أعلنت الصين أنها ستجري مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا في بحر الصين الجنوبي سبتمبر المقبل، دون أن تشير إلى الموقع بالتحديد، موضحة أن هذه التدريبات "الروتينية" تهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين وغير موجهة لأي دولة أخرى. الصينوالولاياتالمتحدة تأتي التدريبات بين الصينوروسيا في وقت يشهد توترا متزايدا بالمياه المتنازع عليها، خاصة بعد أن قضت محكمة في لاهاي هذا الشهر، بأن الصين ليس لها حقوق تاريخية في بحر الصين الجنوبي ورفضت مزاعمها بالسيادة على المنطقة، كما انتقدت تدميرها للبيئة هناك، الأمر الذي قوبل بالرفض من التنين الصيني حيث أحجمت عن حضور جلسات المحكمة، ويعد قرار محكمة التحكيم ملزم ولكن دون أن تكون لديها قوة لتنفيذه. وأشارت الخارجية الصينية إلى أن "سيادة الصين الإقليمية وحقوقها ومصالحها البحرية لن تتأثر أبدا بهذه القرارات"، وأيضا تزايد خطورة الموقف بعد تدخل قوى عظمى كالولاياتالمتحدة بشكل سافر في الأزمة لمصلحة الفلبين، الأمر الذي ترفضه بكين وترى أنه بمثابة تهديد للأمن والسلم بالمنطقة، وحثت الولاياتالمتحدة، التي تتهمها الصين بتأجيج التوترات في المنطقة وعسكرتها من خلال دورياتها ومناوراتها الحربية، الأطراف على التقيد بالقرار الملزم قانونيا وتجنب الخطوات الاستفزازية. ولكل من الصين وفيتنام والفلبين وتايوان وماليزيا وبروناي مزاعم متنافسة في منطقة بحر الصين الجنوبي، وتقول الصين إن لها حقوقا في السيادة على معظم بحر الصين الجنوبي الذي تمر عبره تجارة قيمتها 5 تريليونات دولار سنويا. وفي إشارة صينية قد تخفي أهداف المناورة الصينية الروسية، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع، يانغ يو جون، في مؤتمر صحفي شهري "هذا تدريب روتيني بين القوات المسلحة للبلدين يهدف إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية الصينية الروسية، وأن التدريب ليس موجها ضد أطراف ثالثة". موسكو وواشنطن وبالنسبة لروسيا، تأتي هذه المناورات في ظل خلافات بين موسكو وواشنطن عبر بوابة الناتو، حيث اتهمت قمة الناتو في وارسو التي اختتمت أعمالها يوم السبت 9 يوليو الجاري، سياسة روسيا بأنها تسببت في "انخفاض مستوى الاستقرار والأمن"، وأكدت أن الحلف سيستمر في تعزيز قدراته الدفاعية وردع الأخطار على مختلف الاتجاهات. وأعلن الحلف أنه سينشر في أوروبا الشرقية وحوض البحر الأسود قوات إضافية، من بينها 4 كتائب يبلغ تعداد كل منها ألف عسكري في دول البلطيق وبولندا، وتكون "الأمم الرائدة" مسؤولة عنها: "كندا" في لاتفيا، "ألمانيا" في ليتوانيا، "بريطانيا" في إستونيا، و"الولاياتالمتحدة" في بولندا، الأمر الذي أزعج الروس، فموسكو بطبيعة الحال غير مرتاحة من تعزيز الوجود العسكري للناتو في أراضٍ تعدها روسيا مهمة لها، ومن ضمنها منطقة البحر الأسود. الملفت بأنه في العام الماضي أجرت الصينوروسيا تدريبات عسكرية لكنها لم تكن في بحر الصين الجنوبي، بل كانت في بحر اليابان وفي البحر المتوسط. رد الفعل الأمريكي كان مسؤولون أمريكيون قد عبروا عن خشيتهم، من أن ترد الصين على قرار محكمة لاهاي بفرض منطقة حظر جوي في أجواء بحر الصين الجنوبي، مماثلة لتلك التي فرضتها في بحر الصين الشرقي عام 2013، أو بتسريع عمليات تشييد وتحصين الجزر الاصطناعية في المنطقة، إلا أن الرد الصيني جاء مختلفًا هذه المرة عن طريق المناورات العسكرية فيه، ويبدو أن الولاياتالمتحدةالأمريكية حاولت إخفاء ردة فعلها تجاه المناورات وامتصاص الصدمة، حيث هوّن المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست من أهمية التدريبات على الرغم من إقراره بأن بحر الصين الجنوبي "قضية دبلوماسية حساسة حاليا"، وقال في إفادة دورية "لا أعرف ما هي التدريبات التي يخططان لها لكن الولاياتالمتحدةوالصين لديهما بنفس الطريقة علاقة عسكرية ولم أفاجأ أن روسياوالصين تسعيان للبناء على علاقتهما العسكرية أيضا". وقال مسؤول دفاعي أمريكي إنه لا يتوقع أن تؤثر التدريبات الصينية الروسية على النشاط أو السلوك العسكري الأمريكي في بحر الصين الجنوبي، وأكد: "لسنا قلقين بشأن سلامة السفن الأمريكية في المنطقة ما دامت التفاعلات مع الصينيين لا تزال آمنة واحترافية وهو ما حصل في معظم الحالات". وعلى الرغم من أن الولاياتالمتحدة تقول إنها لا تنحاز لأي جانب في النزاعات الإقليمية، إلا أنها أرسلت سفنا حربية وطائرات بالقرب من الجزر المتنازع عليها معلنة أنه لضمان حرية الملاحة، وقبل أيام حثت الولاياتالمتحدةواليابان وأستراليا الصين بعدم بناء ثكنات عسكرية في منطقة بحر الصين الجنوبي، الأمر الذي اعتبرته الصين تدخلًا في شؤونها. القطبية الأحادية تأتي التدريبات العسكرية في البحر الصيني متسقة مع تحذيرات الخبراء من أن بكين سوف تزيد من تواجدها العسكري في بحر الصين الجنوبي، لإظهار التحدي للحكم الصادر قبل أسبوعين من قبل المحكمة الدائمة للتحكيم، كما أن التواجد الروسي في التدريبات، يبعث برسالة قوية، مفادها أن على الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تعلم بأن زمن القطب الواحد انتهى وأن عليها التعامل مع الدب الروسي والتنين الصيني كأقطاب عسكرية واقتصادية وسياسية متواجدة وبقوة في هذا العالم.