قال موقع إثيوميديا إنه في هذه الظروف التي تمر بها إثيوبيا، لا بد من تذكيرها بالإبادة الجماعية في رواندا وكيفية استخلاص الدروس المستفادة منها، فقد يعتقد البعض أن مثل هذا النوع من السيناريو لن يحدث أبدًا في إثيوبيا، ولكن مجرد التفكير في ذلك يجعلنا نتذكر الصومال بلد اللغة الواحدة والعرق الواحد والدين الواحد، ومع ذلك انهارت بسرعة، وكانت دولة فاشلة لعقدين من الزمن. وأضاف الموقع الإثيوبي أيضًا يوغوسلافيا، متسائلًا: من كان يظن انها ستتفكك، وسيؤدي تفككها إلى نوع من الإبادة الجماعية والتنظيف العرقي الذي شهدناه في قلب أوروبا، وإرسال العديد من القادة إلى المحكمة الجنائية الدولية؟ ومن كان يظن أن جنوب السودان، والتي كان استقلالها في عام 2011، بعد عقود من الحرب، تنزلق إلى الحرب الأهلية التي تسببت في قتل وتشريد مئات الآلاف من السودانيين الجنوبيين؟ من كان يظن أن الزعيم الليبي معمر القذافي سوف يطاح به، ويقتل بطريقة سريعة وحشية، وتغرق البلاد في الحرب الأهلية، وتصبح أرضًا خصبة للإرهابيين مثل داعش، وهو الشر الذي ذبح العديد من الأبرياء والشباب المهاجرين الإثيوبيين؟ أما بالنسبة لرواندا فشهدت أكبر مذبحة وقتل جماعي من قبيلتي التوتسي والهوتو، اللتين قتل منهما حوالي مليون شخص، حتى تحولت تلك البلد الجميلة المليئة بالجبال الخضراء الى أرض غارقة في الدم، وأصبحت إحدى التجارب التي لا تنسى أبدًا. ولم تكن المذبحة في رواندا كل شيء، بل تم اغتصاب حوالي 400 ألف من النساء؛ مما نتج عنه إصابة حوالي 67٪ من هؤلاء في وقت لاحق بفيروس نقص المناعة البشرية، وما إلى ذلك من إحصاءات عن عدد من الناجين والأيتام والمعاقين والأرامل، خاصة وأن هناك اثنتين من كبرى الجماعات العرقية في رواندا وراء تلك المشكلة: الهوتو الذين يشكلون 84٪، والتوتسي 15٪، والباقي السكان الأقزام الذين يشكلون حوالي 1٪. وعلى الرغم من أن المجموعتين تمثلان شعبًا واحدًا ثقافيًّا ولغويًّا، إلا أنهما كان لديهم ماضٍ وحشي للغاية. وكانت الإبادة الجماعية تتويجًا للكراهية التي تراكمت لدى غالبية الهوتو نحو التوتسي (الأقليات). وترجع هذه الكراهية وعدم الثقة الى الحقبة الاستعمارية البلجيكية، في عام 1860، عندما نجح ضابط بريطاني يدعى نجون هانينج سبيك في التفريق بين القبيلتين وتفضيل جنس قبيلة على الأخرى. وكان الضابط نفسه قد أعلن أن شعب الأورومو على وجه الخصوص مختلف عن الإثيوبيين المذكورين في الكتاب المقدس. وكان مثل هذا التصنيف وسيلة مريحة للأوروبيين لتنفيذ سياسة "فرِّق تسد"، من خلال خلق الوهم بأن التوتسي أشبه للدم الأوروبي من الهوتو، وهو ما خلق أيضًا نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، حيث تم تصنيف البيض كمواطنين من الدرجة الأولى والملونين والهنود من الدرجة الثانية؛ وبالتالي فالبيض يلقون معاملة أفضل من الطبقة الثانية. أما الدرجة الثالثة فجاء فيها الأفارقة السود في تصنيف جنوب إفريقيا والحقوق والامتيازات التي وزعت في هذا النظام. أما في رواندا فأدى هذا التصنيف إلى تهميش كامل للغالبية خلال الفترة الاستعمارية. وبحلول نهاية الوجود البلجيكي في رواندا في عام 1959، كان ثلاثة وأربعون رئيسًا من أصل خمسة وأربعين من التوتسي، وكذلك رؤساء الفرعية 549 من 559 في بلد كانت تسيطر عليها حياة الشعوب ونظام الأرض القابضة، وكانت النتيجة الاحتكار السياسي والاقتصادي لمجموعة عرقية أقلية. وكانت رواندا قبل وصول الأوربيين إليها أرض السلام والوئام. ومنذ وصول الأوروبيين صار العنف منهجيًّا بين التوتسي والهوتو، حيث أصبحت الأفكار والأساطير التي روجها الاستعمار سلاحًا قاتلًا وفتاكًا. وعندما اجتمع زعماء الهوتو، وتولوا السلطة، بدءوا في تصفية الحسابات. وفي عام 1959 قتلوا أكثر من 100 ألف من التوتسي. وفر عدد كبير من التوتسي إلى أوغندا المجاورة وزائير وبوروندي. ومن هؤلاء اللاجئين تأسست الجبهة الوطنية الرواندية. وهناك العديد من الدروس المستفادة من الإبادة الجماعية في رواندا. أولها أن مستوى الغضب والكراهية والسماح لانتشار الإشاعات أول طريق لفشل الدولة وانحدارها نحو الهاوية. أما الدرس الأكثر أهمية الذي يجب أن تتعلمه الدول الإفريقية، وبخاصة إثيوبيا من الإبادة الجماعية في رواندا، أن ما حدث كان بسبب السياسات العرقية وتحريض الدولة على الكراهية والقتل وقيام المسؤولين بنشر ازدراء وتشويه صورة جماعة أخرى.