بعد مرور نحو عامين على ظهور بذور داعشية في الجزائر في أعقاب إعدام الرهينة الفرنسي على يد جماعة ما تعرف باسم جند الخلافة، التي أعلنت ولاءها للتنظيم الإرهابي، أعلنت السلطات الجزائرية رسميًّا أن الضربات التي وجهها الجيش لهذه الجماعة منذ خطف وذبح السائح الفرنسي، جعلت هؤلاء الإرهابيين في حالة احتضار. ويحاول التنظيم في العامين الماضيين خلق فرع له في الجزائر، عبر تأسيس منشقين من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب تنظيم «جند الخلافة» الذي عاد إلى الواجهة بعد إعلان وزير العدل مقتل ثلاثة من أعضائه كانوا ملاحقين دوليَّا؛ لضلوعهم في خطف وذبح السائح الفرنسي هيرفي غورديل في 2014 بمنطقة القبائل. وقال مصدر أمني جزائري: إن التنظيم فقد كل معاقله بسبب حصار الجيش، موضحًا أنه منذ قتل السائح الفرنسي لم تتوقف العمليات العسكرية لملاحقة منفذي الجريمة، حيث بدأت بعدد غير مسبوق من الجنود وصل إلى ثلاثة آلاف حاصروا المنطقة مدعومين بالطائرات المروحية. وأضاف: «أما اليوم فالعمليات مركزة وتتم بعدد أقل من الجنود، وفي عدة أماكن في الوقت ذاته» مشيرًا إلى أن التنظيم اضطر للانتشار في أماكن متفرقة، مما يفسر قتل جزء منهم في البويرة ثم تيزي وزو والمدية مؤخرًا»، كما فقد التنظيم شبكة المدنيين التي تزوده بالمعلومات والمؤن، حتى إن العملية العسكرية الأخيرة في المدية انطلقت بناء على معلومات قدمها مواطنون، كما قالت وزارة الدفاع. وبحسب الإحصائيات غير الرسمية عند إعلان تأسيس جند الخلافة في عام 2014 كان يضم بين 40 و60 عنصرًا قتل أغلبهم بما فيهم زعيم التنظيم عبد المالك قوري وخالد أبو سليمان، وقالت وزارة الدفاع: إن قوات الجيش قتلت واعتقلت خلال العام الماضي 157 إرهابيًّا بينهم عشرة قياديين، بينما أحصت وكالة الأنباء الجزائرية القضاء على 30 إرهابيًّا وتوقيف 13 آخر، إثر العمليات التي قام بها الجيش الجزائري خلال شهر يونيو الماضي. تقول أحدى المصادر السياسية بالجزائر، التي رفضت نشر اسمها عن تقارير الجيش الجزائري بقرب عملية الحسم اتجاه الإرهابين: إن هذا الأمر صحيح بشكل كبير، علمًا بأن تنظيم داعش مازال لدية خلايا نائمة في الجزائر، مشيرًا إلى أن الجزائريين يعملون الآن على محاربة جذور الفكر المتطرف، حيث لم تكن عملية القضاء عليه سهلة؛ لأنه كالجرثوم يتخفى في أوساطنا. وبسؤاله عن نسبه نجاح حملة الجيش الجزائري في القضاء على هذا الجرثوم، أكد أن الجيش الجزائري يقوم بمجهود مضنية في كل المناطق التي يشتم بها رائحة الإرهابين، خاصة الجبلية، مشيرًا إلى أن نسبة القضاء على هذه التنظيمات وصلت إلى مرحلة متقدمة، وأن ما يتبقى من فئات ترتبط بفكر التنظيمات الإرهابية تختبئ وتعمل في الخفاء، لكن دون تأثير، مؤكدًا أن الجزائر مرت بعشرية سوداء ورغم المصالحة الوطنية هناك بعض المتشددين الذين يجذبون الناس رغم قبحهم، لكن من المؤكد أن ما حصل بالسعودية مؤخرًا من تفجيرات إرهابية سيكشف هؤلاء الخونة أمام مستقطبيهم ويبعد الناس عنهم. وبعيدًا عما يقلق الجزائر من الداخل على واقع الخلايا النائمة كما تحدث المصدر، ما يخوف الجزائريين هو التهديد الخارجي، حيث تقع البلاد بين بؤرتين مشتعلتين في منطقة شمال إفريقيا والساحل، وهو ما جعلها هدفًا لكل من «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي»، الذي ينشط فيه منذ سنوات طويلة في منطقة الساحل الإفريقي، وتنظيم داعش الإرهابي الذي مازال مسيطرًا على مناطق في ليبيا، واستطاع تجاوز حدودها لتنفيذ عمليات في تونس المجاورة، وإدخال بعض عناصره المسلحين إلى داخل الجزائر. وما يقلق الجزائر أكثر هو مبايعة بعض التنظيمات في مالي لتنظيم داعش مؤخرًا مثل تنظيم أنصار الدين، بالإضافة إلى استمرار فرار قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذين يمكن أن يواصلوا استقطاب مقاتلين جدد، ويخططوا لهجمات ضد أهداف حساسة في الجزائر. وعلى عكس الحدود الجزائريةالمالية، تواجه البلاد صعوبة بالغة في ضبط الحدود مع ليبيا؛ بسبب غياب سلطة مركزية في الجانب الليبي من الحدود، وهو ما يجعلها فضاء مفتوحًا لنشاط الإرهابيين الذي فروا حديثًا من مدن شرق ووسط وغرب ليبيا بعد تصييق الخناق عليهم، كما أن الحدود مع تونس لا تزال على درجة كبيرة من الهشاشة، يجعل منها ملاذًا آمنًا ومنفذًا للعناصر الإرهابية المقبلة من تونس وليبيا، وهو ما تحاول الجزائر مراقبته بالتنسيق مع تونس.