تحاول المملكة المغربية إنهاء القطيعة مع الدول الإفريقية، وذلك بعد مرور 32 سنة من انسحابها من منظمة الوحدة الإفريقية، من خلال الرسالة التي بعث بها الملك المغربي محمد السادس إلى القمة ال 27 للاتحاد الإفريقي التي انتهت الاثنين بالعاصمة الرواندية كيجالي، المتضمنة طلبًا رسميًّا بالعودة إليها. وقال ملك المغرب في الرسالة "لا يمكن للمغرب أن يظل خارج أسرته المؤسسية، ولا بد له من استعادة مكانه الطبيعي والشرعي داخل الاتحاد الإفريقي، بحيث يمكنه، بفضل تحركه من الداخل، أن يساهم في جعله منظمة أكثر قوة، تعتز بمصداقيتها، بعد تخلصها من مخلفات الزمن البائد". أسباب خلاف المغرب مع الاتحاد الإفريقي قرر المغرب الانسحاب من منظمة الوحدة الإفريقية التي تغيّر اسمها لاحقًا إلى الاتحاد الإفريقي في القمة المنعقدة في نوفمبر 1984؛ احتجاجًا على قبوله انضمام جبهة البوليساريو في المنظمة. وكان المغرب من الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الإفريقية، والتي تأسست في أعقاب أول قمة إفريقية انعقدت في أديس أبابا، وتم التوقيع على ميثاقها في 26 مايو 1963، بحضور 30 دولة إفريقية مستقلة. يأتي انسحاب المغرب من المنظمة الإفريقية، بعدما شنت عليه الخصوم الإفريقية انتقادات واسعة إثر استرجاعه للصحراء الغربية في سنة 1975. وبرر الملك محمد السادس خروج بلاده من منظمة الوحدة الإفريقية بقوله "إن فرض أمر واقع لا أخلاقي، والانقلاب على الشرعية الدولية دفع المملكة المغربية، تفاديًا للتجزئة والانقسام، إلى اتخاذ قرار مؤلم، يتمثل في الانسحاب من أسرته المؤسسية". لماذا قررت المغرب العودة الآن؟ رغم أن أسباب الانسحاب ما زالت قائمة، إلا أن قرار المغرب بالعودة للكنف الإفريقي يرتبط بأسباب داخلية، وأسباب خارجية. ومن أهم الأسباب الداخلية أن المغرب شعر أن انسحابه ترك المجال لخصومه بشأن قضية الصحراء، هذه القضية أصبحت تشكل الهدف الأساسي لانضمامه للاتحاد، حيث أرجعت ممثلة المغرب في الاتحاد البرلماني الإفريقي آمنة ماء العينين السبب بعودة المغرب إلى اقتناعه بأن سياسة المقعد الفارغ لا يمكنها أن تكون ناجعة في خدمة قضيته، وبالتالي فإن عودة المغرب من أجل إقناع منظمة الاتحاد الإفريقي بعدم جدوى الاعتراف بكيان لا تعترف به الأممالمتحدة أو الجامعة العربية أو منظمة التعاون الإسلامي. كما أن الطرح المغربي لمشروع الحكم الذاتي في الصحراء الغربية يوازي في قيمته ما بين خياري الوحدة والاستقلال، الأمر الذي من شانه أن يقدم حلولًا توافقية لقضية الصحراء والدول الإفريقية. أما بالنسبة للأسباب الخارجية، فيرى مراقبون أن ميزان القوى الإقليمية بات يميل لفائدة المغرب بعد الاختراقات الدبلوماسية التي حققها خلال السنوات الماضية في غرب القارة، وصولًا إلى الدول الإفريقية الناطقة بالإنجليزية، وشروعه في مفاوضات مع قوى كبرى مؤثرة مثل نيجيريا، كما أن وجود البوليساريو ولّد شعورًا لدى عدة دول إفريقية بأنه أحدث شرخًا في القارة، واستمراره أن يشجع حركات انفصالية أخرى تشكل خطرًا على وحدة الدول الإفريقية وسط متغيرات عدم الاستقرار التي يعرفها النظام الدولي برمته. دول إفريقية تستجيب للمغرب ترددت أنباء أن 28 دولة إفريقية رحبت بقرار المغرب القاضي باستعادة مقعده في الاتحاد الإفريقي، حيث قدمت تلك الدول التي تشكل أغلبية أعضاء الاتحاد الإفريقي، الاثنين، التماسًا إلى رئاسة الاتحاد ترحب فيه بمضمون رسالة العاهل المغربي. وعبرت الدول في الالتماس عن "التزامها بالعمل على أن يعود المغرب لكامل عضويته وإرجاع الأمور إلى نصابها". المثير للاهتمام أن هذه الدول أشارت إلى أنها ستعمل على إخراج ما يسمى "الجمهورية العربية الصحراوية" التي أعلنت جبهة البوليساريو تأسيسها من جانب واحد، من الاتحاد الإفريقي، وشملت قائمة الدول الموقعة على الالتماس كلًّا من السنغال والنيجر وكوت ديفوار والجابون وبلدان إفريقية أخرى. وتشمل الرسالة التي نشرتها وكالة المغرب العربي للأنباء، والتي وجّهها 28 بلدًا عضوًا في منظمة الاتحاد الإفريقي، إلى رئيس جمهورية تشاد بصفته الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، ترحيبًا بقرار المغرب العودة إلى الاتحاد، وأن هذه الدول ستعمل من أجل "تعليق مشاركة البوليساريو في أنشطة الاتحاد الإفريقي وجميع أجهزته؛ من أجل تمكين الاتحاد الإفريقي من الاضطلاع بدور بناء والمساهمة بشكل إيجابي في جهود منظمة الأممالمتحدة؛ قصد التسوية النهائية للنزاع الإقليمي حول الصحراء".