمة لأعمال الترميم فإن هذه الكنائس ستكون خارج القانون. وقالت الكنسية الأرثوذكسية إنها رفضت القانون بعد أن أجريت عليه تعديلات غير مقبولة وإضافات غير عملية ترى أنها ستكون خطرا على الوحدة الوطنية المصرية بسبب التعقيدات والمعوقات التي يحتوي عليها وعدم مراعاة حقوق المواطنة والشعور الوطني لدى المصريين الأقباط، وأوضحت أن المشروع مازال قيد المناقشة ويحتاج إلى نية خالصة وحس وطني عال لأجل مستقبل مصر وسلامة وحدتها. حوار مفتوح وأعلن نحو 50 شخصية عامة رفضهم للتعديلات التي أجريت على مسودة مشروع القانون كان من بينهم باسل رمسيس، المخرج السينمائي، وأحمد عبد الودود سعد، عضو بحزب العيش والحرية تحت التأسيس، وطارق العوضي المحامى، وطالبوا بحوار مفتوح تشارك فيه القوى الوطنية وطالبوا الحكومة بإعلان ذلك بشكل واضح والمبادرة بطرح المشروع للحوار المجتمعي، حتى لو أدى الأمر الى إرجاء صدوره إلى الدورة البرلمانية القادمة، بغير تعلل بالإلزام الدستوري، فسلام ووحدة الوطن مقدم على النص، بحسب بيان أصدروه. وأضاف البيان أنه إذا أصرت الحكومة على المضي فيما تصر عليه رغم ما أعلنته العديد من القوى الوطنية من تحذيرات عكف عليها فقهاء دستوريون وخبراء قانونيون، فعلى الرئيس التدخل لوقفه التزاما بمسؤوليته فى حماية وحدة الوطن وحماية الحقوق الأصيلة للشعب، وحذر البيان من الدخول فى دوامة الطعن على القانون حال صدوره معيبا بعدم الدستورية فى مناخ لا يحتمل التصعيد. رأي الكنيسة مع تصاعد حدة الأزمة أعلن نواب إجراء تعديل على المسودة النهائية والاستماع لرأي الكنسية قبل عرض المشروع على البرلمان، وقالت النائبة نادية هنري، إن مشروع القانون يجب أن يكون محل توافق من الجهات المعنية قبل عرضه على البرلمان إذ الهدف منه حل المشاكل وليس إيجاد مشاكل جديدة. وأضافت أن هناك ضغطا على البرلمان بسبب الوقت، فالدستور ألزمه بإقرار قانون بناء الكنائس في دور الانعقاد الأول ولم يبق سوى أيام على انتهائه، فيما شنت النائبة مارجريت عازر، هجوما على موقف الحكومة من القانون، وقالت إنه لا يوجد سبب مقنع لتمسك الحكومة بصيغة بعض الجمل التي قد تتسبب في أزمات فيما بعد، وأضافت أن رأي الكنسية في مسودة القانون محوري ورئيسي إذ إنها الجهة المنوط بها هذا القانون ولابد من موافقتها قبل عرض القانون على البرلمان للتصويت عليه.