مصر على الأرجح تجلس على ثروة ضخمة من الموارد المعدنية، بما في ذلك الذهب والفضة والزنك والنحاس، لكنها غير مستغلة حيث تواجه مشكلة الوقت لاستقطاب الشركات لاستكشافها، ناهيك عن بدء الإنتاج للاستفادة الفعلية من هذه الموارد. إلى جانب الإجراءات الروتينية المعقدة، يشكو المستثمرون من أن قانون التعدين المصري أقل عدالة؛ شروط الحكومة لا تضمن تحقيق أرباح كافية لتبرير إنشاء عمليات مكلفة جدا مع فترة استرداد طويلة الأجل. لذلك الحكومة بحاجة للاستماع للمستثمرين. أهملت مصر إلى حد كبير إمكانات ثروتها المعدنية منذ أوائل الستينات، على الرغم من التقدم الهائل في تكنولوجيا استخراج المعادن في أجزاء أخرى من العالم. نظمت البلاد مناقصات لاستخراج المعادن ما بين عامي 2006 و 2009، ولكن الاستجابة كانت فاترة في أحسن الأحوال حيث اعتبرها المستثمرون غير مجدية على المستوى العملي. فالشركات التي حصلت على الامتيازات كان مطلوب منها تشكيل مشاريع مشتركة مع الحكومة في اتفاقية تقاسم الإنتاج، بحيث تحصل الحكومة على 50 % من مجموع الإيرادات بشكل فوري، وعلاوة على ذلك، كان على الشركات منح الحكومة 3 % من الإنتاج، إلى جانب دفع إيجار على الأرض. هذه الصيغة هي الأقرب إلى التي تستخدمها مصر لامتيازات النفط والغاز، وهي صيغة تقول عنها شركات التعدين أنها ليست مناسبا لنهج أعمالهم، حيث أن النفط والغاز عادة ما يتطلبوا استثمارا أوليا كبيرا، ولكن بعد ذلك تنخفض التكاليف بشكل كبير بمجرد أن يتم الاكتشاف والإدخال في عملية الإنتاج. على العكس، التعدين لا يتطلب فقط استثمارا أوليا كبيرا، ولكن أيضا ضخ تكاليف مرتفعة بشكل مستمر حتى بعد اكتشاف المنجم. لذلك يرى المتخصصين في مجال التعدين أن مصر يجب أن تقدم نظاما أبسط وأكثر مرونة للضرائب والنسب والإيجارات، مماثل لذلك المستخدم في الدول الناجحة في مجال التعدين مثل أستراليا وتنزانيا والمكسيك وبيرو، التي يعمل بها الآن ما يقرب من مائة شركة تعدين. كما يرغبون أيضا من مصر توفير فترات أطول للتنقيب. مصر تملك مقومات تجعلها تصبح دولة تعدينية كبرى. في الصحراء الشرقية وسيناء ينتشر مئات المواقع التعدينية القديمة، ومع شروط أفضل للشركات سوف يتم تسريع استكشاف الأراضي والاستفادة من هذه الثروات التي كانت بعيدة عن متناول تقنيات الاستخلاص المستخدمة في العصور القديمة. إذا دخلت مزيد من شركات التعدين في مصر، الحكومة لن تجمع فقط المزيد من العائدات والأرباح ولكن أيضا سوف تكون قادرة على جمع أموال من خلال فرض ضريبة على مجموعة واسعة من شركات الخدمات والشركات الأخرى المعاونة التي بالتأكيد ستزدهر حول هذه الصناعة. من بين الشركات المدرجة، شركتين فقط "سنتامين والكسندر النوبة"، يعملان الآن في مصر. منجم الذهب المنتج الأول والوحيد على نطاق واسع في مصر هو منجم السكري الذي أعلنت عنه شركة "سنتامين إيجيبت" بالقرب من مرسى علم وبدأ إنتاجه عام 2009. إذا كانت مصر قد اعتمدت نموذجا أكثر ملائمة للمستثمر قبل 20 عاما، كان يمكن أن تكون قادرة على ركوب موجة التوسع العظيم للصين في استهلاك المعادن. يبدو أن الحكومة المصرية على علم أنها تحتاج إلى تغيير شروطها. ففي أواخر عام 2014، أصدرت الحكومة قانون التعدين الجديد الذي يهدف إلى تبسيط الإجراءات. كما ذكرت صحيفة "المال" أن اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء استعرضت إمكانية إدخال تعديلات على اللائحة التنفيذية لقانون التعدين لتشجيع الاستثمار في مجال التعدين والمحاجر. جدير بالذكر أن كثيرا من المصريين يرتابون بشدة من أن الشركات الأجنبية تحقق ثروات طائلة من خلال استغلال مناجم الذهب المصرية. ولكن إذا استطاعت الحكومة لعب دورها المنظم والمروج والمشرف بشكل جيد مع أنظمة ضريبية ونسب ربحية تنافسية سليمة، ستكون قادرة على تحقيق الأرباح وزيادة العائدات بشكل كبير في حين تجعل العمل مجدي بالنسبة للمستثمرين. باتريك وير – ذا ناشيونال