تقارب جديد تسعى إليه إحدى الدول الغربية مع إيران، فبعد أن قطعت بعض الدول أشواطًا في إعادة علاقاتها مع الجمهورية الإيرانية وتعزيز التبادل التجاري بينها، خاصة بعد توقيع الاتفاق النووي، جاء الدور على كندا التي تتخذ خطوات وإن كانت متقطعة إلَّا أنها مهمة على طريق إعادة العلاقات بين أوتاوا وطهران. أكد وزير الخارجية الكندي، ستيفان ديون، أن بلاده أقامت اتصالات أولية مع إيران، وبدأت مفاوضات من أجل استعادة العلاقات بين البلدين، وأضاف ديون: لقد بدأت المفاوضات على المستوى الرسمي، لكنه عاد ليؤكد أن كندا ليست لديها خطط لاستئناف عمل السفارة في طهران في المستقبل القريب. الخطوة الكندية لم تكن الأولى على طريق التقارب مع إيران، فقد سبق أن أعلنت أوتاوا في فبراير الماضي أنها أزالت بعض العقوبات المفروضة على طهران، حيث جاءت هذه الخطوة في إطار إزالة بعض الدول الحظر الاقتصادي الذي فرضته الأممالمتحدة على إيران، بعد دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ في يناير، وفي مقدمة هذه الدول جاءت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي. بالتزامن مع بدء مفاوضات إعادة العلاقات بين البلدين، أقدمت كندا على خطوة أشارت إلى وجود تناقض في مواقف تلك الدولة، حيث أصدرت محكمة انتاريو العليا كندية قرارًا بمصادرة 13 مليون دولار من الأصول الإيرانية المجمدة في هذا البلد، واعتبارها غرامات تقدم لأسر الأمريكيين المقتولين منذ عام 1983 وحتى عام 2002، في هجمات بأرجاء العالم، استنادًا لاتهامات أمريكية، حيث قالت المحكمة في بيان أصدرته الجمعة الماضية أن طهران تتحمل مسؤولية تمويل وتدريب رجال حركة حماس وحزب الله اللبناني في تنفيذ 8 انفجارات أو عمليات حجز رهائن في بوينس آيرس وتل أبيب والسعودية على مدى 20 عامًا. ونددت إيران بقرار المحكمة الكندية، حيث قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، حسن جابر الأنصاري: إن القرار يتنافى مع الالتزامات الدولية للحكومة الكندية، وأضاف الأنصاري أن هذا القرار يتعارض مع تأكيدات الحكومة الكندية الجديدة بتطبيع العلاقات بين البلدين، معتبرًا أن أي تطبيع للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين يفترض إعادة النظر في السياسات المتطرفة والخاطئة للحكومة الكندية. العلاقات الكندية الإيرانية لم تكن يومًا جيدة، حيث تعتبر اوتاوا الحليفة المقربة جدًّا من الكيان الصهيوني والولاياتالمتحدةالأمريكية، الأمر الذي يجعل سياستها الخارجية مع إيران تتماشى مع مواقف هذه الدول، حيث تعتبر كنداإيران «دولة تدعم الإرهاب» على غرار حلفائها، ناهيك عن المشاحنات والإجراءات العدائية التي تتخذها أوتاوا من حين إلى آخر في مواجهة طهران بتعليمات أمريكية إسرائيلية. في يوليو 2010 أعلنت كندا أنها ستفرض عقوبات على إيران؛ لأنها لم تعمل وفقًا لالتزاماتها الدولية ولم تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفي عام 2011 شددت اوتاوا عقوباتها على طهران، وقال وزير خارجيتها حينها، جون بيرد: إن استخدام إيران المستمر لمنابر الأممالمتحدة للهجوم على إسرائيل والإساءة إلى اليهود في أنحاء العالم كافة غير مقبول بتاتًا. في أبريل 2012 أغلقت كندا القسم الخاص بإصدار تأشيرات السفر إليها في السفارة الإيرانية، معلنة أنها لن تقبل أي طلبات لمنح تأشيرات السفر إلى كندا من المواطنين الإيرانيين نهائيًّا، وفي 7 سبتمبر من العام ذاته، أعلنت كندا إغلاق سفارتها في طهران وطرد جميع الدبلوماسيين الإيرانيين الموجودين في كندا، متهمة إيران بتقديم مساعدة عسكرية للنظام السوري، حيث قال وزير الخارجية الكندي حينها، جون بيرد: إن الحكومة الإيرانية هي التهديد الأكبر للسلم العالمي والأمن في العالم اليوم، مضيفًا: تحت هذه الظروف لا يمكن لكندا أن تحافظ على وجود دبلوماسي في إيران، العلاقات الدبلوماسية بين كنداوإيران تم تعليقها، مشيرًا إلى البرنامج النووي الإيراني والدعم العسكري الإيراني للحكومة السورية. مع فوز جوستين ترودو برئاسة الحكومة الكندية في أكتوبر الماضي، بدأت العلاقات الإيرانية الكندية تتجه نحو إعادة التنسيق، حيث أشار ترودو عقب أدائه اليمين الدستورية إلى أن حكومته الليبرالية ستعمل على إحداث تغيرات واعدة تختلف عن حقبة حكومة رئيس الوزراء السابق، ستيفن هاربر، وأعرب حينها عن رغبته في إعادة بناء العلاقات الكندية الإيرانية، التي قطعتها حكومة هاربر عام 2012.