شهد الأسبوع الماضي جدلًا بين واشنطن وبغداد حول المناطق المحررة في الفلوجة، حيث زعمت أمريكا أن ما تم تحريره من الفلوجة هو ثلثها فقط، بينما قال الجيش العراقي إنه حرر 90% من مساحة الفلوجة. ويبدو أن القوات العراقية حسمت هذا الجدل لصالحها، حيث استعادت القوات العراقية آخر منطقة خاضعة لسيطرة تنظيم داعش الإرهابي بمدينة الفلوجة الأحد، وأعلنت القيادة العامة للعملية انتهاء المعركة بعد شهر من القتال. تحرير الفلوجة قال قائد عمليات تحرير الفلوجة الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي لتليفزيون العراق الرسمي "نعلن من هذا المكان في وسط حي الجولان الذي تم تطهيره من قِبَل جهاز مكافحة الإرهاب، وبذلك نزف للشعب العراقي بأن معركة الفلوجة قد انتهت". وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي قال "نحو 90 في المائة من الفلوجة سالمة وصالحة للسكن؛ لأننا باغتنا داعش فيها، ولم يتمكنوا من تدميرها كما حصل في الرمادي وسنجار". من جانبه دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الأحد جميع العراقيين للاحتفال باستعادة مدينة الفلوجة من داعش، وقال إن قوات الأمن سترفع العلم العراقي في الموصل قريبًا. وأجرى العبادي جولة في مدينة الفلوجة، زار خلالها مناطق المدينة التي حررت مؤخرًا، ومنها أحياء "الجولان" و"نزال" و"الشهداء"، وقال خلال الزيارة "لن يبقى لداعش مكان في العراق". وأكد العبادي تلقيه مكالمة هاتفية من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بارَكَ من خلالها "الانتصارات التي حققتها القوات العراقية في معارك تحرير الفلوجة"، مبينًا دعم الأممالمتحدة للحكومة العراقية في النواحي العسكرية والإنسانية والاقتصادية. معركة الفلوجة كانت الفلوجة، وهي مدينة رئيسية بمحافظة الأنبار بغرب العراق، أولى المدن العراقية التي سقطت في أيدي داعش، حيث تمكن التنظيم من السيطرة على مساحات شاسعة من الأرض بغرب العراق في عام 2014. وفي مايو الماضي أعطى العبادي إشارة البدء لعملية استعادة الفلوجة، وبالفعل بدأت القوات العراقية، بمساندة فصائل الحشد الشعبي ودعم طيران التحالف الدولي منذ 33 يومًا، عملية عسكرية كبرى لاستعادة السيطرة على الفلوجة. وبعد معارك شرسة، أعلنت خلية الإعلام الحربي التابعة لقيادة العمليات المشتركة في وقت سابق السيطرة على جسر العمارات السكنية وشمال حي الجولان بالكامل واستعادة مدينة الألعاب والسوق الداخلية في الفلوجة القديمة، فيما حررت قوات الشرطة الاتحادية ضفة نهر الفرات والجسر الحديدي في المدينة، في المقابل انهارت دفاعات داعش، حيث قالت مصادر مقربة منها إن مسلحيها انسحبوا من مناطق الأزركية والنساف والحلابسة والشامية والحصي في محيط الفلوجة باتجاه جزيرة الخالدية، وذلك بعد ساعات من الانسحاب من الأحياء الشمالية الغربية وأهمها حي الجولان من دون قتال؛ لتعلن بعدها السلطات العراقية سيطرتها الكاملة على المدينة. وبلغ عدد القتلى في صفوف داعش، وفقًا للساعدي، 1800 على الأقل من مقاتلي داعش قتلوا في عملية استعادة الفلوجة، بينما لاذ الباقون بالفرار، وتمكنت القوات العراقية من إلقاء القبض على نحو ألفي إرهابي حاولوا التسلل بين النازحين. النازحون أسفرت المعارك في الفلوجة عن نزوح آلاف العائلات إلى مخيمات شيدتها الأممالمتحدة ومنظمات إغاثية، وسط أوضاع إنسانية متدهورة، حيث أجبر القتال في الفلوجة أكثر من 85 ألفًا من سكانها على الفرار. وقال قائم مقام الفلوجة عيسى العيساوي إن الأسر النازحة قد تتمكن من العودة إلى المدينة في غضون شهرين، إذا قدمت الحكومة ووكالات الإغاثة الدولية يد العون. أهمية المعركة يعطي نجاح عملية الفلوجة التي انطلقت في 23 مايو قوة دافعة جديدة للقوات العراقية في حملة استعادة السيطرة على مدينة الموصل معقل داعش في العراق. ما يميز تحرير الفلوجة هو أنها انتهت بأقل خسائر بالنسبة للقوات العراقية المشتركة، ويعود ذلك لخبرة هذه القوات من المعارك السابقة، إضافة لأقل نسبة دمار في الفلوجة، فيما أنتجت مشاركة التحالف الأمريكي في تحرير مناطق أخرى ومنها الرمادي دمارًا كبيرًا، وشهدت استهدافًا للمدنيين بدل استهداف داعش، كما يفتح تحرير الفلوجة الطريق أمام تحرير الموصل، والتي أكد الحشد الشعبي مشاركته فيها، حيث جرى تهميش قوات الحشد الشعبي التي قاتلت في المناطق النائية من الهجوم الرئيسي في وسط الفلوجة؛ مخافة أن يثير ذلك توترات طائفية في المدينة التي فيها أغلبية سنية.