على أنغام أوتاره التي ملأت الشوارع محبة وصفاء وسلامًا قدم فنه بحب، دون النظر إلى المقابل المادي الضعيف الذي يتقاضاه على عزفه، يطوف شوارع الصعيد والابتسامة لا تفارق وجهه، ولا يبالي بحرارة صيف ولا برودة شتاء.. مقابل عائد قد لا يكون ماديًّا، كأكلة بسيطة؛ لذا لقب بفنان الفقراء. تقابلت "البديل" مع عازف الربابة؛ ليحكي تجربة عشقه للربابة، التي ترك التعليم بسببها.. يقول عماد فوزى، البالغ من العمر 30 عامًا، والمقيم بقرية دشلوط التابعة لمركز ديروط بأسيوط "بقدر ما ندمت على ترك التعليم في الصغر، بقدر سعادتي بتعلم العزف على الربابة التي تشاركني أفراحي وأحزاني، وهي سبب جلب الرزق لي، بعد أن أتقنت فنون استخدامها في الصغر، حتى ذهبت للتدريب في قصر الثقافة بمركز القوصية، وبعدها إلى ملوي، وتم اكتشاف موهبتي على يد جمال مسعدمدير فرقة الفنان مدحت فوزي، وعملت عازفًا فى الأفراح، وفي بداية الأمر فاجأني أحد الحضور بأنه يريد أن يسمع مقطعًا للسيدة أم كلثوم، وعزفت المقطع، ونال إعجاب كل أعضاء الفرقة والحضور". وتابع "ذهبت مع الفرقة في حفلات بجميع المحافظات، منها الإسكندرية والإسماعيلية ومعظم مناطق الصعيد". وعن أشكال الربابة قال عماد "منها الصندوق الخشبي المستطيل، وهي الربابة السعودية السائدة في جزيرة العرب، ومنها ما هو على شكل بيضاوي، وهو السائد في المغرب العربي، ومنها ما هو على شكل دائري، وهو المنتشر في العراق ومصر، ومنها ما هو على شكل الكمنجة، وأشكال هندسية كثيرة". وأضاف "هناك ربابة تصنع من التنك، وخاصة جالون الزيت، وربابة كانت تصنع قديمًا من شن الجلدة، شن القربة. وكما هو معروف وفي المصطلح العامي الآلة مكونة من القب والذراع والقوس. في السابق كانت تصنع من عسيب النخيل أو خشب الأثل أو الخيزران. أما الوتر فمصنوع من السلك المعدني، والوتر الطبيعي من ذيل الفرس أو الحصان، وتربط أطرافه بخيط حرير". وأشار عماد إلى أن الربابة لديها جمهورها الخاص، بعد عشق الكبار من أهالي الصعيد للسيرة الهلالية، التى كانت تلحن على الربابة، مؤكدًا أنها من الآلات الموسيقية الهامة بالصعيد، التي لا يمكن الاستغناء عنها، رغم التطور الذي يشهده المجال الموسيقي.