* تايمز: مبارك وصل مستشفى شرم الشيخ مصابا باكتئاب حاد وقضى وقته يشاهد مباريات كرة القدم وتجنب مشاهدة الأخبار * المخلوع قال للأطباء: “أنا أول رئيس يوافق على مغادرة منصبه: أخبرونى أن أتنحى فتنحيت * المناوي: تعديل جمال الخطاب الأول لمبارك كانت المقامرة النهائية في “مشروع التوريث” * سوزان قفزت من الطائرة قبل إقلاعها من القصر وركضت لداخله لتنهار باكية.. والمسئولون اعتقدوا أنها نسيت أحد أغراضها الثمينة * زوجة مبارك سألت الحراس في ذعر وهي منهارة: هل تعتقدون أنهم يمكنهم أن يأتوا إلى هنا؟ ترجمة- شيماء محمد: كشف عبد اللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار السابق بالتليفزيون المصري فى كتاب تحت عنوان ” الأيام الأخيرة لمبارك..18 يوما “, تفاصيل كواليس الساعات الأخيرة لحكم المخلوع, واهتمت صحيفة التايمز البريطانية بعرض ما تناوله الكتاب من خلال تحقيق مطولا بعنوان ” الأيام الأخيرة لآخر فرعون في مصر”. وقالت الصحيفة إن حسنى مبارك , قبل عام هو كان ” فرعون مصر ” , كان الحاكم المطلق ل 80 مليون نسمة, مضيفة أمس ، تم نقله الى قاعة المحكمة فى القاهرة على سرير بعجلات فى محطته الأخيرة من المحاكمة التي فيها يناضل من أجل حياته ، وهى الحياة التي انقلبت رأسا على عقب بواسطة الربيع العربي . وتكشف روايات من مصادر داخلية مطلعة عن الساعات الفوضوية الأخيرة من حكم الرئيس المخلوع الذي أستمر لمدة 30 عاما ، وعن أشهر متعاقبة من الانحدار ، حيث انتهى به الأمر منزويا في غرفة صغيرة في مستشفى, وإلى جانبه طوال هذه الأحداث الصاخبة كانت زوجته سوزان- ابنة ممرضة ويلزية وجراح مصري- التى أبقت مصر وبقية العالم ينتظر خلال هذه اللحظة الحاسمة لاستقالة زوجها, حيث أنها كانت تبكى بصورة لا يمكن السيطرة عليها على أرضية الفيلا الرئاسية، رافضة المغادرة . ففي اليوم الذي أجبر فيه زوجها على التخلي عن منصبه ، انضمت السيدة سوزان مبارك الى ابنيها جمال وعلاء ، في الطائرة الهليكوبتر لنقلهم إلى المنفى الداخلي في شرم الشيخ. ولكن مع حركة دوران مراوح الطائرة ، قفزت وركضت عائدة الى الفيلا . المسئولون الموجودون المستعجلين الذين نفذ صبرهم ظنوا انها نسيت شئ من مجوهراتها أو فستان مفضل لها . لكن في الواقع ، هى قد عادت الى المنزل وانهارت. الحراس الذين أخيرا أخرقوا البروتوكول واقتحموا الفيلا وجدوها مستلقية على الأرض، ممتلئة بالحزن، ومحاطة بمجموعة صغيرة من الحلي وسجلات خاصة بحياتها . الساعات الاخيرة للنظام تم ذكرها بشكل مفصل في كتاب المناوي, الذي لعب دورا رئيسيا في صياغة خطاب التنحي, ويقول عبد اللطيف المناوى فى كتابه أن الحراس أضطروا الى التقاط زوجة الرئيس السابق من على الارض وحملوها فى جولة في الفيلا حيث كانت تجمع ممتلكاتها القليلة التي لا يمكنها التخلى عنها. ويضيف المناوى انها ” في حزنها العميق , ظلت تكرر نفس العبارة ، مرارا وتكرارا ، وهى: “كان عندهم سبب”, وعندما تمالكت نفسها بما فيه الكفاية ، ألتفتت للحراس ، وسألتهم في حالة من الذعر : هل تعتقدون أنهم يمكنهم أن يأتوا الى هنا ؟ , أرجوكم ، لا تدعوهم يأتون الى هنا! أرجوكم ، لا تدعوهم يدمرون الفيلا ، أنتم يمكنكم البقاء هنا في الفيلا ... أرجوكم ، قوموا بحمايتها. “ طوال هذا الوقت , كان المناوى في مكتبه ينتظر أمر ببث الشريط الذي سيعلن استقالة الرئيس . يقول المناوى “رغم انه لم يكن أحد يعرف بذلك في ذلك الوقت ، الا أن البلد بأكملها كانت في انتظار سوزان مبارك فى حين هى كانت تبكى في قصرها الخالى “. البث النهائى كان فوضوى . فقد قرر مبارك أن بيان الاستقالة المقتضب ينبغي أن يلقيه عمر سليمان ، نائب الرئيس ، وتم الاتفاق على هذا مع المشير طنطاوي ، رئيس المجلس العسكري الذي كان سيتولى المسؤولية. لم يكن هناك وقت لنقل سليمان الى استوديو التلفزيون. فتم وضع كاميرا في الممر خارج مكتبه لقراءة البيان الذى مدته 37 ثانية . ويكشف المناوى سر هذا الرجل الغير معروف الذى كان واقفا وراء سليمان ، تم الاعتقاد من قبل الكثيرون في ذلك الوقت انه يكون وسيط غامض لنقل السلطة أو ضابط استخبارات. والحقيقة هى انه كان كبير مساعدى سليمان ، والذي قد ظهر فى المشهد عن طريق الخطأ . يقول المناوى “ الامر كان مؤسفا بالنسبة لهذا لرجل – هو كان في المكان الخطأ في الوقت الخطأ “. مع اشتداد الأزمة على مدى 18 يوما بعد اندلاع التمرد في 25 يناير العام الماضي , يقول المناوى أن المحيطين بمبارك وحاشيته قد أصيبوا بحالة شلل وعدم قدرة على اتخاذ القرار . وباعتباره مديرا لتلفزيون الدولة ، كان المناوى باستمرار يتلقى أوامر متناقضة من وزير الإعلام والسلطات العسكرية ومساعدي مبارك ، وخصوصا ابنه الطموح جمال. جميعهم أرادوا ان يقوم التلفزيون باذاعة بيانات لا تحمل اى واقعية لسلطة الحكومة المتداعية , والوضع في ميدان التحرير ، بؤرة الاحتجاجات . بعد أسبوعين من المظاهرات المتزايدة، أدرك المناوي أن موقف مبارك كان لا يمكن الدفاع عنه. ولكن لم يجرؤ أحد أن يقول له هذا. لذلك أقنع المناوى كبار ضباط المخابرات ان يطلبوا من أنس الفقي, وزير الإعلام القوي الذي كان مبارك يعامله كابنه الثالث، أن يطلع الأسرة الحاكمة على ما كان يجري . وتحدث ضباط المخابرات لمدة 90 دقيقة, ويتذكر المناوي أن ”واحدا منهم حاول تشجيعي، وقال لي إن القرآن الكريم ذكر مصر خمس مرات، في حين ذكر مكة مرتين فقط . وقال انه اذا كان الله ذكر مصر خمس مرات في القرآن الكريم , فالله سيحميها. هذا الرجل ، الذى موجودا في أعلى مستويات مؤسسة المخابرات المصرية ، كان يقول لي أنهم كانوا في انتظار معجزة ، لكن بالتأكيد لم يكن هذا الوقت هو وقت معجزات على الإطلاق” . ذهب المناوى الى مكتب أنس الفقي ، وأبلغه أن الرئيس مبارك ينبغى أن يظهر على الهواء في ذلك اليوم وبدأ في كتابة الخطاب الذى سيلقيه الرئيس. أخذ الفقى هذه الملاحظات ثم اتصل بجمال ، موضحا له خطورة الوضع . أصر المناوى على أن الخطاب ينبغي الانتهاء منه بحلول الساعة الرابعة عصرا . وطلب الجيش بعد ذلك أن التلفزيون الرسمي يذيع ”بيان رقم 1′′ , حيث كان إشارة واضحة إلى أن الجيش يضع ضغوطا على الرئيس. وكانت مصر كلها ، بما في ذلك المتظاهرين في ميدان التحرير، تتوقع خطاب الاستقالة . الآلاف كانوا خارج مبنى التلفزيون، يهتفون ويحتجون, وكان معظم الموظفين قد فروا, وحتى بعد الساعة العاشرة مساءا، لا يزال لم يكن هناك اي علامة على وجود مبارك في الأستوديو في القصر الرئاسي . وقال المناوى ” ما أصابني بالذعر الكامل، أن جمال ظهر يتحرك حول وأمام الكاميرا ، كان أمرا لا يصدق , انا لم استطع أن أصدق عيني ، ثم اختفوا تماما” ، ويضيف أن ”مبارك أخيرا ظهر في الصورة بعد 20 دقيقة ، يحيط به ولداه الاثنان وأنس والمتحدث باسمه ، ثم بدأ مبارك القراءة، ووقع في أخطاء، تم توقف وبدأ مرة أخرى. هم أوقفوه ليعدلوا ربطة عنقه ثم قرأ بقية الخطاب، وصافح من حوله وغادر. عندما انتهى الخطاب, أنا كان لدى شعور قاتم في معدتي، هذه كانت النهاية. الخطاب كان مروعا ، كان أسوأ خطاب قدمه في حياته ، كان متعجرفا. فالخطاب كان كارثة ”. ويضيف : ”وفور بث الخطاب , بدأ المحتجون في انحاء البلاد يطلقون غضبهم، ويصرخون في السماء ليلا.” يبدو أن جمال قام بالتعديل فى الخطاب الذي كان من المفترض أن يقرأه والده، وحذف كل المقاطع التي كانت تتحدث عن الاستقالة. كانت هذه هى المقامرة النهائية في ”مشروع التوريث” من قبل جمال ووالدته ، حتى يستطيع ان يخلف والده كرئيس للبلاد . في اليوم التالي , نمت الاحتجاجات, وكانت الحشود تحاول اقتحام مبنى التلفزيون, وانتشرت شائعات أن مبارك ليس في القاهرة بل فى شرم الشيخ أو المملكة العربية السعودية. وقبل منتصف النهار، أتصل متحدث بأسم الجيش بالمناوى ليقول له أن التلفزيون يجب أن يذيع بيانا لمغادرة مبارك. بعد فترة وجيزة ، أستقل مبارك طائرة هليكوبتر الى شرم الشيخ. ويقول المناوى انه قبل مغادرة الرئيس المخلوع, سأله سليمان عما اذا كان يريد الذهاب إلى الخارج في أي مكان, فأجاب مبارك: “لا, أنا لم أفعل شيئا خطأ، وأريد أن أعيش في هذا البلد، وسوف أعيش في هذا البلد ما تبقى من حياتي”. ووصل الى شرم الشيخ، واتصل بالمشير طنطاوي وأخبره انه الآن سيتولى المسؤوليه . في النهاية، وصل المتحدث باسم الجيش الى أستوديو التلفزيون مع الشريط للإعلان عن استقالة مبارك رسميا -ولم يكن يمكن بث أى كلمة من هذا الشريط الى أن غادرت سوزان مبارك وابناها من القاهرة . المناوى أذاع الشريط : كانت ”العواطف تتأجج وبعض الموظفين في الاستوديو كانوا يبكون . كان الاجهاد والضغط قد طغى عليهم ، وفجأة، في 37 ثانية ، تم رفع الحمل بأكمله من على أكتافهم ” . وبذلك أنتهى عهد مبارك . وقالت مصادر قريبة من الرئيس المخلوع لصحيفة التايمز انه عندما وصل الى المستشفى التى كانت تحت حراسة في شرم الشيخ , عانى الديكتاتور المخلوع من اكتئاب حاد وقضى الكثير من وقته يشاهد مباريات كرة القدم المسجلة وتجنب مشاهدة الأخبار . وأضافوا: “كان ضعيفا للغاية، وأصيب بنوبة قلبية خفيفة وكان تعافى بالفعل من عملية ازالة ورم خبيث في الأمعاء، وأصبحت صحة مبارك ( 82 عاما ) أضعف من أي وقت مضى، بالكاد كان يأكل ويشرب، ورفض مغادرة غرفته ، التي كان لها نافذة واحدة صغيرة. وقالت المصادر: “في نهاية المطاف، استجاب المريض، وقال لنا ”أنا أول رئيس مصري على الاطلاق يوافق على مغادرة منصبه, وقال : أخبرونى أن أتنحى , وأنا تنحيت “. وعندما تم نقله جوا الى القاهرة لمثوله أمام المحكمة في شهر أغسطس، دخل قاعة المحكمة على سرير طبى بعجلات ، غير قادر حتى على الجلوس لفترة طويلة من الوقت. وقال مسؤولون انه لم يصطنع حالته. فبعد عدة أشهر في السرير , ضعفت عضلاته . في الأسبوع الماضي ، طالب الادعاء العام إلى اصدار حكم الاعدام كعقوبة فى ما هو متهم به فى انه أمر قواته بفتح النار على المتظاهرين .