في معظم البلدان تزايد الشباب يؤدي إلى الازدهار الاقتصادي، لكن في العالم العربي، الحكام العرب المستبدين يعتبرون الشباب بمثابة تهديد؛ فالشباب الأفضل تعليما من والديهم والمتصلين بالعالم والمتشككين في السلطة السياسية، كانوا في طليعة انتفاضات عام 2011، واستطاعوا الإطاحة بالحكام في تونس ومصر وليبيا وأقلقوا ملوك ورؤساء العديد من الدول الأخرى، واليوم، باستثناء تونس، تلك البلدان انزلقت إما إلى حرب أهلية أو حدث ارتداد لثورتها. وضع الكثير من الشباب العربي يزداد سوءا، أصبح العثور على وظيفة أصعب في حين الوصول إلى زنزانة أسهل، خياراتهم عادة تكون إما الفقر أو الهجرة أو الجهاد المسلح، في أي مكان، هذا يخلق الظروف الملائمة لانفجار مقبل، هذا المزيج السام من الضغط السكاني والقمع السياسي وعدم الكفاءة الاقتصادية أكثر إثارة للقلق في مصر تحت حكم رئيسها، الجنرال عبد الفتاح السيسي، كأكبر دولة عربية، مصر هي أساسية لمستقبل المنطقة. إذا نجحت، سوف يبدأ الشرق الأوسط يبدو أقل إظلاما، وإذا فشلت، فوضى اليوم ستتحول إلى مراحل أكثر بشاعة، فالسيسي الذي تولى السلطة عام 2013 أثبت أنه أكثر قمعا من حسني مبارك وغير كفء مثلما كان محمد مرسي. النظام الحالي في مصر ينبض بالحياة فقط عن طريق الحقن السخي بالأموال من دول الخليج، وبدرجة أقل، من خلال المساعدات العسكرية الأمريكية، حتى مع المليارات النفطية الخليجية، عجز الميزانية الحالي يتوسع وذهبت حكومة السيسي لصندوق النقد الدولي للحصول على قرض إنقاذ بقيمة 12 مليار دولار. وصلت نسبة البطالة بين الشباب الآن إلى أكثر من 40٪؛ القطاع الحكومي متضخم بالفعل مع موظفيه الذين لا يفعلون شيئا، ومع الاقتصاد المصري المتعثر، القطاع الخاص غير قادر على استيعاب جحافل العمالة الجديدة التي تنضم إلى سوق العمل كل عام. المشاكل الاقتصادية في مصر تنبع جزئيا من عوامل تتجاوز سيطرة الحكومة، انخفاض أسعار النفط يؤثر على جميع الاقتصاديات العربية، فالنزاعات والحروب والإرهاب في المنطقة أبقى السياح بعيدا عن الشرق الأوسط، أخطاء الماضي تثقل أيضا، بما في ذلك تركة الاشتراكية العربية، لكن السيسي يجعل الأمور أكثر سوءا. يعتقد أنه يمكنه السيطرة على أسعار المواد الغذائية، التي يتم استيراد الكثير منها، عن طريق دعم العملة لتجنب تأجيج التضخم والغضب الاجتماعي، لكن ضوابط رأس المال قد فشلت في منع ظهور سوق سوداء للدولار، الأمر الذي أدى إلى إذكاء التضخم والإضرار بالصناعة وهروب المستثمرين. بامتلاكها قناة السويس، أحد شرايين التجارة الكبرى في العالم، مصر يجب أن تكون في وضع جيد للاستفادة من التجارة العالمية، ومع ذلك تقع توقعاتها من حيث سهولة ممارسة أنشطة الأعمال التجارية في نهاية مؤشر البنك الدولي. بدلا من خفض الروتين، السيسي يصب أموال دافعي الضرائب في مشروعات ضخمة لا تحقق التوقعات، مشروع توسعة قناة السويس "قناة السويس الجديدة"، التي انخفضت إيراداتها بالفعل، خطط لبناء عاصمة إدارية جديدة على غرار دبي جديدة. جسر مقترح لربط مصر بالسعودية أثار احتجاجات بعد تنازل السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية التي كانت تسيطر عليهما مصر منذ فترة طويلة، بدأ الممولون العرب يظهرون يأسا ونفاد صبر، فعاد المستشارون الإماراتيون إلى دولتهم يشعرون بخيبة أمل بسبب البيروقراطية والقيادة المتحجرة. مصر أصبحت هشة للغاية لذلك يجب إعطاء اتجاه واضح قوي للإصلاح يتم تنفيذه بصورة تدريجية ليساعد على استعادة الثقة في الاقتصاد المصري. الحديث عن انتفاضة أخرى أو حتى انقلاب عسكري للتخلص من السيسي خف في الوقت الراهن، لكن الضغوط السكانية والاقتصادية والاجتماعية في مصر ترتفع بلا هوادة وثورة 25 يناير 2011 حدثت على حين غرة. النظام السياسي في مصر يحتاج إلى أن يتم إعادة فتحه، بالنسبة للرئيس السيسي، ستكون نقطة جيدة للبدء في أن يعلن عدم ترشحه مجددا للانتخابات عام 2018. ايكونوميست